logo
عقارات

كبوة العقارات في الصين.. إجراءات حكومية لعبور الأزمة

كبوة العقارات في الصين.. إجراءات حكومية لعبور الأزمة
تاريخ النشر:27 نوفمبر 2023, 07:23 م
على الرغم من تحسن بعض مؤشرات الاقتصاد الصيني مؤخرا وعلى رأسها الإنتاج الصناعي إلا أن المخاوف لا تزال تحيط بقطاعات رئيسية، وفي مقدمتها قطاع العقارات الذي دخل في أزمة حادة بسبب تراجع المبيعات، إثر إجراءات حكومية صارمة حدت من التسهيلات البنكية السخية، وهو ما دفع بشركات كبرى إلى حافة الإفلاس، بعدما اغترفت ديونا بعشرات المليارات.

ويسهم قطاع العقارات في الصين بنحو 30% من الناتج المحلي الإجمالي، وتصب حوالي 80% من ثروات المواطنين في هذا القطاع. وبفعل القيود والاضطرابات، انخفضت مبيعات أكبر 100 شركة عقارية صينية بنسبة وصلت إلى 27.5% خلال أكتوبر الماضي على أساس سنوي، لتصل إلى 406.7 مليار يوان (55.6 مليار دولار).

وانطلقت الشرارة الأولى للأزمة من شركات العقارات العملاقة، والتي اعتادت الاقتراض لشراء الأراضي ثم بيع المنازل على الخارطة قبل بنائها ثم استخدام أموال المبيعات للدفع للمقرضين ثم تمويل المشروع التالي.

وكانت الشركات تقوم بذلك على مدى العقدين الماضيين، وقد حصدت أرباحا ضخمة للغاية مع ارتفاع أسعار المنازل إلا أن تراجع المواطنين عن شراء المنازل الجديدة زاد من ديون شركات التطوير العقاري وتعثرها، ما أدى إلى موجة من التباطؤ في القطاع، ومخاوف من انهيار الشركات، الأمر الذي استدعى تدخل مباشر من السلطات لحل الأزمة.

إجراءات التدخل الحكومي، شملت الإعلان عن قائمة تضم 50 مطورا عقاريا مؤهلين للحصول على التمويل وأسمتها "القائمة البيضاء"، وذلك في سعي منها لوضع حد للأزمة. ومن بين هذه الشركات "تشاينا فانكي" و"سيزون جروب" و"لونجفور غروب هولدينجز"، وهو ما يمثل أحدث خطوة من جانب السلطات لدعم قطاع العقارات المتعثر.

كما أقرت الحكومة الصينية، للمرة الأولى، إجراءات تسمح من خلالها للبنوك بتقديم قروض لإتاحة النفقات التشغيلية اليومية حتى يتسنى للشركات استخدام رأس المال في سداد ديونها، وهي قروض عادة تحتاج إلى وجود أصول كضمانات مثل الأراضي المخصصة لتلك الشركات من قبل الحكومة، إلا أنه مع هذه الأزمة سمحت الحكومة للبنوك بإقراض الشركات بدون هذه الضمانات.

خطوات للتعافي

يقول جوزيف أدينولفي، الخبير الاقتصادي والمختص بالسوق الصينية، في تصريحات لـ "إرم الاقتصادية"، إن المشكلة بدأت مع تعثر شركة "تشاينا إيفرغراند" عملاق العقارات الصينية، حيث زادت عليها الديون بشكل متراكم مع تباطؤ الإقبال على شراء منازل جديدة، ثم امتدت الأزمة لتمتد إلى المطورين العقاريين الآخرين.

وأضاف أن الأمر تطلب تدخل حكومة بكين بعدد من المحفزات؛ تفاديا لحدوث ركود في قطاع العقارات، منها خفض معدلات الرهن العقاري، وسمحت للبنوك بتقديم قروض للمطورين العقاريين، فضلا عن قيام بنك الشعب الصيني، البنك المركزي، بخفض نسبة الدفعات المقدمة لشراء المنازل للمرة الثانية إلى 40% من إجمالي قيمة الوحدة العقارية بدلا من 80% في السابق.

وأوضح أدينولفي أن هذه الإجراءات، دفعت مؤشر "هانج سينج" الصيني الذي يتتبع أسهم شركات التطوير العقاري في الصين لتحقيق صعود كبير بنسبة 6.4% في تعاملات نهاية الأسبوع الماضي، بينما ارتفعت أسهم كل من "كانتري غاردن"، و"إيفرغراند" المتداولة في هونج كونج بنسبة 23.5% و3.77% على الترتيب.

ولفت الخبير الاقتصادي المختص بالسوق الصينية، إلى أن خطوة "القائمة البيضاء" التي أقرتها الحكومة الصينية لدعم الشركات المتعثرة هي خطوة جيدة ستسهم في تعزيز الثقة تجاه بعض المطورين، إلا أنها غير كافية لإنهاء الأزمة، ولن تضع كلمة النهاية على الأرجح في أزمة تخلف المطورين عن سداد القروض، موضحا أن أسعار المنازل في الصين تشهد حاليا أسرع انخفاض لها خلال 8 أعوام وأن الخروج من الأزمة قد يتطلب مجهود لسنوات.

الأكبر في العالم

من جهته، أكد الدكتور محمود كمال، أستاذ التمويل وإدارة الأعمال والاستثمار بجامعة عين شمس المصرية، أنه لكي ندرك أهمية العقارات الصينية في الاقتصاد العالمي، يجب علينا أولا أن نعلم أنه اعتبارا من عام 2010 يعتبر قطاع العقارات في الصين هو الأكبر في العالم، وتصل قيمته السوقية حاليا إلى حوالي 272 مليار دولار، لافتا إلى أنه يساهم بنسبة تتراوح بين 25 و30% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد.

وقال كمال إن الحكومة الصينية سعت على مدار عقدين لتمليك المواطنين لمسكنهم الخاص، وذلك عبر زيادة المعروض وتشجيع الاستثمارات الموجهة للقطاع، وهو ما ساهم في تحقيق المطورين العقاريين لأرباح ضخمة، وصب ذلك بالتبعية في النمو العام لاقتصاد البلاد، لافتا إلى أن السلطات ظلت تقدم قيما إيجارية مخفضة للأراضي، فيما ارتفعت مساحة الأراضي الحكومية المباعة بمعدل سنوي بلغ 9.1% بين عامي 2000 و2008.

وأضاف أن سوق العقارات الصينية يحظى اليوم باهتمام العالم أجمع، وهو ما أكدته أزمة شركة "تشاينا إيفرغراند" التي يعمل بها أكثر من 240 ألف عامل، وذاع صيتها بعد أن أعلنت أواخر عام 2021 تعثرها عن سداد مديونيتها التي وصلت إلى 300 مليار دولار أميركي، موضحا أنه منذ ذلك الحين يسود التعثر قطاع العقارات، وتحاول السلطات إخراجه من كبوته.

وأوضح أستاذ الاستثمار والتمويل أن من ضمن أسباب تفاقم الأزمة، قيام الحكومة بتشديد قواعد الإقراض؛ ضمن إجراءاتها لتنظيم لقطاع العقارات الأمر الذي أدى لأزمة سيولة حادة في إحدى أكبر شركات العقارات الصينية وهي "تشاينا إيفرغراند" ما أدى إلى تعثرها، مشيرا إلى أن الحكومة شددت إجراءات الإقراض لتخفيف المديونية الضخمة على الشركات، الأمر الذي أتى بنتيجة عكسية.

وأعرب كمال عن اعتقاده أن سوق العقارات الصيني يحتاج إلى سنوات لاستعادة الانتعاش مجددا، لافتا إلى أن تراجع عدد سكان الصين الذي بدأ العام الماضي سيؤثر حتما في نقص الطلب على العقارات.

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
تحميل تطبيق الهاتف
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC