أدى قرار إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب خفض معظم المساعدات الخارجية الأميركية إلى توقف عشرات مشاريع المياه والصرف الصحي حول العالم قبل اكتمالها، ما عرض ملايين الأشخاص لمخاطر صحية ومعيشية متزايدة، وفقاً لمسح أجرته وكالة «رويترز».
وكشفت رويترز عن 21 مشروعاً غير مكتمل في 16 دولة، استناداً إلى مقابلات مع 17 مصدراً مطلعاً، ووثائق داخلية، وشهادات مسؤولين محليين.
وفي نيبال، توقفت أعمال بناء أكثر من 100 شبكة لمياه الشرب، تاركة مواد بناء غير محمية في القرى، فيما توقف العمل في أبراج مياه كانت مخصصة للمدارس والعيادات في مالي.
أما في لبنان، فقد ألغي مشروع لتوفير الطاقة الشمسية لمحطات المياه، ما أدى إلى فقدان نحو 70 وظيفة، وعودة الاعتماد على الديزل.
وفي كينيا، حذر سكان مقاطعة تايتا تافيتا من مخاطر انهيار قنوات ري غير مكتملة بسبب الأمطار، ما قد يؤدي إلى تدمير المحاصيل وزيادة معدلات الفيضانات.
وإزاء هذه الاوضاع، تقول ماري كيباشيا، مزارعة تبلغ من العمر 74 عاماً: «ليس لدي أي حماية من الفيضانات... الوضع سيتفاقم بالتأكيد».
أما في الكونغو الديمقراطية، فقد تحولت أكشاك مياه تابعة لوكالة التنمية الأميركية إلى ملاعب للأطفال، بعد توقف التمويل.
وذكرت إيفلين مباسوا أن ابنها اختفى أثناء ذهابه لجلب الماء، وهو ما تكرر في مناطق مزقتها الصراعات، حيث يتعرض الأطفال للاختطاف والفتيات للاغتصاب خلال رحلاتهم اليومية لجلب المياه.
وبحسب جون أولدفيلد، مستشار في مشاريع البنية التحتية للمياه، فإن «توفير المياه الآمنة يحدّ من الأمراض ويزيد من فرص بقاء الأطفال في المدارس ويقلل من احتمالات انضمام الشباب للجماعات المتطرفة».
كما أشارت تجيدا دوين ماكينا، الرئيسة التنفيذية لمنظمة ميرسي كوربس، إلى أن هذا التراجع في التمويل «ليس مجرد خسارة للمساعدات، بل انهيار للتقدم والكرامة الإنسانية»، مضيفة أن 1.7 مليون شخص حُرموا من مشاريع مياه كان يُفترض أن تخدمهم في الكونغو ونيجيريا وأفغانستان.
رغم استئناف التمويل لمشروع واحد على الأقل -وهو محطة تحلية في الأردن بقيمة 6 مليارات دولار- لم تُستأنف مشاريع في دول مثل إثيوبيا وتنزانيا.
وكان قرار خفض التمويل جزءاً من توجه إدارة ترامب للحد من المساعدات الخارجية التي لا تخدم المصالح الأمريكية المباشرة، حسب تعبير مسؤولين. في حين أظهرت دراسة في دورية «ذا لانسيت» الطبية أن التخفيضات قد تؤدي إلى وفاة 14 مليون شخص إضافي بحلول عام 2030.
ويقدّر الإنفاق الأميركي السنوي على مشاريع المياه بـ450 مليون دولار، من أصل 61 ملياراً من المساعدات الخارجية التي قدمتها الولايات المتحدة في العام الأخير قبل خفض التمويل.
ووفقاً لوثائق اطلعت عليها «رويترز»، فإن المشروعات المتوقفة تركت خلفها خنادق مكشوفة، وموادّ معرضة للتلف والنهب، ولافتات تشير إلى الوكالة الأميركية للتنمية الدولية كمصدر غير مكتمل للمشاريع، ما قد يؤثر سلباً في صورة واشنطن الدولية ويعزز نفوذ الجماعات المتطرفة في بعض المناطق.