عقود بورصة شيكاغو قد تصبح غير قابلة للتنفيذ
مخاوف من تعميم القرار على سبائك 400 أونصة
سجلت أسعار الذهب في التعاملات المبكرة اليوم الاثنين، تراجعات واسعة، تزايدت حدتها في تعاملات العقود الأميركة الآجلة للمعدن النفيس التي اقتربت من 1.6%، وسط ترقب الأسواق لتوضيح البيت الأبيض بشأن مدى صحة ونفاذ رسالة خدمة الجمارك وحماية الحدود الأميركية.
فجأة ودون مقدمات، قفزت أسعار الذهب يوم الجمعة الماضي أكثر من 80 دولاراً لتسجل العقود الآجلة في التعاملات الأميركية مستوى قياسياً غير مسبوق، إلا أنها سرعان ما تخلت عن أغلب مكاسبها وسط تزايد التكهنات وحالة من الضبابية بشأن فرض رسوم جمركية على شحنات الذهب.
وارتفعت عقود تسليم ديسمبر إلى علاوة سعرية تجاوزت 100 دولار للأونصة فوق السعر المرجعي العالمي لأسعار البيع الفوري في لندن، حيث راهن المستثمرون على أن الرسوم الجمركية ستُثقل كاهل الواردات، إلا أن هذه العلاوة تراجعت إلى نحو 61 دولاراً عقب تعليقات المسؤول على الأمر التنفيذي.
أعلن المتحدث الرسمي للبيت الأبيض، أن الإدارة الأميركية بصدد توضيح ما وصفه مسؤوله بمعلومات مضللة بشأن الرسوم الجمركية على واردات سبائك الذهب وسط حالة من عدم اليقين دفعت بعض الجهات الفاعلة في الصناعة إلى إيقاف تسليم السبائك إلى الولايات المتحدة.
بحسب حكم صادر على موقع خدمة الجمارك وحماية الحدود الأميركية يوم الجمعة، فإن واشنطن قد تفرض رسوماً جمركية على السبائك الذهبية الأكثر تداولاً في الولايات المتحدة، وهي خطوة من شأنها أن تهز سلاسل التوريد العالمية للمعدن الأصفر الأكثر تداولاً في العالم.
في غضون ذلك قال مسؤول البيت الأبيض في إحاطة صحفية: «يعتزم البيت الأبيض إصدار أمر تنفيذي في المستقبل القريب لتوضيح المعلومات المضللة بشأن فرض رسوم جمركية على سبائك الذهب وغيرها من المنتجات المتخصصة».
بعد صدور حكم الجمارك وحماية الحدود الأميركية، حذرت جمعية المعادن الثمينة السويسرية في وقت سابق من يوم الجمعة من أن الرسوم الجمركية الأميركية قد تؤثر سلباً على التدفق الدولي للذهب المادي.
قال كريستوف وايلد، رئيس الجمعية السويسرية للمعادن الثمينة في بيان: «نحن قلقون بشكل خاص بشأن تداعيات التعريفات الجمركية على صناعة الذهب والتبادل المادي للذهب مع الولايات المتحدة، وهي شريك تاريخي طويل الأمد لسويسرا».
وفرض الرئيس دونالد ترامب رسوماً جمركية 39% على الصادرات السويسرية إلى الولايات المتحدة في إطار تعريفات يوم التحرير، التي دخلت حيز التنفيذ يوم 7 أغسطس الجاري.
قالت الجمعية السويسرية للمعادن الثمينة: «يجب ملاحظة أن هذا التوضيح لا ينطبق حصرياً على سويسرا، بل على جميع سبائك الذهب المصبوبة بوزن 1 كغم و100 أونصة المستوردة إلى الولايات المتحدة».
في حين أوضحت هيئة الجمارك وحماية الحدود الأميركية نهاية الأسبوع الماضي أن سبائك الذهب بوزن كيلوغرام واحد و100 أونصة غير مستثناة من الرسوم، بينما تُعدّ سويسرا أكبر مُصفّ للذهب في العالم.
بدأت الأزمة عندما استفسرت إحدى شركات تكرير الذهب في سويسرا عن التعريفات الجمركية التي دخلت حيز التنفيذ في الأسبوع الماضي، وجاء توضيح هيئة الجمارك وحماية الحدود الأميركية أن سبائك الذهب التي تزن كيلوغراماً واحداً و100 أونصة تخضع للرسوم، وفقاً لرسالة من الهيئة.
على المدى البعيد، يُثير وجود رسوم جمركية أميركية على منتجات الذهب القابلة للتسليم تساؤلات حول دور تداول العقود الآجلة في الولايات المتحدة، وفقاً لجوني تيفز، الخبيرة الاستراتيجية في بنك «يو بي إس».
كتبت الخبيرة لدى بنك «يو بي إس»: «إلى أن تتضح الصورة، نتوقع أن تظل سوق الذهب وأسواق المعادن النفيسة عموماً في حالة من التوتر الشديد».
هذا القرار، إن بقي سارياً، له تداعيات واسعة النطاق على تدفق السبائك الذهبية حول العالم، وربما على سلاسة تداول العقود الآجلة الأميركية، وفقاً لتيفز.
كتب روبرت غوتليب، المدير الإداري في «جيه بي مورغان تشيس»، في مذكرة إلى العملاء، في إشارة إلى السبائك: «يُتداول الذهب ذهاباً وإياباً بين البنوك المركزية والاحتياطيات حول العالم، لم نتخيل قط أن تُفرض عليه رسوم جمركية».
في غضون ذلك بات غير واضح ما إذا كانت الولايات المتحدة ستفرض رسوماً جمركية أيضاً على سبائك الذهب الأكبر حجماً (400 أونصة)، والتي تُشكل أساس التداول في لندن.
كما يسود غموض بشأن فرض رسوم على دول رئيسة أخرى منتجة للذهب، في حين تعد بورصة «كومكس» في نيويورك واحدة من ثلاثة أماكن رئيسة للتسعير في العالم، إلى جانب لندن وشنغهاي، حيث يتم تداول الأسعار الآن بخصم كبير.
سبائك الذهب التي تزن كيلوغراماً واحداً هي الشكل الأكثر شيوعاً للتداول في بورصة «كومكس»، أكبر سوق لعقود الذهب الآجلة في العالم، وتشكل الجزء الأكبر من صادرات سويسرا من السبائك إلى الولايات المتحدة.
أصبحت صادرات سويسرا من الذهب نقطة توتر في مفاوضاتها التجارية مع الولايات المتحدة، بعد أن تسببت زيادة كبيرة في الشحنات في وقت سابق من العام الجاري في ارتفاع حاد في العجز التجاري للولايات المتحدة مع البلاد.
كتب نيكوس كافاليس، المدير الإداري لشركة الاستشارات «ميتالز فوكس» المحدودة: «مثل هذا السيناريو من شأنه أن يجعل عقد بورصة شيكاغو التجارية غير قابل للتطبيق؛ لأن الولايات المتحدة لديها قدرة محدودة على تكرير الذهب».
قال: «ستكون الفجوة بين سعر السوق الفورية وسعر العقود الآجلة عرضة لمشاكل تتعلق بالسعة التخزينية».
أضاف كافاليس: «لا أرى أن ذلك يصب في مصلحة أحد، أظن أن هذا سوء فهم أو خطأ من جانب سلطات الجمارك، أو إن لم يكن خطأً، فلنقل تقييما ضعيفا، أظن أنه سيُطعن فيه قانونياً أو يُمارس الضغط عليه».