بلغ معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي في الصين 5.4% خلال الربع الأول من عام 2025، وفقاً للأرقام التي أعلنتها بكين أخيراً. وهو رقم يتجاوز الهدف الحكومي البالغ «نحو 5%»، ما دفع وسائل الإعلام الصينية إلى الإشادة بهذا الإنجاز. لكن صحيفة «نيويورك تايمز» ترى أن هذا الانتعاش يعود في الأساس إلى تسارع الشركات الصينية في تصدير منتجاتها قبل دخول الرسوم الجمركية الجديدة حيّز التنفيذ.
وفي تقريرها الصادر يوم الأربعاء 16 أبريل، أعلنت الهيئة الوطنية الصينية للإحصاء أن هذا النمو «تحقق بفضل التوجيه الصارم للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، بقيادة الرفيق شي جين بينغ». وبلغ الناتج المحلي الإجمالي 31.875 تريليون يوان، أي بزيادة سنوية قدرها 5.4% بأسعار ثابتة، و1.2% مقارنةً بالربع السابق.
بحسب التقرير الرسمي، فإن الوضع الاقتصادي في الصين مطمئن للغاية، في تناقض صارخ مع أجواء التشاؤم السائدة في بقية أنحاء العالم، نتيجة «الحرب الجمركية» التي أطلقها الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
ويعدد التقرير تسعة مؤشرات إيجابية، من بينها: أداء قوي في القطاع الزراعي وتربية المواشي، تسارع نمو الإنتاج الصناعي، وازدهار في قطاع تصنيع المعدات والتكنولوجيا المتقدمة. كما شهد قطاع الخدمات نمواً ملحوظاً، إضافة إلى ارتفاع في الاستهلاك، والاستثمارات الثابتة، وحجم التجارة الخارجية، ودخول الأسر. أما أسعار المستهلك فظلت مستقرة، مع انخفاض طفيف في معدل البطالة في المدن.
القطاع الوحيد الذي لا يزال يعاني هو العقارات، حيث انخفضت الاستثمارات فيه بنسبة 9.9% خلال عام، وفقاً لصحيفة «نيكي» الاقتصادية بنسختها الصينية، التي وصفت هذا القطاع بأنه «لا يزال راكداً».
وترى صحيفة «نيويورك تايمز» أن هذا النمو القوي ناتج عن سباق الشركات الصينية لتصدير منتجاتها قبل فرض القيود التجارية الأميركية. وتقول إن «الزيادة في الصادرات، إلى جانب الاستثمارات والإنتاج الصناعي المرتبط بها، هي التي دفعت النمو في هذا الربع». كما أشارت إلى أن مبيعات السيارات الكهربائية سجلت نتائج قوية بفضل الدعم الحكومي للمشترين.
لكن الصحيفة حذّرت من أن الرسوم الجمركية التي تعتزم الولايات المتحدة فرضها اعتباراً من أبريل قد تؤثر بشكل كبير على صادرات الصين في المستقبل.
ورغم التفاؤل الذي عبّرت عنه الهيئة الصينية للإحصاء، فإن «نيويورك تايمز» نقلت توقعات قاتمة، مشيرة إلى توقف نشاط بعض المصانع في جنوب البلاد، ما أثار مخاوف من تزايد البطالة. كما لاحظت الصحيفة «توخي الحذر المتزايد» لدى المستهلكين الصينيين، الذين باتوا يتصرفون بقدر كبير من الاقتصاد في إنفاقهم، حتى على المواد الغذائية.
وفي مقابلة مع وسيلة الإعلام الاقتصادية «فيرس فايننس»، قال وو تشاومينغ، كبير الاقتصاديين في شركة «كايسن المالية»، إن السياسة الاقتصادية الكلية في الصين «دخلت في مرحلة تركيز الجهود» بدءاً من الربع الثاني من العام، وتركز على «تحفيز الاستهلاك، واستقرار سوق العقارات والبورصة، وتعزيز دور القطاع الخاص».
من جهته، دعا لوو تشيهنغ، كبير الاقتصاديين في «يوكاي»، إلى تنشيط الطلب المحلي لمواجهة ما وصفه بـ«الاضطرابات الخارجية» التي تمثلها «الرسوم الجمركية المتبادلة» التي فرضتها واشنطن.