logo
مقالات الرأي

كوفيد.. الثمن الذي تدفعه الصين لتعود للمسار العالمي

كوفيد.. الثمن الذي تدفعه الصين لتعود للمسار العالمي
تاريخ النشر:5 يناير 2023, 12:59 م

يتفشى اليوم في الصين الفيروس، الذي أصبح مرضًا مستوطناً في بقية العالم، وهو ما كان متوقعًا عاجلاً أم آجلاً، وكذلك الكارثة الطبية التي تشهدها الصين، فبينما تمتلك الصين 10 مدن أكبر من نيويورك، لا تتمتع سوى بنحو خُمس قدرات العناية المركزة لديها. كما يزداد نقص العلاج في المدن الصغيرة والمناطق الريفية. وعلى عكس الهند الشابة، التي مرت بمحنة مماثلة قبل عامين، فإن سكان الصين يشبهون المجتمعات الغربية، في معدلات العمر وما يرتبط بذلك من ضعف القدرة على مواجهة الإصابة الحادة بفيروس كوفيد.

يمكن انتقاد حكومة الحزب الشيوعي، لعدم تعزيز قدراتها الصحية، وعدم استخدامها للقاحات على نحو أفضل.

ولا يجب علينا أن نخشى تحور الفيروس، ليُشكّل طفرة خطيرة، لا سيما وأنه منتشر الآن في الصين، كما حدث في أي مكان آخر.

ومع بقاء كافة الاحتمالات قائمة في ظل تلك التحورات، لكن الفيروس تفشى بين 6.5 مليار شخص، على مدى 3 سنوات، ونحن لسنا الصينيين الذين لم يطوروا اللقاح، وتضاءلت المناعة لديهم ما تسبب في انتشاره بسهولة أكبر، وربما أيضًا قد يتسبب في ظهور مرض بدرجات أخف.  

وهناك شيء جيد آخر، من نتائج عدم رغبة الصين في استيراد لقاحات الحمض النووي الريبي "mRNA" الغربي، وهي أن 1.4 مليار شخص أصبحوا موطناً للفيروس، ولن يمثلوا قوة تدفعه لمقاومة أكبر للقاح "mRNA". حيث يرجح أن يكون مسار الفيروس حميدًا نسبيًا الآن بعد أن استوطن بيننا.

ما يقلقني هو الفيروسات الأخرى التي لم تصل إلى هذه المرحلة بعد.

انتشر التحذير من التحورات مؤخرًا على ألسنة الخبراء، لأسباب يفهمها اليونانيون القدماء على أفضل وجه، الرواد الحقيقيون لطقوس الرثاء، حيث يقرأون قصائدهم لتعريف المستمع بالمتحدث لدرجة كبيرة، تجعله يستنكر المحنة الحتمية التي سيقع بها.

رأينا الأمر خلال تجربتنا الخاصة بكوفيد، حيث يحاول أشخاص بارزون، عزل "سمعتهم" عن مسار كوفيد، وذلك من خلال إصدار بيانات مبالغ فيها من اللوم واليأس، بالإضافة إلى دعوات غير واقعية للعمل، وقد تحدثنا عن هذا مرارًا وتكرارًا في هذا العمود.

وسط تلك الأوقات العصيبة بالصين، جذب الأنظار قرار اتخذته الحكومة مؤخرًا، بخفض إجراءات الحجر الصحي للوافدين من الخارج من 7 أيام إلى 5. وبعد بضعة أيام، أدركت الصين سخافة الخطوة، وألغت الحجر الصحي تمامًا.

سارت السياسات الأميركية في الاتجاه المعاكس، حيث طلبت فحص كوفيد سلبيا للزوار الصينيين، كما لو أنهم يشعرون بالإهانة، من إمكانية جلبهم لبلادنا فيروسا متوافرا لدينا بكثرة، وقد حول العالم بأكمله لمختبر تطوري له. ولا غرابة أنه عندما يتخذ بلد ما مثل هذه الخطوة، سوف تجد بلدان أخرى صعوبة في عدم اتباعها.

يبدو أن البريطانيين فقط يقاومون الخطوة عديمة الفائدة عملياً، رغم احتمال سن المملكة المتحدة حظرًا على السفر على أي حال، خوفًا من إغراق السياح الصينيين لخدماتها الصحية الوطنية المثقلة بالأعباء، بحثًا عن الرعاية التي لا يمكنهم الحصول عليها في بلادهم.

يأتي حظر الولايات المتحدة مع تسجيلها رسميًا، الحالة رقم 100 مليون من الإصابة بكوفيد، وهي أخبار تم تجاهلها عن عمد، إذ أدركت وسائل الإعلام لدينا أخيرا أن التدابير الرسمية لا معنى لها.

ينتشر فيروس كوفيد في كل مكان، مما يتسبب في ملايين حالات العدوى المتكررة، التي لا تدخل في الإحصاء كل شهر. وإذا كان هناك أي لغز وبائي أو بيانات تستحق الحل في هذه المرحلة، فهي تتعلق بأشخاص مثلي: تم تطعيمهم 4 مرات، وما زالوا يفكرون في كل شهيق أو بحة في حلقهم على مدى 3 سنوات، ويتساءلون عما إذا كانوا قد تعرضوا للإصابة بالفيروس أم لا.

يتساءل العالم عن سبب فشل الصين فيما قامت به مجتمعات أخرى خالية من كوفيد، مثل أستراليا ونيوزيلندا، التي تبنت سياسة "افعلها" المتميزة، فبعد أن تمت حماية البلاد من كوفيد، لم يسارع الناس لأخذ اللقاح كما فعل العديد من الصينيين. لكن تلك المجتمعات انخرطوا في برامج اللقاحات بنهاية الأمر، مع تأكيد حكوماتهم أن الخروج عن المسار العالمي سينتهي في وقت محدد مع تفشي الفيروس.

اللغز الحقيقي هو عدم استعداد نظام "شي جين بينغ" لفعل الشيء نفسه، وهناك العديد من التفسيرات لذلك، لكن التفسير الأكثر احتمالًا أن الحكومة فقدت السيطرة على الفيروس، وتحاول إيجاد طريقة لوضع إطار لتخليها عن سياسة "صفر -كوفيد".

وما يعوق ذلك التحرك كيفية التخلي عن "صفر كوفيد" دون إخراج القصة الدعائية، التي أنقذ بها "شي جين بينغ" الصين من كوفيد، عن مسارها. والخطأ الثاني الأكبر الذي ارتكبته بكين، بعد رفضها استيراد لقاحات غربية أفضل، هو دراسة الكيفية التي نجحت بها أستراليا ونيوزيلندا، فضلاً عن سنغافورة وتايوان وكوريا الجنوبية، في تحقيق الهدف. حيث نجحت تلك البلدان من خلال التحدث بأمانة مع شعوبها، حول الحاجة إلى السماح للفيروس بالانتشار، من أجل العودة للانضمام لبقية البشرية.

المصدر: وول ستريت جورنال

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
تحميل تطبيق الهاتف
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC