خاص
خاصمحطة طاقة شمسية في الصين - رويترز

نصف إنتاج العالم.. الطاقة الخضراء في قبضة الصين

أكد خبراء الطاقة المتجددة أن الصين تحولت خلال السنوات الخمس الماضية، إلى "تنين" الطاقة الخضراء في العالم، وأنها قد تحقق أهدافها قبل موعدها المحدد، خاصة فيما يتعلق بالسيطرة على صناعة مكونات محطات الطاقة المتجددة، وهو ما يسبب خسائر فادحة لمنافسيها في أوروبا، وأميركا.

وتوقع الخبراء أن تحقق الصين أهدافها المعلنة في إنتاج الطاقة الخضراء بحلول 2025، أي قبل الموعد المحدد بـ5 أعوام، فيما أدت استثمارات الصين الكبيرة في تصنيع مكونات محطات الطاقة المتجددة، إلى زيادة المعروض منها عالميا بنسب ضخمة، ومن ثم انخفاض أسعارها بنسبة أكثر من 40%.

خبير الطاقة المتجددة، الدكتور عادل بشارة، أكد، في تصريحات لـ "إرم الاقتصادية"، أن الصين تحولت خلال أقل من 10 سنوات، من كونها أكثر الدول المسببة لانبعاثات الغازات الدفيئة، إلى دولة رائدة عالميا في إنتاج الطاقة المتجددة، وإن كانت لا تزال من كبار المتسببين في انبعاثات الغازات الدفيئة عالميا.

وتعد حملة الطاقة الخضراء في الصين جزءا من جهودها لتحقيق أهداف الكربون المزدوجة، التي تم وضعها في عام 2020، لاسيما أن الصين تعد أكبر مصدر لغازات الاحتباس الحراري، وتمثل نصف استهلاك الفحم في العالم.

الأهداف قبل موعدها

وكشف تقرير لمنظمة "غلوبال إينرجي مونيتور" الأميركية، أن الصين من المقرر أن تصل إلى هدفها المتعلق بإنتاج الطاقة المتجددة لعام 2030، والمتمثل في إنتاج 1200 غيغاواط، بحلول عام 2025، أي قبل الموعد المحدد بخمسة أعوام.

وأضافت المنظمة غير الحكومية، المتخصصة في متابعة مشروعات مزارع الرياح والطاقة الشمسية في العالم، أن الصين تعزز مكانتها كرائد عالمي في مجال الطاقة المتجددة، وربما تتجاوز أهدافها الطموحة في مجال الطاقة.

وأكد "بشارة" أن الصين تتحول لإنتاج الطاقة المتجددة، ليس لأسباب بيئية فقط، لكن لأسباب صحية أيضا، حيث ارتفعت الوفيات في عدد من المدن الصناعية الكبرى في الصين، بسبب التلوث.

الصين تحولت خلال أقل من 10 سنوات، من كونها أكثر الدول المسببة لانبعاثات الغازات الدفيئة إلى دولة رائدة عالميا في إنتاج الطاقة المتجددة
عادل بشارة - خبير في الطاقة المتجددة
الطاقة الشمسية

وقالت المنظمة إن إنتاج الصين من الطاقة الشمسية، وصل إلى 228 غيغاواط، في الربع الأول من 2023، وهو معدل أكبر من إنتاج بقية دول العالم مجتمعة، مشيرة إلى أن محطات إنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية في الصين، تتركز في المقاطعات الشمالية والشمالية الغربية للبلاد، مثل شانشي وشينغيانغ.

وأضافت أن هناك محطات طاقة شمسية قيد الإنشاء، سوف تضيف عند بدء إنتاجها، 379 غيغاواط أخرى، بما يمثل 3 أضعاف طاقة الإنتاج الموجودة في الولايات المتحدة، أو ما يقرب من ضعف تلك الموجودة في أوروبا.

وترى دوروثي مي، رئيسة المجموعة البحثية في "غلوبال إينرجي مونيتور"، أن البيانات الجديدة حول إنتاج الصين من الطاقة المتجددة، تؤكد الارتفاع المذهل في إنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية، وطاقة الرياح.

ولفتت المنظمة الأميركية، في تقريرها، إلى أن الصين خطت خطوات هائلة في إنتاج الكهرباء من طاقة الرياح؛ إذ تتجاوز طاقتها البرية والبحرية مجتمعة الآن 310 غيغاواط، أي ضعف مستواها في عام 2017، وتعادل تقريبا الدول السبع الأولى التالية لها، مجتمعة.

وتابعت أن هناك مشاريع جديدة لمزارع طاقة الرياح، في منغوليا الداخلية، وشينغيانغ وقانسو وعلى طول المناطق الساحلية، مع بدء إنتاجها، ستتم إضافة 371 غيغاواط أخرى إلى إنتاج الصين من الكهرباء.

استثمارات ضخمة ودعم حكومي

وأكد تقرير منظمة "غلوبال إينرجي مونيتور" الأميركية، أن التقدم الملحوظ الذي أحرزته بكين في توسيع مصادر الطاقة غير الأحفورية، يعود إلى مجموعة السياسات التي نفذتها الحكومة الصينية، بما في ذلك الإعانات السخية لتحفيز المطورين، وكذلك اللوائح للضغط على حكومات المقاطعات وشركات الطاقة.

وقال مارتن ويل، الباحث في منظمة "غلوبال إنرجي مونيتور"، ومؤلف التقرير، إن "الصين تخطو خطوات كبيرة"، ولكن مع استمرار سيطرة الفحم كمصدر طاقة مهيمن، تحتاج البلاد إلى تقدم أكثر جرأة في تخزين الطاقة، والتقنيات الخضراء لمستقبل طاقة آمن".

في المقابل، يرى "بشارة" أن الصين قامت بقفزات تكنولوجية في تصنيع مكونات محطات الطاقة المتجددة، سواء محطات الطاقة الشمسية، أو مزارع الرياح، كما أنفقت استثمارات ضخمة في تطوير مكونات التصنيع ما أدى لانخفاض تكلفة بناء محطات الطاقة الشمسية بنسبة تجاوزت 40%.

وأدت الاستثمارات الضخمة الصينية في الطاقة الخضراء إلى انخفاض أسعار البولي سيليكون الصيني، منذ بداية عام 2023، وهو لبنة بناء الألواح الشمسية، بنسبة 50%، وأسعار الألواح بنسبة 40%، وفقا لمتتبع البيانات OPIS، المملوك لـDow Jones.

وتعد شركة "تونغوي سولار "(Tongwei Solar) الصينية، أكبر شركة لتصنيع البولي سيليكون في العالم. وتهدد الاستثمارات الصينية الضخمة، في محطات الطاقة المتجددة، نمو الصناعات المماثلة في أوروبا، وأميركا.

بنصف الثمن

ورغم أن انخفاض أسعار المكونات لمحطات الطاقة المتجددة، وخاصة الشمسية، يساهم في تحقيق أهداف الأمم المتحدة للحد من الانبعاثات بصورة أسرع، إلا أن بشارة، يرى أن المصنعين الأميركيين والأوروبيين يشتكون من ذلك لارتفاع تكلفة إنتاجهم.

وبدلا من تخفيض تكلفة إنتاجهم، بدأ التفكير في فرض رسوم إغراق على المنتجات الصينية. وقد ارتفع حجم الصادرات الصينية من كل شيء، بدءا من البطاريات والسيارات الكهربائية إلى الألواح الشمسية، وتوربينات الرياح، الأمر الذي أثار احتجاجات في أوروبا والولايات المتحدة، حيث تحاول الأخيرة تنمية التصنيع المحلي لتكنولوجيا ومعدات إنتاج الطاقة النظيفة.

وقال يوهان ليندال، الأمين العام لرابطة صناعة تصنيع الطاقة الشمسية في أوروبا، إن الانخفاض الأخير في أسعار خلايا الطاقة الشمسية، يعني أن الألواح الصينية تباع بحوالي نصف تكلفة التصنيع لأعضاء الرابطة.

وأنفق الاقتصاد الصيني، مدعوما من الحكومة، ما يقرب من 80 مليار دولار على صناعة الطاقة النظيفة في عام 2022، أي حوالي 90% من إجمالي هذه الاستثمارات في جميع أنحاء العالم، وفقا لتقديرات وكالة "بلومبرغ إن إي إف".

وتؤكد أرقام وكالة الطاقة الدولية أن الإنفاق السنوي للصين على الطاقة الخضراء بشكل عام، زاد بأكثر من 180 مليار دولار سنويا منذ عام 2019.

في المقابل، هددت الولايات المتحدة بفرض رسوم مكافحة الإغراق، على الصادرات الصينية من معدات الطاقة المتجددة، وتنفيذ قانون منع العمل القسري في بعض المناطق، وهو الأمر الذي انتهى بمنع الألواح المصنوعة من البولي سيليكون الصيني من دخول أميركا.

Related Stories

No stories found.
إرم الاقتصادية
www.erembusiness.com