سجلت الأسواق أداءً جيدًا خلال الأسابيع الأخيرة، لكن بعض المستثمرين يتوقعون تراجعها مجدداً بسبب الأرباح المتواضعة.
ارتفعت الأسهم الأميركية مؤخرًا وسط التوقعات بإبطاء الاحتياطي الفيدرالي وتيرة رفع سعر الفائدة في ديسمبر عقب الضغوط التي تعرضت لها طيلة العام بسبب التضخم الكبير ووتيرة رفع أسعار الفائدة المتشددة من الاحتياطي الفيدرالي لكبح ارتفاع الأسعار، حيث انخفض مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" 16% منذ بداية العام، بينما ارتفع 13% منذ 12 أكتوبر عندما سجل أدنى إغلاق في 2022.
يتوقع المستثمرون تبخر حالة التفاؤل الأخيرة بالأسواق مع زيادة ضغط أرباح الشركات، فغالبًا ما يستخدم المتداولون مؤشر مضاعف الربحية لتقدير مدى ارتفاع سعر السهم، وفي حالة تراجع الأرباح قد يبدو أسعار السوق مبالغًا فيها.
صعود بدون أساس
قال ساندي براغار، مدير علاقات العملاء في شركة "أسبريانت" لإدارة الثروات: "يرغب السوق استمرار الصعود وهو أمر رائع إذا حدث، لكن أساس الصعود غير موجود".
مع إعلان 97% من الشركات المدرجة في مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" أرباحها، تتجه أرباح الربع الثالث إلى تسجيل نمو بنحو 2 % على أساس سنوي ، وفقًا لـ "فاكتسيت"، يمثل ذلك أبطأ نمو بالأرباح منذ الربع الثالث من 2020، في ذروة جائحة كوفيد-19.
من المقرر إعلان باقي الشركات أرباحها الأسبوع المقبل ومنها: "سيلز فورس" و"دولار جنرال كورب" و" كروغر".
يحلّل المستثمرون أيضًا البيانات المتعلقة بأداء الاقتصاد اعتماداً على مؤشر ثقة المستهلك، وتقديرات الناتج المحلي الإجمالي، والتقرير الشهري للوظائف من وزارة العمل.
تفاؤل بالمستقبل
أعلن محللو وول ستريت عن انخفاضًا حادًا في تقديرات أرباح الربع الحالي للشركات المدرجة في مؤشر "ستاندرد آند بورز 500"، حيث يتوقعوا أول انخفاض سنوي بالأرباح ربع السنوية منذ 2020. وتظهر بيانات "فاكتسيت" توقع المحللين بنهاية يونيو الماضي نمو الأرباح في الربع الرابع بنحو 9 % لتتحول الجمعة إلى توقع انكماشًا بنحو 2% .
لا يزال المحللون متفائلون بالمستقبل، مع إجماع التوقعات تسجيل نمو سنوي في الأرباح السنوية للعام 2023 يفوق 5%، لكن أغلب المستثمرين يتوقعون مزيد من خفض التوقعات مع اقتراب ركود محتمل ورفع الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة وصافي أرباح الشركات.
قال بنجامين كيربي، الرئيس المشارك للاستثمارات ومدير المحفظة في "ثرونبيرغ انفسمنت مانجمنت": "أرى أن التقديرات مرتفعة للغاية حتى 2023 وهناك وقت يمر حتى يظهر تأثير السياسة النقدية الأكثر صرامة على الأرباح الفعلية للشركات".
مضاعفات مرتفعة
يتوقع كيربي دخول الاقتصاد الأميركي في ركود العام المقبل، لذلك تضع شركته محافظها في وضع دفاعي من الاحتفاظ بسيولة وأسهم شركات بمضاعفات أسعار يومية قليلة، ويفضل كيربي قطاع الاتصالات حيث يرى أن شركات القطاع لابد وأن تستمر في توليد العائدات في ظل التباطؤ الاقتصادي.
تبدو الأسهم أرخص مما كانت عليه طيلة العامين الماضيين، لكن الأسعار عاودت الارتفاع مع انتعاش السوق. وتتداول الشركات المدرجة في مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" بمضاعف ربحية أكثر من 17 مرة وفقاً لتوقعات الأرباح خلال 12 شهرًا مقبلة، وفقًا لـ "فاكتسيت" منخفضاً من مستوى يفوق 21 مرة بداية 2022 لكنه مرتفعاً عن 15 مرة عند أدنى مستوياته خلال العام، وأعلى بقليل من متوسطه لمدة 10 سنوات.
تبدو أسعار الأسهم مرتفعة على أساس استشرافي بالنسبة للمستثمرين الذين يعتقدون أن تقديرات الأرباح قد تنخفض في 2023.
استثمار انتقائي
قالت آنا راثبون، الرئيس التنفيذي للاستثمار في "سي بي آي زد" للخدمات الاستشارية الاستثمارية، المتفائلة بتقديرات أرباح 2023 للغاية: "إذا تراجعت الأرباح نتوقع تحركًا هبوطيًا بمؤشر ستاندر آند بورز 500 ولا تزال أسعار الأسهم مرتفعة للغاية لأن التفاؤل مبني على تقديرات 4 نتائج ربعية".
وقالت راثبون إن شركتها ما تزال حذرة بشأن بعض قطاعات السوق وتعتقد أنها أكثر تأثراً بزيادات سعر الفائدة مثل أسهم التكنولوجيا، والسلع الكمالية، وخدمات الاتصالات.
يتوقع مستثمرون آخرون أداء أفضل لأرباح الشركات مما كانوا يخشونه العام المقبل. حيث توقع ديفيد واديل، الرئيس التنفيذي ورئيس استراتيجيات الاستثمار في "واديل آند أسوشيتس" انكماش الأرباح بالنصف الأول من 2023 لتعاود النمو بالنصف الثاني مع خفض الشركات للتكاليف.
قال واديل: "أراهن على اكتشاف إدارة الشركات كيفية تجاوز تلك الفترة الصعبة وولا يمكنك بالطبع الرهان ضد المستهلك الأميركي بأي حال من الأحوال".
يشكل موسم التسوق في العطلات اختبارًا رئيسيًا، بينما يراقب المستثمرون كيفية صمود الإنفاق الاستهلاكي ونتائج الشركات في بيئة أعمال صعبة، من المقرر نمو مبيعات التجزئة في العطلات لكن بوتيرة أبطأ من العام الماضي، وفقًا لمجموعات صناعة التجزئة ومستشاري الصناعة، الذين يستشهدون بإجهاد المستهلك بسبب ارتفاع الأسعار، حيث حذر عمالقة التجزئة مثل "تارغت كورب" من موسم العطلات الضعيف وخفضوا التوقعات للربع الحالي.
قال براغار من "أسبرينت": "يكمن المؤشر في استهلاك حلوى البودنغ عندما نراقب معدل الإنفاق في العطلات".
المصدر: وول ستريت جورنال