كشفت وثائق داخلية لمنظمة التجارة العالمية، أن الدول الأعضاء تسعى لإجراء سلسلة إصلاحات جذرية تهدف إلى كسر الجمود الذي سيطر على مفاوضاتها لسنوات، وسط تهديدات بفقدان المنظمة لأهميتها الدولية.
ويأتي هذا التحرك بعد أن همّشت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب المنظمة، من خلال فرض رسوم جمركية شاملة دفعت العديد من الدول إلى إبرام اتفاقيات تجارية ثنائية مع الولايات المتحدة، بعيداً عن الإطار متعدد الأطراف الذي تمثله المنظمة.
وأكد دبلوماسيون لوكالة «رويترز»، أن أحد أبرز التحديات يتمثل في شرط التوافق الكامل بين جميع الدول الأعضاء البالغ عددها 166 دولة، وهو ما يعرقل التوصل إلى اتفاقات شاملة.
وفي رسالة داخلية، قال السفير النرويجي لدى المنظمة، بيتر أولبرج، الذي يترأس محادثات الإصلاح: «الشعور بالإلحاح واضح، وهناك إجماع متزايد على أن لا بديل عملي عن إصلاح المنظمة».
من جهة أخرى، يدور جدل واسع حول الامتيازات التي تحظى بها الدول النامية، ومن أبرزها الصين والهند، والتي تُمنح معاملة تفضيلية رغم تحولها إلى قوى اقتصادية كبرى، ما أثار اعتراضات أميركية حادة.
وأظهرت الوثائق أن المنظمة تدرس تبسيط عمليات صنع القرار، ومراجعة قواعد الدعم والسياسات الصناعية، إلى جانب تعزيز العدالة بين الدول الأعضاء.
ومن المقترحات المطروحة ما يسمى بـ«تحسين باريتو»، الذي يطالب بتقديم دليل قائم على الأثر الفعلي عند الاعتراض على مقترحات إصلاحية، وقد طرحت الصين هذا المقترح، وفق ما أعلنه مندوبها الدائم في جنيف.
كما تشمل الاقتراحات السماح لأعضاء بالانسحاب من قرارات معينة، والسماح لمجموعات من الدول بالمضي قدماً في مفاوضات دون الحاجة إلى توافق كامل.
وفي تصريحات لـ رويترز، قال روبرتو أزيفيدو، المدير العام السابق لمنظمة التجارة العالمية (2013-2020): «النظام متعدد الأطراف الذي تأسس بعد الحرب العالمية كما نعرفه، انتهى... الإصلاح مسألة حياة أو موت بالنسبة للمنظمة».
وفي وثيقة مقيّدة اطلعت عليها رويترز، اعتبرت المديرة العامة الحالية نجوزي أوكونجو إيويالا أن نهج «الإصلاح بالممارسة» لم يعد مجدياً، مؤكدة أن مشاكل المنظمة تحتاج إلى حلول هيكلية شاملة، لا خطوات تجميلية تدريجية.
من جانبها، ذكرت الصين في يونيو الماضي أنها استمعت بعناية إلى المخاوف الأميركية، وأبدت استعدادها لمناقشة الامتيازات الممنوحة لها، إلى جانب قضايا الرسوم الجمركية والسياسات الصناعية.
أما الهند، وهي الطرف الآخر في دائرة الجدل، فلم تصدر أي تعليق على طلب رويترز بشأن موقفها من تلك الإصلاحات.
في المقابل، أوضحت الولايات المتحدة في جدول أعمالها التجاري لعام 2025 أنها بدأت تفقد صبرها، ولن تقبل بأي إصلاحات ما لم تتنازل القوى الاقتصادية الكبرى مثل الصين والهند عن الامتيازات الممنوحة لها كدول نامية.