خوفًا من الصدمات.. بنوك أميركا ترفع شعار "الكاش هو الملك"

إجمالي الأصول النقدية يقترب من 3.3 تريليون دولار
الكاش هو الملك
الكاش هو الملكshutterstock
يبدو أن البنوك الأميركية اتخذت العديد من الإجراءات في الآونة الأخيرة، لتعزيز مراكزها المالية خوفًا من حدوث انهيارات أو تداعيات جديدة لأزمة المصارف.

وفي هذا السياق يبدو أن المصارف في أكبر اقتصاد بالعالم، أعادت الارتكان إلى واحدة من المباديء الاقتصادية الشهيرة، والتي تُثمن من قيمة السيولة النقدية سواء لاقتناص الفرص أو مواجهة الأزمات.

ويعرف هذا المبدأ اقتصاديًا باسم الكاش هو الملك Cash Is King، وذلك من خلال رفع نسبة السيولة النقدية لدى الشركات أو البنوك من إجمالي قيمة الأصول قصيرة الأجل.

الكاش هو الملك لأنه يمكن الأفراد ورواد الأعمال من اقتناص الفرص الاستثمارية المتميزة، حينما تكون الأسعار متدنية، على سبيل المثال في أوقات الركود، وأوقات الأزمات الاقتصادية.

حركة الودائع
حركة الودائعرويترز
3.3 تريليون دولار

وفقًا للبيانات الرسمية وإحصاءات فاكت سيت، ارتفع إجمالي الأصول النقدية للبنوك الأميركية إلى 3.26 تريليون دولار، اعتبارًا من 23 أغسطس، بزيادة 5.4% عن نهاية عام 2022.

وكان ذلك أعلى بكثير من المستويات المعتادة قبل الوباء، على الرغم من انخفاضه عن الأسابيع التي تلت مباشرة فشل البنوك في مارس، وفقًا لبيانات الاحتياطي الفيدرالي.

وارتفعت الأصول النقدية لدى المقرضين الصغار ومتوسطي الحجم بنسبة 12% مقارنة ببداية العام؛ وفي أكبر 25 بنكًا في البلاد، ارتفعت الحيازات النقدية بنسبة 2.9% تقريبًا.

المقرضون يحتفظون بأكوام كبيرة من النقد كتأمين ضد تباطؤ الاقتصاد
ديفيد فانغر
تحوط من الركود

وعزت البنوك الأميركية تلك الزيادة إلى أسباب على غرار تقليص بنك الاحتياطي الفيدرالي ميزانيته العمومية، وانخفاض الودائع وارتفاع أسعار الفائدة قصيرة الأجل.

ووفقًا لديفيد فانغر، نائب الرئيس الأول في وكالة موديز للتصنيف الائتماني، فإن المقرضين يحتفظون بأكوام كبيرة من النقد كتأمين ضد تباطؤ الاقتصاد.

اقرأ أيضًا- انفراج الأزمة.. مصر تلغي قرارًا بشأن أزمة انقطاع الكهرباء
انهيار البنوك

وأشار فانغر إلى أن هذا التوجه يعود أيضًا إلى استمرار تدفقات الودائع إلى الخارج في ظل الاهتزازات، التي شهدتها المصارف الأميركية مطلع مارس الماضي.

وأوضح نائب الرئيس الأول في وكالة موديز للتصنيف الائتماني، أن قواعد توفير السيولة الأكثر صرامة التي أقرها الفيدرالي الأميركي، أجبرت البنوك خاصة متوسطة الحجم، على اللجوء إلى مثل تلك الإجراءات.

البنوك الأميركية ترفع السيولة النقدية
البنوك الأميركية ترفع السيولة النقديةرويترز
تجنب المخاطر

وقال نائب الرئيس الأول في وكالة موديز للتصنيف الائتماني : "يعد هذا التراكم مثالاً آخر على نهج تجنب المخاطرة من جانب قطاع المصارف الأميركية".

وأضاف فانغر : " لا يزال قطاع المصارف يحاول استعادة مكانته بعد سلسلة من إخفاقات البنوك في فصل الربيع، وهو ما قد يؤدي إلى مزيد من القيود على الإقراض".

وتابع فانغر: "تراكم السيولة يعد استجابة منطقية لتباطؤ الاقتصاد، خاصة في ظل سيناريو متوقع نرى خلاله تدفقات الودائع إلى الخارج وتحتاج إلى الحفاظ على النقد".

 اقرا أيضًا- أكبر اقتصادات أوروبا يختنق بفعل تشدد البنك المركزي
جرس إنذار

وأشار نائب الرئيس الأول في وكالة موديز للتصنيف الائتماني، إلى أن ما حدث في مارس من انهيار ثلاثة مصارف أميركية كان بمثابة جرس إنذار.

وأدى انهيار "سيلكون فالي" و "سيغنتشر" و"سيلفر غيت" في مارس إلى عمليات سحب ضخمة للودائع وتجدد التركيز على الصحة المالية للمقرضين.

وفي الآونة الأخيرة، تضرر القطاع المصرفي من تخفيضات التصنيف عندما خفضت وكالة ستاندرد آند بورز الشهر الماضي التصنيفات الائتمانية.

ما حدث في مارس من انهيار ثلاثة مصارف أميركية كان بمثابة جرس إنذار
موديز
خفض التصنيف

وفي وقت سابق قالت وكالة ستاندرد آند بورز في بيان: "إنها خفضت درجاتها الائتمانية درجة واحدة لبنوك KeyCorp، Comerica Inc، Valley National Bancorp، UMB Financial Corp، Associated Banc-Corp.

ولفتت وكالة ستاندر آند بورز إلى أن السبب وراء التخفيض يأتي لتأثير ارتفاع أسعار الفائدة والتحركات المثيرة التي تكتنف حركة الودائع في البنوك.

وخفضت وكالة ستاندرد آند بورز توقعاتها لبنك River City Bank وبنك S&T إلى سلبية، وقالت إن وجهة نظرها تجاه Zions Bancorp لا تزال سلبية بعد المراجعة.

خسائر غير محققة

وقالت ستاندرد آند بورز: "إن البنوك المؤمنة من اللجنة الفيدرالية تتكبد خسائر غير محققة تزيد على 550 مليار دولار، على أوراقها المالية المتاحة للبيع والمحتفظ بها حتى تاريخ الاستحقاق حتى منتصف العام الجاري"..

وبالنظر إلى المستقبل، أشارت الوكالة إلى أن الوضع يزداد سوءا بالنسبة للبنوك، وذلك إذا أبقى بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة مرتفعة لفترة أطول مما كان متوقعا في السابق.

وقالت ستاندرد آند بورز: "إن موجة رفع أسعار الفائدة التي يقوم بها الاحتياطي الفيدرالي تضغط على العديد من البنوك الصغيرة ومتوسطة الحجم".

ولفت تقرير ستاندرد آند بورز إلى أنه أصبح لدى المستهلكين والشركات الآن المزيد من الفرص، لكسب عوائد أعلى في أماكن أخرى بعيدًا عن البنوك.

قواعد توفير السيولة الأكثر صرامة التي أقرها الفيدرالي الأميركي أجبرت البنوك وخاصة متوسطة الحجم على اللجوء إلى مثل تلك الإجراءات
ديفيد فانغر
تجدد الأزمة

وفي غضون ذلك خفضت وكالة موديز التصنيف الائتماني لعدد من البنوك الأميركية الصغيرة والمتوسطة الحجم، ولفتت الوكالة إلى أنها قد تخفض تصنيف بعض من أكبر البنوك الأخرى في البلاد.

ونبهت الوكالة إلى أن مخاطر التمويل وضعف الربحية سيختبران على الأرجح القوة الائتمانية للقطاع المصرفي.

وخفضت موديز تصنيف عشرة بنوك درجة واحدة ووضعت ستة بنوك عملاقة، منها بنك أوف نيويورك وميلون ويو.أس بانكورب وستيت ستريت وترويست فايننشال، قيد المراجعة لاحتمال خفض تصنيفها.

وقالت موديز : "أظهرت نتائج العديد من البنوك في الربع الثاني ضغوطا متزايدة على الربحية ستقلل من قدرتها على توليد رأس المال الداخلي".

اقرأ أيضًا- أنباء إيجابية تشعل الأسواق.. سهم صيني يقفز 85% في لحظات
رياح عكسية

وأشارت آنا أرسوف العضو المنتدب للمؤسسات المالية في موديز إلى ان التخفيض الأخير هو إقرار بوجود بعض الرياح المعاكسة، لم يصل بعد إلى مرحلة الخلل.

بينما أكدت جيل سيتينا العضو المنتدب المشارك في موديز أن هناك شعورا بأن الضغط الناجم عن ارتفاع أسعار الفائدة وتشديد السياسة النقدية بوجه عام على وشك التراجع.

وأثار انهيار بنكي سيليكون فالي وسيغنتشر في وقت سابق من هذا العام أزمة ثقة في القطاع المصرفي الأميركي، مما أدى إلى تهافت على سحب الودائع في مجموعة من البنوك الإقليمية على الرغم من اتخاذ السلطات تدابير طارئة لتعزيز الثقة.

موجة رفع أسعار الفائدة التي يقوم بها الاحتياطي الفيدرالي تضغط على العديد من البنوك الصغيرة ومتوسطة الحجم
ستاندرد أند بورز
تخفيضات واسعة

وأشارت موديز إلى أنها قد تخفض تصنيفات البنوك الكبرى، بما في ذلك بانكورب الأميركي، ونيويورك ميلون كورب، وستيت ستريت كورب، وتروست فاينانشيال كورب؛ كجزء من نظرة شاملة على الضغوط التي يمر بها القطاع.

ومن بين البنوك التي تم تخفيض تصنيفاتها: "إم تي بنك"، "ويبستر"، "بي أو كيه فاينانشيال"، "أولد ناشيونال بانكورب"، "بيناكل فاينانشيال بارتنرز"، و"فولتون فاينانشيال". و

بينما يخضع كل من "نورثن ترست" و"كولين / فروست بانكرز" للمراجعة لخفض التصنيف.

و اعتمدت "موديز" نظرة مستقبلية "سلبية" لـ11 مصرفاً، بينها "بي إن سي فاينانشيال سيرفيسيز غروب"، و"كابيتال ون فاينانشيال"، و"سيتيزنس فاينانشيال سيرفيسز " و"فيفث ثيرد بانكورب ، و"ريجونز فاينانشال كورب "، و"ألاي فاينانشيال"، و"بنك أو زد كيه" و"هنتنغتون بانكشيرز".

 اقرأ أيضًا- بيانات شديدة السلبية.. اقتصاد أوروبا ينكمش لمستويات الجائحة

الأكثر قراءة

No stories found.
إرم الاقتصادية
www.erembusiness.com