logo
طاقة

أنابيب الغاز الإفريقية.. شرايين الهيدروجين الأخضر نحو أوروبا

أنابيب الغاز الإفريقية.. شرايين الهيدروجين الأخضر نحو أوروبا
ميناء الناظور في شمال المغرب الذي سيحتضن منشآت لتخزين الغاز المسالالمصدر: موقع شركة الموانئ المغربية ، مرسى
تاريخ النشر:11 أغسطس 2025, 03:23 م

تشهد منطقة البحر المتوسط تحركات متسارعة لإعادة توظيف موارد شمال إفريقيا الوفيرة من الرياح والطاقة الشمسية لتلبية احتياجات أوروبا من الطاقة المتجددة.

يعتمد المخططون في ذلك على دمج تقنيتين: إحداهما قديمة وهي خطوط أنابيب الغاز الطبيعي، والأخرى حديثة وهي الهيدروجين الأخضر.

وفقاً لتقرير نشره موقع (AGBI)، تهدف هذه الاستراتيجية إلى الاستفادة من معدلات الإشعاع الشمسي العالية، وسرعات الرياح القوية، والمساحات الشاسعة المتاحة، والقرب الجغرافي من أوروبا، لمساعدة الاتحاد الأوروبي على تحقيق هدفه المتمثل في استيراد 10 ملايين طن من الهيدروجين الأخضر بحلول عام 2030.

غير أن الطريق نحو ذلك ليس سهلاً، إذ أكد الباحث الأول في «مركز البحث العلمي في تكنولوجيا أنصاف النواقل الطاقوية» (CRTSE) الجزائري، نجيب درويش، أن هذه الخطط تواجه «مجموعة من التحديات الكبيرة» تشمل الجوانب التقنية والمالية والجيوسياسية.

يبقى نقل الهيدروجين لمسافات طويلة من دون خطوط أنابيب أمراً معقداً ومكلفاً. 

وللتغلب على ذلك، يمكن للمصدّرين تحويل الهيدروجين إلى أمونيا خضراء، وهي صيغة أكثر استقراراً وأسهل نقلاً، ليُعاد تحويلها لاحقاً إلى هيدروجين في محطات الوصول.

تمنح الجغرافيا شمال إفريقيا ميزة واضحة في هذا المجال، غير أن العديد من المنتجين يواجهون صعوبات في تأمين اتفاقيات شراء طويلة الأمد لمشاريعهم.

أشارت رئيسة قسم الهيدروجين والتقنيات النظيفة في شركة «ريستاد إنرجي» (Rystad Energy)، مينه خوي لي، إلى أن «هذه المشاريع يمكن أن توفر الهيدروجين المتجدد على نطاق واسع وبكلفة أقل لأوروبا»، مضيفة أنها قادرة أيضاً على جذب «استثمارات أجنبية، وتنمية قطاعات اقتصادية جديدة، وتوفير وظائف، ومنح شمال إفريقيا فرصة للاستفادة من إمكاناتها في مجال الطاقة المتجددة».

مشروع «ممر الهيدروجين الجنوبي» 

يُشكّل مشروع «ممر الهيدروجين الجنوبي» (SoutH2 Corridor) محور هذه الطموحات، وهو خط أنابيب هيدروجين بطول 3,300 كيلومتر يربط بين الجزائر، وتونس، وإيطاليا، والنمسا، وألمانيا. 

أخبار ذات صلة

اتفاقيات لتوسعة مشروع «أكمي» للهيدروجين الأخضر في سلطنة عُمان

اتفاقيات لتوسعة مشروع «أكمي» للهيدروجين الأخضر في سلطنة عُمان

في يناير الماضي، وقّع وزراء الدول الخمس المشاركة والاتحاد الأوروبي إعلان نوايا خلال اجتماع في روما.

سيطوّر القسم الأوروبي من المشروع مشغّلو أنظمة النقل، وهم شركة «سنام» (Snam) من إيطاليا، وشركتا «تاغ» (TAG) و«جي سي إيه» (GCA) من النمسا، وشركة «بايرنتس» (Bayernets) من ألمانيا.

من المقرر أن ينقل «ممر الهيدروجين الجنوبي» ما نسبته 40% من هدف الاتحاد الأوروبي لاستيراد الهيدروجين الأخضر بحلول 2030، على أن يعتمد 65% من مساره على خطوط أنابيب الغاز الطبيعي المعدّلة.

في يونيو الماضي، أعلنت «سنام» ومرفق الربط الأوروبي (CEF) – وهو أداة تمويل رئيسية للاتحاد الأوروبي – عن دراسة جدوى بقيمة 48 مليون يورو (نحو 56 مليون دولار) لإعادة تأهيل الجزء الإيطالي من الشبكة بطول 1,900 كيلومتر.

توظيف البنية التحتية القائمة

يعزّز الاعتماد على البنية التحتية القائمة من موقع الجزائر، التي تُعد بالفعل مورّداً رئيسياً للغاز إلى أوروبا عبر خطي «ترانسميد» (TransMed) و«ميدغاز» (MedGaz). 

وقال درويش: «دور الجزائر في هذا المشروع محوري، فهي تمتلك البنية التحتية والقرب الجغرافي».

كما أطلقت الجزائر مشروعاً تجريبياً يضم محللاً كهربائياً بقدرة 50 ميغاواط يعمل بالطاقة الشمسية وطاقة الرياح لإنتاج الهيدروجين الأخضر في منطقة أرزيو قرب وهران، غرب البلاد.

أما المغرب، فيسعى ليصبح مركزاً لتصدير الهيدروجين الأخضر إلى أوروبا، ويقع على مسار خط أنابيب الغاز المغاربي–الأوروبي الذي يربط الجزائر بإسبانيا.

في وقت سابق من العام الجاري، وافقت الرباط على مشاريع للهيدروجين الأخضر بقيمة إجمالية بلغت 32.5 مليار دولار، من بينها محلل كهربائي بقدرة 1 غيغاواط في منطقة شبيكة جنوب البلاد.

أخبار ذات صلة

من النفط إلى الهيدروجين.. اتفاق سعودي - هندي على التوازن في سوق الطاقة

من النفط إلى الهيدروجين.. اتفاق سعودي - هندي على التوازن في سوق الطاقة

في 2 يوليو، تم الانتهاء من إجراءات تخصيص الأراضي لهذا المشروع الذي سيعمل بالطاقة الشمسية والرياح على اليابسة.

التحديات المقبلة

رغم التقدم الذي تم إحرازه، ما زالت هناك عقبات كبيرة، إذ تحتاج المحللات الكهربائية للهيدروجين إلى الكهرباء بالإضافة إلى المياه، وهي سلعة نادرة في شمال إفريقيا. ويؤدي اللجوء إلى التحلية لتأمين هذه المياه إلى استهلاك مزيد من الطاقة وزيادة التكاليف.

كما أن الانتقال من المشاريع التجريبية إلى محطات بقدرات تصل إلى الغيغاواط يتطلب استثمارات رأسمالية ضخمة، وكذلك الأمر بالنسبة لبناء مرافق التخزين والتسييل، وتحديث خطوط أنابيب الغاز القديمة، وهي عمليات تعقدها – بحسب درويش – «قابلية الهيدروجين العالية للانتشار ومخاطر الانفجار في البنية التحتية الحالية».

تبرز كذلك مسألة التنافسية السعرية، إذ قد يكون إنتاج الهيدروجين الأخضر في البداية أكثر كلفة من الهيدروجين الأزرق المصنَّع من الغاز الطبيعي، في غياب الدعم الحكومي. وقالت رئيسة قسم الهيدروجين والتقنيات النظيفة في شركة «ريستاد إنرجي»، إن «دول شمال إفريقيا تفتقر إلى القدرة على تقديم دعم مالي مباشر للمشاريع أو تحفيز الطلب المحلي».

نتيجة لذلك؛ قد تعتمد هذه المشاريع بدرجة كبيرة على الاستثمارات الأجنبية، وهو ما قد يثير اتهامات بـ«الاستعمار الأخضر» ويزيد المخاطر الجيوسياسية.

وتابعت: «كل هذه المشاريع تتطلب وقتاً طويلاً واستثمارات رأسمالية كبيرة، وهو أمر ينطوي على مخاطر عالية في ظل نمو الطلب بوتيرة بطيئة».

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
تحميل تطبيق الهاتف
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC