حظر أميركي على اليورانيوم الروسي قد يغير شكل السوق لسنوات

من المتوقع أن يؤدي فرض حظر على واردات الولايات المتحدة من اليورانيوم الروسي، إلى إحداث هزة في سوق الطاقة النووية، ورفع أسعار اليورانيوم إلى ما فوق 100 دولار للرطل، مع شح الإمدادات.

يقول المحلل جوناثان هينز، رئيس شركة بحوث سوق الوقود النووي "يو إكس سي" (UxC): "إن الحظر الروسي يشكل معضلة كبيرة". "وسوف يغير شكل أسواق الوقود النووي لسنوات قادمة."

وافق مجلس الشيوخ الأميركي يوم الثلاثاء، على مشروع قانون يحظر استيراد اليورانيوم من روسيا إلى الولايات المتحدة. وكان مجلس النواب قد أقر مشروع القانون في ديسمبر 2023، وسيتم تحويله الآن إلى الرئيس جو بايدن، لتوقيعه ليصبح قانوناً.

إن مشروع القانون الذي "سيوقعه الرئيس قريباً"، إلى جانب التمويل في ميزانية السنة المالية 2024، "سيوفر ضماناً للصناعة والحلفاء والشركاء، بأن الولايات المتحدة اتخذت قراراً واضحاً لبناء سلسلة إمداد آمنة، لعقود قادمة"، بحسب ما قاله متحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض، في بيان أرسل إلى (MarketWatch) يوم الأربعاء.

أهمية إمدادات روسيا

تنفق الولايات المتحدة ما يقرب من مليار دولار سنوياً على الوقود النووي من روسيا، ويقول السيناتور الجمهوري عن ولاية وايومنغ، جون باراسو، أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، استفاد من الصناعة النووية في بلاده لتمويل غزو أوكرانيا.

وفي الوقت الذي تم فيه، فرض حظر على واردات الفحم والنفط والغاز الطبيعي من روسيا، في الأيام التي أعقبت غزوها لأوكرانيا في فبراير 2022، تماطل الولايات المتحدة في فرض الحظر على واردات اليورانيوم، بحسب أمير العدناني، الرئيس والمدير التنفيذي لـ"يو إي سي" (UEC) لطاقة اليورانيوم.

وفي تصريح لـ(MarketWatch)، يضيف العدناني: "على غرار اعتماد أميركا على الصين للحصول على التربة النادرة والمعادن المهمة، زاد اعتماد الولايات المتحدة بشكل مفرط على واردات الوقود النووي الروسي، بعد تفكك الاتحاد السوفيتي".

"إن دول روسيا وكازاخستان وأوزبكستان، توفر 50% من احتياجات المفاعلات النووية المحلية في الولايات المتحدة. و"الطاقة النووية توفر 20% من الكهرباء الأميركية".

في عام 2022، كانت روسيا ثالث أكبر مزود لليورانيوم للولايات المتحدة، بعد كندا وكازاخستان، وفقاً لإدارة معلومات الطاقة الأميركية، حيث جاء 12% من إجمالي مشتريات الولايات المتحدة، من اليورانيوم في عام 2022 من روسيا.

وقالت إدارة معلومات الطاقة إن الولايات المتحدة، تستورد اليورانيوم المستخدم في مفاعلات الطاقة النووية في البلاد، لأنها "أكثر وفرة وأرخص في الإنتاج" في بلدان أخرى.

إعفاءات أميركية

ذكر مقال منشور على موقع (World Nuclear News) يوم الأربعاء، أن وزارة الطاقة يمكنها التراجع عن الحظر، إذا وجدت أنه "لا يوجد مصدر بديل صالح لليورانيوم منخفض التخصيب" متاح للحفاظ على استمرار تشغيل مفاعل نووي، أو شركة طاقة نووية أميركية، أو أن استيراد اليورانيوم يصب في المصلحة الوطنية.

التشريع الذي ينتهي سريانه في نهاية عام 2040، يسمح لوزارة الطاقة الأميركية بإصدار إعفاءات، تسمح باستيراد كامل كمية اليورانيوم الروسي المسموح بها، بموجب حدود الإغراق الصادرة عن اتفاقية مكافحة الإغراق، المبرمة بين وزارة التجارة الأميركية وروسيا حتى عام 2027.

وقال هينز إن الإعفاءات التي ستقدمها وزارة الطاقة "لم يتم تقديمها لحد الآن، لذلك ليس هناك ما يضمن أن المرافق الأميركية، ستحصل بالتأكيد على جميع شحناتها الروسية من الآن وحتى نهاية عام 2027، وفقاً للغة التشريع".

وعليه تتزايد مخاطر أن "ترد روسيا بحظر تصديرها، الذي يؤدي إلى قطع فوري" لإمدادات اليورانيوم.

ومع ذلك، قال العدناني إن المرافق الأميركية كان أمامها عامان ونصف، منذ الغزو الروسي لأوكرانيا "لتجميع إمدادات بديلة"، والعديد منها فعلت ذلك. وهذا "متسع من الوقت لمعالجة المخاطر".

تأثير السعر

نظراً لكل هذه الشكوك، ستوقع هينز أن "ترتفع أسعار الوقود النووي... إلى أن نحصل على صورة أوضح".

وقال إنه تم بالفعل تخمين الأسعار في سوق اليورانيوم بعد الحظر، ولكن جميع الآثار المترتبة عليه "لم يتم تقديرها بالكامل بعد".

ومن المتوقع أن تشهد أسعار اليورانيوم في السوق الفورية، بعض الحركة الصعودية الأولية، حيث إن الحظر، بمجرد توقيعه ليصبح قانوناً، "يؤكد الابتعاد عن روسيا في وقت تظل فيه الإمدادات البديلة محدودة".

وكانت أسعار اليورانيوم قد ارتفعت في وقت مبكر من هذا العام، مدعومة بشح الإمدادات وتوقعات ارتفاع الطلب.

تم تداول أسعار اليورانيوم الفورية الأسبوعية، عند مستوى مرتفع يصل إلى 106 دولارات للرطل في الأسبوع المنتهي في 5 فبراير، أعلى بأكثر من أربعة أضعاف من القيمة البالغة 25 دولاراً، التي شهدتها في بداية عام 2020، وفقاً لبيانات (UxC).

كما بلغ إجمالي إنتاج الولايات المتحدة من اليورانيوم المخصب 12653 رطلاً، في الربع الأخير من عام 2023، وفقاً لإدارة معلومات الطاقة. ويقارن ذلك بإجمالي إنتاج بلغ 27.012 رطل، في الربع الثالث من العام الماضي.

قبل عام، في الربع الرابع من عام 2022، بلغ الإنتاج 174.712 رطل، بعد استئناف إنتاج اليورانيوم في وايت ميسا في ولاية يوتا – وهو أكبر إنتاج ربع سنوي منذ الربع الرابع من عام 2018.

ويرى هينز أن الولايات المتحدة ومنتجي اليورانيوم الآخرين، يجب أن يستفيدوا في حال ارتفعت الأسعار، لكنه قال أيضاً إنه لا يعتقد أن المنتجين في وضع، يسمح لهم بزيادة الإنتاج في المستقبل القريب.

ومع ذلك، "يمكن الآن تحفيز المرافق بشكل أكبر لإنتاج اليورانيوم المحلي والدول الصديقة الأخرى، من خلال عقود جديدة طويلة الأجل".

وأضاف: "في الوقت الحالي، لا تزال البدائل محدودة، خاصة في أسواق تحويل وتخصيب" اليورانيوم.

بلغت أسعار اليورانيوم الأسبوعية، اعتباراً من الأسبوع المنتهي يوم الاثنين، 88 دولاراً، ولكن في السوق الفورية يوم الأربعاء، ارتفعت بشكل كبير إلى مستوى 90 دولاراً.

ولا تزال الأسعار بعيدة عن أعلى مستوياتها منذ بداية العام حتى الآن، لكنها "قد تعود إلى الأرقام الثلاثية مرة أخرى"، وفق هينز.