وقد تسببت أزمة كوفيد بانخفاض كبير جداً في إنتاج السيارات في فرنسا، إذ انتقل إنتاجها من 2.1 مليون سيارة عام 2019 إلى 1.3 مليون عام 2020.
ولم يتم تعويض هذا الانخفاض، الذي بلغت نسبته 40% تقريبأ، ولم يصل الإنتاج العام الماضي سوى إلى 1.4 مليون سيارة، وفقاً لما نقلت صحيفة لو فيغارو.
وبالعودة إلى الوراء أكثر، يمكن ملاحظة ان الانخفاض أكثر دراماتيكية، إذ كانت فرنسا في عام 2005، تنتج 3.5 مليون سيارة.
وبالنسبة للحكومة وكذلك بالنسبة للمصنعين، فالخلاص سيأتي من خلال التحول إلى قطاع المركبات الكهربائية. ولذلك اجتمع عدة مئات من المتخصصين في قطاع السيارات، يوم الثلاثاء في باريس، لمناقشة هذا الأمر.
ولهذا الاجتماع أهمية كبيرة هذا العام، لأن عالم السيارات والحكومة يضعان اللمسات النهائية على عقد الصناعة، الذي سيحدد الأهداف للسنوات 2023-2027. والهدف مهم: تجنب الاختفاء التام لصناعة السيارات في فرنسا.
لكن قطاع السيارات بلغ بالفعل مرحلة من التحوّل العملاق للكهرباء.حتى أن الوزير الفرنسي السابق لوك شاتيل قال: "إن طليعة المعركة من أجل المناخ، نجدها في قطاع السيارات، لأنه أول من يقوم بهذا التحول التاريخي برمته".
وفي أكتوبر 2021، حدد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون هدف إنتاج مليوني سيارة كهربائية كل عام بحلول عام 2030.
ولذلك، تضاعفت المشاريع في فرنسا في السنوات الأخيرة، على جميع مستويات القطاع. واليوم هناك أربعة مصانع عملاقة للبطاريات تعمل أو قيد الإنشاء.
ويجري التخطيط في فرنسا لإنشاء محركات كهربائية، وخلايا الوقود، وسلائف البطاريات، وخزانات الهيدروجين، وإلكترونيات الطاقة، وحتى مناجم الليثيوم - وهي مادة خام أساسية للبطاريات.
ويقول شاتيل: "تركز صناعة السيارات على العديد من المشاريع، التي تصل استثماراتها إلى مليارات اليورو، والتي تتحكم بالنظام البيئي بأكمله في كل مرة".
ويتطلب نجاح هذا التغيير الواسع النطاق، دعماً لا ينقطع من الدولة. ويقول شاتيل: "يجب علينا إدامة أنظمة الدعم، لأنه يجب ألا ننسى أن تكلفة السيارة الكهربائية، لا تزال تزيد بنسبة 50% عن نظيرتها الحرارية."
وارتفعت قي السنوات الأخيرة، مبيعات السيارات الكهربائية 100% بعد أن كانت تمثّل فقط 3% من المبيعات في عام 2019.
في العام الماضي ارتفعت هذه النسبة إلى 21%. وبحلول عام 2027، يستهدف القطاع نسبة 50%، وهو ما يعتبره شاتيل "رقما طموحا".
ويعتقد الصناعيون أيضاً أن الجهود يجب أن تستمر لتحسين القدرة التنافسية لـ"العرض الفرنسي".
وكانت تكلفة العمالة بالساعة في الربع الأول من عام 2023 في فرنسا، أعلى قليلاً مما هي في ألمانيا، وتصل إلى 42.80 يورو مقابل 42.50 يورو في ألمانيا.
ولكن هناك دول داخل أوروبا، مثل إسبانيا أو سلوفاكيا أو سلوفينيا، تبلغ تكلفة الساعة فيها أقل من 25 يورو. فالفرق هائل. ويقول شاتيل: "إننا نخوض منافسة شديدة للغاية داخل وخارج أوروبا".
وليس من المؤكد أن تفوز فرنسا في هذه المعركة. ومنذ بداية العام شهدت فرنسا طفرة في السيارات الكهربائية الصينية منخفضة التكلفة.
وفي هذا الصدد، تدرس صناعة السيارات الفرنسية، تطبيق المشروطية البيئية لمكافأة شراء سيارة كهربائية، أي قرار مراعاة التأثير البيئي المرتبط بتصنيعها.
لكن التحدي يكمن في إقناع المصنعين الذين لديهم مصانع في فرنسا، بصناعة سياراتهم الكهربائية في البلاد.
فتصنيع سيارة "ستروين الكهربائية "سي 3" تتم في مدينة "ترنافا" في سلوفاكيا، وكانت شركة "ستيلانتس"، وهي الشركة الأم لـ"ستروين" تبحث باستمرار عن موردّين جدد في البلدان، حيث تكاليف العمالة منخفضة فيها لتحقيق هدفها المتمثل بسعر أقل من 25 الف يورو.
هذا هو التحدي برمته الذي يواجهه القطاع.. النجاح غدا في امتلاك القدرات الإنتاجية الكافية داخل البلاد، وامتلاك القدرة التنافسية في العرض لإغراء الزبائن. فبقاء صناعة السيارات الفرنسية على المحك.