كشف محمد فهيم، رئيس مركز معلومات تغير المناخ التابع لوزارة الزراعة المصرية، عن خطة استراتيجية متكاملة تطبقها الحكومة المصرية للتعامل مع تأثيرات تغير المناخ على الإنتاج الزراعي، خصوصاً المحاصيل الاستراتيجية مثل القمح والأرز والذرة، بالإضافة إلى الخضروات.
وأضاف فهيم، في تصريحات لـ«إرم بزنس»، أن هذه الخطة تستهدف ضمان استدامة الإنتاج الزراعي وضمان توافر الغذاء دون تأثر كبير بتغيرات المناخ التي تهدد الأمن الغذائي في مصر.
وأشار فهيم إلى أن من بين الإجراءات المهمة التي تم اتخاذها لمواجهة هذه التحديات، استنباط أصناف جديدة من المحاصيل تكون متوافقة مناخياً مع الظروف الحالية والمستقبلية، حيث يشمل هذا استنباط أصناف قصيرة العمر التي يمكن أن تتحمل الظروف المناخية القاسية، مثل الارتفاع الكبير في درجات الحرارة والجفاف، وهي أبرز التحديات التي يواجهها القطاع الزراعي في مصر نتيجة لتغير المناخ.
ولفت إلى أنه تم استنباط أصناف جديدة من القمح التي لا تتجاوز دورتها الزراعية 150 يوماً، بينما كانت في السابق تتطلب 180 يوماً، وكان لهذه الأصناف دور كبير في الحفاظ على زيادة إنتاجية الفدان، حيث وصل متوسط إنتاجية الفدان إلى 20 إردباً، وهو ما كان يعد من المستحيل تحقيقه في ظل الظروف المناخية الحالية التي كانت ستؤدي إلى إتلاف المحاصيل نتيجة لارتفاع درجات الحرارة.
ولفت رئيس مركز معلومات تغير المناخ، إلى أنه لولا هذه التعديلات، لكان من الممكن أن يحدث نقص كبير في محصول القمح في مصر أو ما يطلق عليه نقص الحبوب، وهو ما كان سيؤثر بشكل كبير على الأمن الغذائي.
ولفت فهيم إلى نجاح الوزارة في استنباط 18 صنفاً من القمح قصير العمر، وهو ما ساهم في الحفاظ على إنتاجية المحاصيل خلال فترات الصيف، التي عادة ما تكون خطرة على المحاصيل نتيجة لارتفاع درجات الحرارة.
وتابع أن هذا التقدم في استنباط الأصناف كان خطوة كبيرة نحو تأمين المحاصيل الاستراتيجية التي تعتبر العمود الفقري للأمن الغذائي في البلاد.
وفي ما يتعلق بالأرز، أوضح فهيم أنه تم استنباط أصناف جديدة من الأرز التي أصبحت تتطلب 125 يوماً فقط للزراعة بدلاً من 165 يوماً كما كان الحال سابقاً، وهذا التطور في استنباط أصناف الأرز ساهم في تقليل تأثيرات الظروف المناخية على المحصول وضمان استمرار الإنتاج دون التأثر بالحرارة المرتفعة أو الجفاف.
أما بالنسبة للذرة، أشار محمد فهيم إلى أن دورات زراعتها قد تم تقليصها بشكل ملحوظ، حيث كانت دورة الذرة في السابق تتراوح بين 135 و140 يومًا، بينما أصبحت الآن 95 يوماً فقط.
وقال المسؤول المصري، إن هذا التغيير ساعد على تحسين الإنتاجية وتقليل تأثيرات تغير المناخ، إذ إن الأصناف الجديدة قادرة على النمو بسرعة أكبر ومقاومة التغيرات المناخية المفاجئة.
وتطرّق فهيم إلى التقدم الذي تم إحرازه في تحسين محاصيل الخضروات والفاكهة، مشيراً إلى أن الطماطم هي من المحاصيل التي تضررت بشكل خاص من التغيرات المناخية، خاصةً في فترات الصيف وارتفاع درجات الحرارة.
وتابع أنه مع استنباط نحو 120 هجيناً من الطماطم في مصر، تم التوصل إلى أصناف قادرة على تحمل التغيرات المناخية لهذا المحصول الحيوي، وهذه الأصناف الجديدة تسمى أصناف مقاومة للحرارة أو عقد حراري، وهي قادرة على الحفاظ على قدرتها الإنتاجية حتى في فترات ارتفاع الحرارة الكبيرة التي كانت ستتسبب في توقف زراعتها خلال فصل الصيف.
وأكد فهيم أنه يَعُد هذا التقدم في استنباط الأصناف المقاومة للظروف المناخية القاسية خطوة مهمة نحو الحفاظ على استقرار القطاع الزراعي في مصر، الذي يعتبر أحد أهم القطاعات الاقتصادية في البلاد، كما يعكس هذا التوجه أيضاً التزام وزارة الزراعة بتطبيق أحدث تقنيات الزراعة لتحقيق الأمن الغذائي في ظل التحديات العالمية الحالية المتعلقة بتغير المناخ.
وتابع: «مصر تسير في الاتجاه الصحيح نحو بناء استراتيجية زراعية مستدامة قادرة على مواجهة التأثيرات السلبية لتغير المناخ، من خلال الابتكار في استنباط المحاصيل وتحسين القدرة الإنتاجية للمزارعين في مواجهة هذه التحديات».