logo
مقالات الرأي

ماذا لو أصبح كل وسيط عقاري في دبي بطلاً للاستدامة؟

ماذا لو أصبح كل وسيط عقاري في دبي بطلاً للاستدامة؟
مجموعة من الألواح بمحطة للطاقة الشمسية في مدينة دبي الإماراتية ـ 13 فبراير 2023المصدر: غيتي إيمجز
تاريخ النشر:20 مايو 2025, 04:20 م

في قلب إمارة دبي النابضة بالحياة، حيث تتشابك الطموحات العمرانية الشاهقة مع الرؤى المستقبلية، تكشف الأرقام الصادرة عن بلدية دبي عن وجود ما يقارب 72 ألف مبنى تنطبق عليها مواصفات «المباني الخضراء»، وهو ما يمثل 58% من إجمالي المباني حتى نهاية الربع الثاني من عام 2023.

يضعنا هذا التقدم الملحوظ جميعاً أمام مسؤولية جماعية تتجاوز مجرد الاحتفاء بالأرقام، إنها دعوة صريحة لتعزيز هذا التوجه النبيل وتحويله إلى ثقافة راسخة وعميقة الجذور في صميم القطاع العقاري المزدهر في دبي، وفي هذا السياق يبرز الدور المحوري الذي يمكن أن يلعبه الوسيط العقاري في قيادة هذا التحول الطموح، وأن يكون المحرك الفعال لترسيخ مفاهيم الاستدامة في كل صفقة عقارية، وكل حوار مع مستثمر أو مشترٍ.

أخبار ذات صلة

مشاريع الوجهات الشاطئية في دبي مقصد الأثرياء وأصحاب الثروات

مشاريع الوجهات الشاطئية في دبي مقصد الأثرياء وأصحاب الثروات

إن الدور التقليدي للوسيط العقاري، الذي اقتصر في الماضي على تسهيل عمليات البيع والشراء والتأجير، يتسع اليوم ليشمل آفاقاً أرحب ومسؤوليات أعمق، فالوسيط العصري يمتلك القدرة الفريدة على أن يكون محركاً حقيقياً لتبني مفهوم «المباني الخضراء» على نطاق أوسع بكثير مما نتخيل، هذه المسؤولية تبدأ أولاً وقبل كل شيء بزيادة نشر الوعي والتثقيف المستمر حول ماهية هذه المباني الصديقة للبيئة ومواصفاتها المتميزة.

يجب على الوسيط العقاري الطموح أن يكون على دراية كاملة بأدق التفاصيل المتعلقة بالتصميم البيئي الذكي للمباني، وكفاءة استخدام الطاقة والمياه التي تُعد شريان الحياة لأي مشروع مستدام، وجودة المواد المستدامة المستخدمة في البناء التي تضمن عمراً أطول وتقليلاً للأثر البيئي، وأساليب الإدارة الفعالة للنفايات التي تحافظ على نظافة البيئة وصحة المجتمع.

ستمكنه هذه المعرفة العميقة والشاملة من تقديم قيمة حقيقية للمطورين العقاريين، ومساعدتهم على طرح مشاريع مبتكرة تتبنى معايير الاستدامة في صميم تصميمها وتنفيذها. بل وأكثر من ذلك، سيكون الوسيط قادراً على تشجيعهم وتحفيزهم على تبني أفضل الممارسات العالمية التي تصب في نهاية المطاف في مصلحة المستهلك والمستثمر على حد سواء، وذلك من خلال تعزيز جودة الحياة، وتقليل التكاليف التشغيلية على المدى الطويل.

وفي خضم هذه البيئة الديناميكية المتغيرة، يقع على عاتق الوسيط العقاري دور حيوي آخر لا يقل أهمية، حيث يمتد ليشمل نشر وزيادة الوعي لدى المشترين والمستأجرين المحتملين حول المزايا العديدة التي تقدمها هذه العقارات الصديقة للبيئة، فعند تسويق هذه العقارات المتميزة، يجب على الوسيط أن يكون بارعاً في إبراز الفوائد الاقتصادية الملموسة للمستثمرين، مثل التأثير الإيجابي على العائد الإيجاري الذي يزداد جاذبية مع تزايد الوعي بأهمية الاستدامة، وارتفاع قيمة العقارات على المدى الطويل نتيجة لزيادة الطلب عليها.

إضافة إلى ذلك، لا ينبغي للوسيط أن يغفل عن تسليط الضوء على الفوائد البيئية والمجتمعية الأوسع التي تساهم بها هذه المباني، مثل تقليل البصمة الكربونية، والحفاظ على الموارد الطبيعية، وتعزيز جودة الحياة في المجتمعات المستدامة، ولتعزيز هذه الفوائد وتحقيق أقصى قدر من التكامل والتعاون، يمكن للتعاون الوثيق والمثمر بين الأطراف الثلاثة الرئيسة في سوق دبي العقاري – التي تتمثل في دائرة الأراضي والأملاك، الجهة التنظيمية الحاضنة للقطاع، والمطور العقاري، والمحرك الرئيس للمشاريع؛ والوسيط العقاري، حلقة الوصل الحيوية مع المستثمرين والمشترين – أن يلعب دوراً محورياً في تحقيق التناغم وتضافر الجهود نحو تحقيق أهداف الاستدامة الطموحة التي تتبناها الحكومة.

  

أخبار ذات صلة

مئات المستثمرين يجتمعون في حدث ضخم بدبي لمناقشة العقارات الساحلية

مئات المستثمرين يجتمعون في حدث ضخم بدبي لمناقشة العقارات الساحلية

إن الوسيط العقاري في هذا السياق الجديد لا يمثل مجرد سمسار أو وكيل؛ بل يتحول إلى سفير عقاري وتوعوي، يمتلك القدرة الفريدة على المساهمة بشكل مباشر وفعال في تحقيق أهداف دبي للاستدامة، فهو يتمتع بمنصة قوية للتواصل مع شريحة واسعة من الجمهور، ولديه القدرة على تسليط الضوء على البرامج البناءة والمبادرات الخلاقة التي تتبناها رؤية دبي الطموحة نحو بناء مستقبل أكثر اخضراراً وازدهاراً.

فمن خلال الترويج الفعال للمشاريع العقارية الرائدة التي تتبنى معايير الاستدامة في صميم تصميمها وتنفيذها، على سبيل المثال لا الحصر مشروع البراري الذي يركز على الانسجام مع البيئة الطبيعية الخلابة، ومشروع تلال الغاف الذي يدمج المساحات الخضراء في تصميمه الحضري الأنيق، ومشروع إكسبو سيتي الذي يستند على مبادئ الاستدامة والابتكار كركائز أساسية، ومشروع وصل غيت الذي يولي اهتماماً خاصاً بالجوانب البيئية والاجتماعية في كل تفاصيله، يمكن للوسيط العقاري أن يلعب دوراً محورياً في توجيه المستثمرين نحو اتخاذ خيارات أكثر مسؤولية بيئياً واجتماعياً، وبالتالي المساهمة في بناء مستقبل أكثر إشراقاً للجميع.

إن تحويل كل وسيط عقاري في دبي إلى «بطل للاستدامة» ليس مجرد شعار طموح أو عبارة رنانة؛ بل هو دعوة صادقة للعمل الجاد والمثمر، فمن خلال تبني المعرفة العميقة بأصول الاستدامة، وتعزيز الوعي بأهميتها لدى جميع الأطراف المعنية، وتسهيل الخيارات المستدامة للمستثمرين والمشترين، يمكن للوسطاء العقاريين أن يكونوا قوة دافعة حقيقية ومؤثرة نحو تحقيق رؤية دبي الطموحة لمستقبل مستدام ومزدهر، يجمع بين النمو الاقتصادي والازدهار البيئي في تناغم وانسجام تامين.

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
تحميل تطبيق الهاتف
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC