قرار حكومي مصري بوقف دعم شحن الإسمنت إلى إفريقيا
ليبيا الأعلى استيراداً للإسمنت المصري تليها فلسطين وسوريا
في الوقت الذي كبحت فيه قرارات حكومية حجم صادرات مصر من الإسمنت إلى أسواق إفريقيا، برزت دول عربية عدة كمحرك بديل للطلب، مدفوعة بزخم مشروعات إعادة الإعمار في سوريا وليبيا وفلسطين ولبنان.
وسجلت السوق السورية نمواً غير مسبوق في واردات الإسمنت المصري بنحو 1250% خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام الحالي لتصل إلى 15.6 مليون دولار، وفقاً لبيانات رسمية صادرة عن الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات في مصر.
وساهمت بذلك مع سواها من الأسواق العربية بتعويض التراجع الإفريقي، وحافظت على استقرار إجمالي صادرات القطاع وسط تباين جغرافي في اتجاهات الطلب.
لكن، رغم هذه الزيادة اللافتة في الطلب، شهد إجمالي صادرات مصر من الإسمنت نمواً طفيفاً بحدود 4% فقط مسجلاً 362 مليون دولار خلال الفترة المذكورة، بحسب البيانات التي حصلت عليها منصة «إرم بزنس».
وأرجع رئيس شعبة مواد البناء باتحاد الغرف التجارية في مصر، أحمد الزيني، هذا النمو المحدود إلى تراجع ملحوظ بصادرات الإسمنت المصري إلى الأسواق الإفريقية هذا العام إثر قرار حكومي بوقف دعم الشحن، ما يُبرز تباين الأداء الجغرافي لصناعة الإسمنت المصرية بين الأسواق الإقليمية والقارة السمراء.
بالمقابل، تجاوزت صادرات مصر من الإسمنت كمنتج نهائي 4.6 مليون طن خلال أول خمسة أشهر من العام الحالي، بنمو 155%، وفق بيانات أولية مجمعة من القطاع.
ورجح الزيني بتصريحات لـ«إرم بزنس» زيادة صادرات الإسمنت المصرية بنسبة كبيرة بنهاية العام الحالي، مدعومة بزيادة الطلب من الأسواق العربية، خاصة تلك التي تتطلع لتنفيذ مشروعات ضخمة لإعادة الإعمار مثل ليبيا، وسوريا.
قال رئيس شعبة مواد البناء باتحاد الغرف التجارية إن مصر تتلقى طلبات «غير عادية» لتصدير الإسمنت إلى السوق السورية منذ بداية العام الحالي، بالتزامن مع حالة الاستقرار النسبي في دمشق، وبدء التحضيرات الفعلية لمشروعات إعادة الإعمار.
ولفت إلى تلبية جزء جيد من الطلبات، نظراً لارتباط المصانع المصرية بعقود تصدير الإسمنت إلى وجهات أخرى، خاصة في ليبيا.
ورجح نمو الطلب السوري بوتيرة أسرع في النصف الثاني من 2025، وخلال العام المقبل، متوقعاً تجاوز قيمة صادرات الإسمنت المصري إلى سوريا حاجز 40 مليون دولار.
أشار رئيس الشعبة إلى أن الطلب على الإسمنت المصري حالياً لا يقتصر على سوريا فقط، بل يشمل أيضاً أسواقاً عربية أخرى مثل لبنان، وليبيا، وفلسطين، إلى جانب استمرار التصدير إلى الأسواق الأميركية والأوروبية.
وتصدرت ليبيا الدول الأعلى استيراداً للإسمنت المصري بنحو 55.3 مليون دولار، ونمو 48%، فيما استوردت فلسطين بقيمة 47.5 مليون دولار، ونمو 981% في أول 5 أشهر من العام الحالي.
لبنان أيضاً رفع وارداته من الإسمنت المصري 54% إلى 16.3 مليون دولار خلال الفترة المذكورة.
كشف الزيني عن تراجع ملحوظ في صادرات الإسمنت المصري إلى الأسواق الإفريقية، لاسيما ساحل العاج وغانا، إثر قرار حكومي حديث بوقف دعم شحن الإسمنت إلى إفريقيا، والذي كان يغطي نحو 80% من تكلفة النقل البحري.
رغم هذا التراجع، عوضت الطلبيات القوية من الأسواق السورية والليبية واللبنانية والفلسطينية الانخفاض في الطلب الإفريقي، ما أسهم في الحفاظ على مستويات الصادرات المصرية من الإسمنت خلال العام الجاري.
توقع عضو المجلس التصديري لمواد البناء والصناعات المعدنية في مصر وليد جمال الدين، استمرار الطلب السوري على الإسمنت المصري خلال الفترة المقبلة بالتزامن مع مشروعات إعادة الإعمار في سوريا.
وقال لـ«إرم بزنس» إن الإسمنت المصري يحظى بمزايا تنافسية عالية من حيث الجودة والسعر، ما يجعله سلعة مطلوبة في مختلف الأسواق العالمية، وتحديداً المنطقة العربية التي تشهد دول عدة فيها مشروعات إعمار كبرى.
بدور، قال مدير المؤسسة العامة لصناعة الإسمنت ومواد البناء في سوريا، محمود فضيلة، إن بلاده تعمل حالياً على بناء صناعة إسمنت جديدة كلياً، تضاهي مثيلاتها العالمية.
وأضاف في بيان نقلته الوكالة العربية السورية للأنباء «سانا»، مطلع يوليو الحالي، أن شركات الإسمنت السورية ستكون قادرة على إنتاج 12 صنفاً من الإسمنت بمواصفات عالية خلال 5 سنوات، من بينها أصناف خاصة بالانبعاثات الغازية صديقة للبيئة، كالإسمنت الأخضر.
مؤخراً، أوقفت وزارة الاقتصاد والصناعة في سوريا ضرائب كانت مطبقة على مصانع الأسمنت التابعة للقطاعين العام والخاص، ضمن مساعيها لرفع القدرة التصنيعية للقطاع لتلبية احتياجات مشروعات إعادة الإعمار.
ويناهز إنتاج الإسمنت في سوريا 10 آلاف طن يومياً حالياً، فيما تضطر الدولة إلى استيراد كمية مماثلة من دول الأردن ومصر وتركيا والسعودية لتغطية الفجوة بين الإنتاج والطلب، بحسب تقديرات المؤسسة العامة للإسمنت ومواد البناء.
وتشير تقديرات المؤسسة إلى حاجة البلاد لـ8 إلى 9 ملايين طن سنوياً من الإسمنت خلال مرحلة إعادة الإعمار.
كما تتوقع ارتفاع استهلاك الأسمنت في سوريا إلى 8 ملايين طن العام الحالي، على أن يرتفع إلى 15 مليون طن عام 2035.