سيليكون فالي.. الانهيار من الألف للياء

سيليكون فالي بنك
سيليكون فالي بنكرويترز

هل العالم مقبل على أزمة مالية جديدة..؟ هل يتكرر شبح انهيار ليمان برازر؟ هل تمتد موجة الانهيارات الأخيرة لتطال مؤسسات مالية أكبر حجمًا وأكثر تأثيرًا؟!

قبل أيام قليلة كان بنك سيليكون فالي يقف في المرتبة الـ 16 بين أكبر البنوك في الولايات المتحدة، والذي يعد أحد أهم مقرضي الشركات الناشئة.

ليس هذا فحسب.. بل كان سيليكون فالي الشريك المصرفي لما يقرب من نصف شركات التكنولوجيا والرعاية الصحية المدعومة من الشركات الأميركية التي تم إدراجها في أسواق الأسهم العام الماضي.

الأربعاء الأسود

بدأ نزع فتيل الأزمة، يوم الأربعاء برسالة غريغ بيكر، الرئيس التنفيذي لسيلكون فالي بنك للمساهمين بعد خسارة 1.8 مليار دولار من بيع سندات الخزانة الأميركية والأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري.

حيث وضع خطة لجمع 2.25 مليار دولار من زيادة رأس مال البنك لدعم مركزه المالي، ليشهد البنك موجة من سحب أموال المودعين، من بينهم عدد من شركات رأس المال المغامر، التي دعمها البنك على مدى عقود.

بلغت قيمة عمليات سحب المودعين والمستثمرون أموالهم يوم الخميس فقط 42 مليار دولار، حسب إفصاح الجهة الرقابية.

توصية بالهروب.. تجميد

وفي وقت لاحق أوصت صناديق فواندرز فند، وكواتو مانجمنت، ويونيون سكوير فنشرز، و"فاوندر كوليكتيف الشركات الناشئة ضمن محافظها بسحب أموالها من البنك.

ورغم تمتع البنك بمركز مالي سليم قبل ذلك اليوم، قالت هيئة الرقابة في كاليفورنيا إن عمليات السحب تسببت في عدم قدرة البنك على سداد التزاماته المستحقة.

وأغلقت إدارة الحماية المالية والابتكار في كاليفورنيا البنك ووضعته تحت الحراسة القضائية لمؤسسة التأمين على الودائع الفيدرالية، في أكبر انهيار لبنك أميركي منذ الأزمة المالية.

تفاقم الأزمة

في محاولة يائسة لم تؤد إلى زيادة إشعال الازمة، سعى المودعون إلى سحب 42 مليار دولار من مصرف سيلكون فالي بنك، ليبلغ رصيد السيولة لدى البنك سالب 958 مليون دولار.

وبحسب إفصاح لهيئة البورصات الأميركية يعكس الرصيد السالب موجة سحب الودائع التي شهدها البنك، بعدما تم وضعه تحت الحراسة.

وقبل ذلك قالت الجهة التنظيمية في كاليفورنيا إن سيليكون فالي بنك فشل في توفير النقد الكافي للوفاء بالشيكات والمعاملات الأخرى لصالح باقي البنوك، والتي جاءت ضمن طلب توفير السيولة من الاحتياطي الفيدرالي.

وقال المفوض، كلوثيلد هيوليت: "رغم محاولات البنك ومساعدة الجهات التنظيمية من أجل تحويل ضمانات من مصادر مختلفة، لكن البنك لم ينجح في الوفاء بالتزاماته النقدية تجاه الاحتياطي الفيدرالي".

بيا ن رسمي

بعدما قالت مؤسسة التأمين على الودائع الفيدرالية، وهي جهة تنظيمية مصرفية، إن البنوك الأميركية تواجه خسائر غير محققة في محافظ الأوراق المالية الخاصة بها بقيمة 620 مليار دولار.

أعلن البنك المعروف اختصارًا باسم إس في بي يوم الأربعاء الماضي تسجيل 1.8 مليار دولار خسارة، بعدما اضطر لبيع محفظة من الأوراق المالية بقيمة 21 مليار دولار بسبب انخفاض الودائع، وكذلك طرح أسهم جديدة لدعم مركزه الرأسمالي.

وفي اليوم التالي تواردت أنباء أن صناديق استثمارية من بينها "Founders Fund" الذي شارك في تأسيسه الملياردير "بيتر ثيل"، نصحت الشركات بسحب أموالها من البنك.

خسر السهم 60% من قيمته خلال جلسة التداول الرئيسة الخميس، ليمحو 80 مليار دولار من قيمة البنك السوقية، ويسجل أدنى مستوياته منذ عام 2016.

وخلال تعاملات ما قبل بدء جلسة الجمعة في بورصة نيويورك، انخفض سهم سيليكون فالي بنك فايننشال جروب بنسبة 44.85% إلى 58.48 دولارا.

تداعيات على القطاع

وأدت موجات بيعية للقضاء على 52.4 مليار دولار من القيمة السوقية لأكبر أربعة بنوك في الولايات المتحدة من حيث الأصول، وسط مخاوف بشأن قيمة محافظ سندات المقرضين.

حيث تم بيع أسهم جيه بي مورغان وبنك أوف أميركا وسيتي غروب وويلز فارغو، جاء ذلك في ظل الاضطرابات الحادة التي لحقت بسيليكون فالي بنك.

محادثات

ودخل بنك "سيليكون فالي بنك Silicon Valley Bank Financial" محادثات لبيع أعماله، بعد فشل محاولات زيادة رأس المال، بحسب تقرير.

وقالت وسائل إعلام أميركية إن بعض المؤسسات المالية الكبرى تدرس احتمالية شراء البنك.

البيت الأبيض يراقب

وقالت وزيرة الخزانة الأميركية "جانيت يلين" إنها تراقب الأزمات المتعلقة بـسيليكون فالي بنك، مع معاناة البنك من خسائر كبيرة.

وأضافت يلين أثناء شهادتها أمام لجنة في مجلس النواب الأميركي: "هناك تطورات أخيرة مرتبطة بعدد قليل من البنوك، نحن نراقبها عن كثب".

وقالت وزير الخزامة الأميركية: "عندما تتعرض البنوك لخسائر مالية، يكون الأمر مصدر قلق لنا، وهو ما نشهده حالياً".

تولي السيطرة

أعلنت مؤسسة التأمين على الودائع الفيدرالية الأميركية تولي السيطرة على ودائع سيليكون فالي بنك، مع إغلاق أعمال البنك الذي يركز على التكنولوجيا.

​وقررت إدارة الحماية المالية والابتكار في كاليفورنيا إغلاق البنك مع توليها مسؤولية الأعمال.

وقالت المؤسسة إنها أنشأت بنك ساتا كلارا الوطني للتأمين على الودائع، والذي يحتفظ الآن بالودائع المؤمنة من "إس في بي".

وأضافت المؤسسة أن المودعين سيكون لهم حق الوصول إلى ودائعهم في موعد لا يتجاوز صباح يوم الإثنين المقبل، كما سيتم إعادة فتح مكاتب البنك في نفس الوقت تحت سيطرة السلطات التنظيمية.

العمل من المنزل

ووفقًا للانباء طلب بنك إس في بي فاينانشال غروب من موظفيه العمل من المنزل لحين إشعار آخر، مع تصاعد الأزمات المرتبطة بالبنك.

وقال البنك في مذكرة للموظفين: "نقوم بسلسلة من المحادثات التي لم تنته بعد لتحديد الخطوات التالية لنا، ندعو الموظفين للعمل من المنزل لحين إشعار آخر".

بيد أن البنك أوضح أن موظفي الفروع والموظفين الأساسيين سيتم استبعادهم من قرار العمل من المنزل.

ما زال قويًا

وقالت وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين إن النظام المصرفي يظل قوياً، مشيرة إلى أن السلطات التنظيمية لديها أدوات فعالة لمعالجة التطورات الخاصة بسيليكون فالي بنك.

وأضافت وزارة الخزانة في بيان، أن يلين دعت قادة مجلس الاحتياطي الفيدرالي ومؤسسة التأمين على الودائع الفيدرالية ومكتب المراقب المالي للعملة، لمناقشة التطورات الخاصة بالأزمة.

مشاكل محدودة

قال كين ليون المحلل في مركز التحليل والبحث المالي CFRA إن المشكلات التي واجهها المصرف محدودة للغاية وليس من شأنها التأثير على مجمل القطاع المصرفي، وخصوصا المصارف الكبرى.

وأضاف المحلل في مركز التحليل والبحث المالي CFRA أن الشروط المشددة التي فرضتها الهيئات الضابطة بعد الأزمة المالية عام 2008 أدت دورها.

لا توجد أزمة سيولة

وقال محللو مورغان ستانلي في مذكرة: "سوف نكون في غاية الوضوح، لا نعتقد أن القطاع المالي يواجه أزمة نقص في السيولة".

وأشار محللو مورغان ستانلي أنه بعد إفلاس مصرف ليمان براذرز والأزمة المالية في 2008-2009، فرضت الهيئات الضابطة على المصارف شروطا مشددة، ولا سيما على صعيد الرساميل الواجب رصدها للتعويض عن خسائر محتملة.

صعوبة التوقع

وفي المقابل قال إريك كومتون من شركة مورنينغستار للخدمات المالية: "قد يكون من الصعب للغاية توقع كيفية تطور المخاطر المرتبطة بمستويات السيولة خلال فصل، ومتى يمكن أن تتحقق".

ويرى محللو مورغان ستانلي أن بنك سيليكون فالي الذي أغلقته السلطات الأميركية الجمعة عانى من تركيزه على نوع محدد من العملاء.

وقال المحللون: "إن المصرف كان يمول بصورة رئيسة شركات في مجالي التكنولوجيا والتكنولوجيا الأحيائية من أجل الصحة، وكان جزءا من بيئة رأس المال المُخاطر".

السياسة النقدية

وقال كين ليون إن المصارف تستفيد من السياسة النقدية لأنها تزيد صافي دخل الفوائد، أي الفارق بين الفوائد التي يجنيها المصرف لقاء القروض الممنوحة لزبائنه والفوائد التي يسددها للمدّخرين.

وأضاف المحلل في مركز التحليل والبحث المالي CFRA أن هذا يزيد الفوائد على المبالغ التي تقترضها هي نفسها ويؤثر على الطلب على القروض.

تداعيات سلبية

وقالت شركة روكو للبث عبر الإنترنت إن رصيدها في بنك سيليكون فالي الذي انهار يوم الجمعة واستحوذت عليه المؤسسة الفيدرالية لتأمين الودائع يبلغ نحو 487 مليون دولار من أصل 1.9 مليار دولار، هو حجم النقد الذي تملكه الشركة.

وأضافت روكو أن هذا يمثل نحو 26% من النقد والتدفقات النقدية التي تملكه الشركة، موضحة أن معظم ودائعها لدى البنك غير مؤمنة.

وتابعت الشركة أن معظم ودائع الشركة لدى بنك سيليكون فالي غير مؤمنة، وأضافت أنه في هذا الوقت لا تعرف الشركة حجم الأموال التي ستتمكن من استردادها من بنك سيليكون فالي.

و قالت روكو إن لديها ما يكفي من السيولة النقدية والتدفقات النقدية من العمليات "لتلبية رأس المال العامل ونفقات رأس المال والمتطلبات النقدية المادية من الالتزامات التعاقدية المعروفة للأشهر الـ12 المقبلة أو حتى لمدة أطول من ذلك".

وأدت تداعيات انهيار مصرف سيلكون فالي بنك إلى موجة بيع واسعة ضربت أسهم القطاع المالي في أميركا الشمالية، حيث خسرت أسهم كبرى البنوك الكندية 19.7 مليار دولار كندي (14.2 مليار دولار) من قيمتها السوقية خلال جلسات التداول الأربع الماضية.

الأكثر قراءة

No stories found.
إرم الاقتصادية
www.erembusiness.com