logo
اقتصاد

«حرب الرقائق» تشتعل.. هل تلفظ «الهدنة الهشة» أنفاسها الأخيرة؟

«حرب الرقائق» تشتعل.. هل تلفظ «الهدنة الهشة» أنفاسها الأخيرة؟
صورة تجمع الرئيس الأميركي دونالد ترامب والرئيس الصيني شي جين بينج ضمن قمة زعماء مجموعة العشرين في أوساكا، اليابان، يوم 29 يونيو 2019.المصدر: رويترز
تاريخ النشر:29 مايو 2025, 09:37 ص

في أحدث تصعيد من إدارة الرئيس الأميركي لحرب الرقائق المشتعلة بين قطبي الاقتصاد العالمي، كثفت واشنطن من الهجوم على بكين لخنق وصول الرقائق فائقة الدقة إلى الشركات الصينية، في خطوة جديدة بعد القرار المتعلق بقيود التصدير على رقائق «إنفيديا»، والتي تأتي بعد قرار بكين فرض القيود على صادرات المعادن الأرضية النادرة التي تدخل في صناعة الرقائق.

في المقابل لوحت بكين بنقض الهدنة الهشة، التي جمعت بين الطرفين، وأشارات إلى أنه رغم الاتصال المستمر بين الجانبين، إلا أن الصين تركز حاليا على القرارات أحادية الجانب التي تتخذها الإدارة الأميركية بهدف تقويض تدفق سلاسل إمداد الرقائق إلى الشركات الصينية.

في وقت سابق من هذا الشهر، زاد تضيق الخناق بين القطبين فيما يتعلق بتكنولوجيا الرقائق، والتي توجتها الأزمة الحاصلة بسبب شريحة للذكاء الاصطناعي طورتها شركة «هواوي» والتي تعد شريحة بديلة لشرائح (H20) منتج «إنفيديا» الأكثر استخداما في الصين.

شد وجذب

قالت وزارة التجارة الصينية اليوم الخميس، إن الصين والولايات المتحدة أبقيتا على اتصالات على مختلف المستويات منذ اجتماع الجانبين لإجراء محادثات في جنيف هذا الشهر.

قال متحدث باسم الوزارة في مؤتمر صحفي دوري إن الصين تركز في الآونة الأخيرة على ما تعتبره إساءة استخدام الولايات المتحدة لقيود التصدير في قطاع أشباه الموصلات في المفاوضات.

وفي بيان سابق أدانت بكين اليوم الأربعاء، ضوابط تصدير أشباه الموصلات الأميركية الجديدة، واصفةً إياها بـ«التنمر»، وتعهدت باتخاذ إجراءات مضادة للقيود التي تحد من وصول الصين إلى الرقائق عالية التقنية وسلاسل التوريد. 

حذرت وزارة التجارة الصينية في بيان اليوم من أن الإجراءات الجديدة تقوض سلسلة صناعة أشباه الموصلات العالمية.

أخبار ذات صلة

بعد مفاجأة «إنفيديا» و«حكم إبطال التعريفات».. أين تذهب «وول ستريت»؟

بعد مفاجأة «إنفيديا» و«حكم إبطال التعريفات».. أين تذهب «وول ستريت»؟

هجوم مكثف 

كشف تقارير أميركية، أن الولايات المتحدة علقت بعض مبيعات التقنيات الأميركية المهمة للصين، بما في ذلك تلك المتعلقة بمحركات الطائرات لشركة «كوماك» الصينية المملوكة للدولة والمصنعة للطائرات.

وتنتج «كوماك» طائرات تجارية لمنافسة صانعي الطائرات المهيمنين «إيرباص» و«بوينغ»، لكن الصين لا تملك حتى الآن محركات محلية الصنع مناسبة ولا تزال تعتمد على الواردات.

وفقا للتقارير جاءت الخطوة الأميركية الأحدث ردا على القيود التي فرضتها الصين في الآونة الأخيرة على صادرات المعادن المهمة إلى الولايات المتحدة.

تعليق ومعارضة

قالت وزارة التجارة الأميركية في بيان إنها تراجع الصادرات ذات الأهمية الاستراتيجية إلى الصين،  وأضافت : «في بعض الحالات، علقت الوزارة تراخيص التصدير الحالية أو فرضت متطلبات ترخيص إضافية بينما لا تزال المراجعة جارية».

في حين قال متحدث باسم السفارة الصينية في واشنطن في بيان: «تعارض الصين بشدة مبالغة الولايات المتحدة فيما يتعلق بمفهوم الأمن القومي واستغلال قيود التصدير وعرقلة وقمع الصين بطريقة عدائية».

في غضون ذلك كشف مسؤول في وزارة التجارة الاميركية أن الوزارة علقت بعض التراخيص التي تسمح للشركات الأميركية ببيع منتجات وتكنولوجيا لشركة «كوماك» لتطوير طائراتها من طراز (سي919).

تصرف عدائي

في خطوة تُصعّد جهود واشنطن لعرقلة طموحات بكين في مجال أشباه الموصلات، أصدرت إدارة ترامب توجيهاتٍ لشركات برمجيات تصميم الرقائق الأميركية الكبرى، بما في ذلك «سينوبسيس»، و«كادنس ديزاين سيستمز»، و«سيمنز إي دي إيه»، بوقف مبيعاتها للعملاء الصينيين.

وقال متحدث باسم وزارة التجارة إن الوزارة تراجع الصادرات ذات الأهمية الاستراتيجية إلى الصين، مشيرا إلى أنه في بعض الحالات، علقت وزارة التجارة تراخيص التصدير الحالية أو فرضت متطلبات ترخيص إضافية أثناء انتظار المراجعة.

أصدر مكتب الصناعة والأمن الأميركي التوجيه للشركات، وقال مسؤول في وزارة التجارة إن القواعد التي تقيد تصدير أدوات برمجيات «إي دي إيه»  EDA إلى الصين كانت قيد الدراسة منذ إدارة ترامب الأولى، لكن تم استبعادها باعتبارها عدوانية للغاية.

المعادن النادرة

يأتي التضيق الأميركي في تصدير الرقائق، بعد أن أدرجت الصين في أبريل سبعة معادن نادرة ومنتجات ذات صلة على قائمة مراقبة الصادرات، مما أجبر جميع المصدرين على التقدم بطلبات للحصول على تراخيص، بغض النظر عن جنسية العملاء في الخارج.

ورغم منح بعض التراخيص منذ ذلك الحين لمصدري مغناطيسات المعادن النادرة، المستخدمة في صناعات أشباه الموصلات والسيارات والدفاع، فإن عملية الترخيص المعقدة قد تستغرق شهوراً، وقد تسببت بالفعل في إرباك سلاسل الإمداد.

أزمة «آسيند»

مع حظر الولايات المتحدة بيع شرائح H20 من شركة «إنفيديا» المخصصة للصين، أطلقت «هواوي» معالج آسيند (Ascend 910c) الذي ينطر إليه على انه الأقوى الآن كخيار أكثر جاذبية في السوق الصينية.

في المقابل هددت الولايات المتحدة بتوقيع عقوبات جنائية على الكيانات التي تستخدم هذه الرقائق، لأن الأمر يُعد في وجهة نظرها انتهاكاً لضوابط الصادرات الأميركية، وقال مكتب الصناعة والأمن :«من المرجح أن هذه الرقائق تم تطويرها أو إنتاجها في انتهاك لضوابط التصدير الأميركية».

دفع التهديد الأميركي وزارة التجارة الصينية إلى التحذير من أن أي منظمة أو فرد ينفذ أو يساعد في تنفيذ مثل هذه التدابير" قد يكون منتهكا للقانون الصيني، وقالت الوزارة في بيان: «هذه الإجراءات تضر بشكل خطير بالحقوق والمصالح المشروعة للشركات الصينية وتعرض مصالح التنمية الصينية للخطر».

تنمر وحمائية

رغم الهدنة بين الطرفين أصدرت وزارة التجارة الأميركية بيانا، ذكر أن سياستها تهدف إلى مشاركة تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي الأميركية مع الدول الأجنبية الموثوقة في جميع أنحاء العالم، مع إبقاء التكنولوجيا بعيدًا عن أيدي خصومنا.

فيما قالت وزارة التجارة الصينية في بيان إن الإجراءات الأميركية نموذجية للتنمر الأحادي والحمائية، والتي تقوض بشكل خطير استقرار سلسلة صناعة أشباه الموصلات العالمية وسلسلة التوريد.

جاء ذلك بعد أن كشفت واشنطن الأسبوع الماضي عن إرشادات جديدة تحذر الشركات من أن استخدام أشباه الموصلات عالية التقنية للذكاء الاصطناعي المصنوعة في الصين.

كان من أبرز أشباه الموصلات عالية التقنية التي طالها التحذير الأميركي شرائح «أسيند»  Ascend التي تنتجها شركة التكنولوجيا العملاقة «هواوي»، من شأنه أن يعرضها لخطر انتهاك ضوابط التصدير الأميركية.

أخبار ذات صلة

ترامب يهدد بنسف الهدنة.. هل ترد بكين أو تكتفي بـ«حكم إبطال التعريفات»؟

ترامب يهدد بنسف الهدنة.. هل ترد بكين أو تكتفي بـ«حكم إبطال التعريفات»؟

نسف الهدنة

في الأسبوع الماضي، حثت الصين الولايات المتحدة على تصحيح أخطائها على الفور ووقف الإجراءات التمييزية بعد أن أصدرت الولايات المتحدة إرشادات تحذر الشركات من استخدام شرائح الكمبيوتر المتقدمة من الصين، بما في ذلك شرائح «آسيند إيه آي» من شركة «هواوي» الصينية.

وقالت وزارة التجارة الصينية في بيان إن الإجراء الأميركي قوض بشكل خطير التوافق الذي تم التوصل إليه في المحادثات الثنائية رفيعة المستوى في جنيف، وتعهدت باتخاذ إجراءات حازمة إذا استمرت الولايات المتحدة في الإضرار بشكل كبير بمصالح الصين.

فيما اتهمت الصين الولايات المتحدة بتقويض اتفاق التجارة الأولي بين البلدين بعد أن أصدرت الولايات المتحدة تحذيرا صناعيا ضد استخدام الرقائق الصينية التي استهدفت شركة «هواوي» على وجه الخصوص .

أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية تشاو لي جيان أنه إذا أصرت الولايات المتحدة على طريقتها الخاصة واستمرت في إلحاق ضرر كبير بمصالح الصين، فإن الصين ستتخذ تدابير حازمة لحماية حقوقها ومصالحها المشروعة، وقال :«الصين تحث الولايات المتحدة على تصحيح ممارساتها الخاطئة على الفور ودون تأخير».

خسائر «إنفيديا»

جنبا إلى جنب وصف جينسن هوانغ، الرئيس التنفيذي لشركة «إنفيديا» ضوابط الرقائق الأميركية المفروضة على الصين بأنها فاشلة، ولم تمنع الصين من الوصول إلى التكنولوجيا فائقة الجودة. 

أدت القيود الجديدة التي فرضتها الحكومة الأميركية على صادرات الرقائق إلى الصين، والتي أثرت على شريحة H20 المصممة خصيصاً لشركة  «إنفيديا»، إلى خسارة كبيرة في مخزون الشركة بلغت 5.5 مليار دولار.

الصين أوروبا

في محاولة منها لفك الحصار وجذب حلفاء جديد، عُقد أول أمس اجتماع مائدة مستديرة لشركات أشباه الموصلات الصينية والأوروبية في المنبع والمصب في بكين، مع التركيز على التبادلات لتعميق التعاون في قطاع أشباه الموصلات بين الصين وأوروبا، وفقًا لبيان صادر عن وزارة التجارة الصينية (MOFCOM).

أكد الاجتماع على أن كلا من الصين وأوروبا تحتلان مكانة مهمة في سلسلة توريد أشباه الموصلات العالمية، وبالتالي، فإن تعزيز التعاون يصب في المصلحة المشتركة لكلا الطرفين، وفقًا لبيان وزارة التجارة الصينية.

فيما أكدت وزارة التجارة الصينية دعمها لشركات أشباه الموصلات الصينية والأوروبية في الاستفادة من نقاط قوتها التكاملية، وتعميق التعاون وفقًا للقوانين واللوائح، ومعارضة الأحادية والممارسات المهيمنة بحزم، والسعي للحفاظ على أمن واستقرار سلسلة توريد أشباه الموصلات العالمية.

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
تحميل تطبيق الهاتف
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC