مع بدء محادثات التجارة الأميركية-الصينية في لندن، يبحث المستثمرون عن اتجاه واضح وسط عناوين متضاربة تتراوح بين تهديدات رسوم جمركية جديدة، والخلاف بين ترامب وإيلون ماسك، والاضطرابات المدنية في لوس أنجلوس. ومع اتساع نطاق المخاطر، تظل الأسواق في حالة استقرار نسبي.
لماذا؟ لأن الصورة الاقتصادية الأساسية لا تزال متماسكة. هذه المتانة الكلية تمنح الإدارة الأميركية القدرة على اتباع نهج تفاوضي صارم، وتوفر للمستثمرين مساحة للتركيز على الأساسيات بدلاً من ضجيج الأحداث قصيرة الأجل.
لا يزال الرئيس ترامب يستخدم الاضطراب كأداة إستراتيجية—سواء في الملفات التجارية، أو التكنولوجيا، أو التأثير على الشركات. وعلى الرغم من أن هذا النهج يزيد من التقلبات، إلا أنه جزء من إستراتيجية أوسع تهدف إلى تعزيز النفوذ وتحقيق نتائج.
ما نشهده، اليوم، ليس بالضرورة فقداناً للسيطرة، بل توزيعاً للمخاطر عبر عدة محاور:
هذه ليست قصة واحدة، بل مجموعة سيناريوهات تتفاوت ما بين فرص صعودية ومخاطر نزولية بحسب تطورات الأحداث.
رغم استمرار الأمل، فإن عصر المكاسب السهلة—مثل وقف الرسوم أو تنازلات بسيطة—قد ولّى. ما تبقى هو خلافات هيكلية عميقة، مثل:
هذه ملفات إستراتيجية، يصعب حلها في جولات محدودة من التفاوض.
ومع ذلك، هدأت حدة الغموض مقارنة بذروة الفوضى في أبريل، وباتت الأسواق أكثر انتقائية، حيث لم تعد التجارة المحرّك الأساس لتحركات الأسعار كما كانت.
أظهر تقرير الوظائف، يوم الجمعة، أن الاقتصاد ما زال متماسكاً: نمو مستقر، وسوق عمل قوية، وتضخم في مسار تباطؤ. وهو ما يمنح الفيدرالي مرونة للبقاء في وضع الترقب، في انتظار قياس تأثير الرسوم الجمركية. وقد تجاهلت الأسواق إلى حد كبير دعوات ترامب لخفض الفائدة 100 نقطة أساس، وأصبحت التوقعات تميل إلى أقل من خفضين (25 نقطة أساس) بنهاية العام.
أثار ترامب، مؤخراً، الجدل بتصريحه بأنه اختار بالفعل خليفة محتملاً لرئيس الفيدرالي جيروم باول، وأن الإعلان «قريب جداً». وهذا يفتح الباب أمام سيناريو «رئيس ظل»، يبدأ بتشكيل توقعات السوق قبل استلام المنصب رسمياً.
هذا التطور قد يقوّض مبدأ استقلالية الفيدرالي. وإذا بدأ المرشح المرتقب بإطلاق تلميحات سياسية، فقد تبدأ الأسواق في تجاوز فترة باول قبل انتهائها فعلياً.
حتى الآن، تبقى الأسواق مركّزة على العناصر الأساسية:
هذا المزيج كافٍ للحفاظ على شهية المخاطرة في الأسواق واحتواء التقلبات. العناوين السياسية لم تختفِ، لكن قدرتها على تحريك السوق بدأت تتلاشى. وطالما بقيت الأسس الاقتصادية قوية، فإن المستثمرين سيواصلون النظر لما وراء الضجيج.