رغم محاولات الإنقاذ.. الانكماش يتعمق في سوق المساكن الصينية

رغم كل محاولات الحكومة الصينية لإنقاذ قطاع العقار الذي بلغ ذروة أزمته مع انهيار وإفلاس شركة إيفرغراند بعد معاناة مع ديون تخطت الـ300 مليار دولار، تجاهلت أسعار المنازل ، كافة خطط التحفيز الحكومية لتسجل انكماشًا حادًا يعد الأكبر من مارس 2023، والسابع على التوالي.

وتسعى الحكومة الصينية في الأشهر الأخيرة جاهدة عبر مجموعة من القرارات لتحفيز النمو الاقتصادي الذي يبدو أنه تأثر بأكثر من التوقعات بفترة الإغلاقات الطويلة إبان جائحة كورونا، وذلك عبر إنقاذ قطاع العقار بعد تفاقم ازمة الديون على أكبر مطوري العقار في البلاد.

انكماش حاد

وكشفت بيانات جديدة صدرت الخميس عن مكتب الإحصاء الصيني، انكماش أسعار المنازل في بر الصين بأعلى وتيرة منذ فبراير 2023، وأظهرت بيانات رسمية صادرة من الهيئة الوطنية للإحصاء أن المدن الصينية الكبرى سجلت انخفاضا في أسعار المنازل في يناير الماضي مع تقلص وتيرة الانخفاضات.

وبينت بيانات مكتب الإحصاء الصيني أن 56 من 70 مدينة كبيرة ومتوسطة الحجم شهدت انخفاضا على أساس شهري في أسعار المنازل الجديدة، انخفاضا من 62 مدينة في ديسمبر 2023، وفي الوقت ذاته سجلت 68 مدينة انخفاضا في أسعار المنازل المستعملة، مقارنة بـ70 مدينة في شهر ديسمبر 2023، وفقًا لبيانات مكتب الإحصاء.

اقرأ أيضًا- موديز: "الضعف والوفرة" يمتصان تأثير هجمات البحر الأحمر

انطلاقة متعثرة

ويرى تشي وي تشانغ، كبير الاقتصاديين في بينبوينت أسيت مانجمنت أن البيانات توفر علامة رسمية على كيفية بدء ثاني أكبر اقتصاد في العالم للعام الجديد بعد تعاف أضعف من المتوقع بعد كوفيد-19.

وقال كبير الاقتصاديين في بينبوينت أسيت مانجمنت: "المسح الأخير جاء متأثر أيضا بالعام القمري الجديد الذي يوافق العاشر من فبراير من هذا العام، حيث أغلقت المصانع أبوابها في وقت مبكر وتعيد العمال إلى منازلهم قبل العطلة".

وأضاف تشي وي تشانغ: "القوة الدافعة للاقتصاد لا تزال ضعيفة مع استمرار الضغوط الانكماشية وهو ما دفع السلطات لاتخاذ العديد من محاولات التحفيز".

أكثر من مرة

وتوقع تشي وي تشانغ، كبير الاقتصاديين في بينبوينت أسيت مانجمنت، أن يخفض البنك المركزي الصيني أسعار الفائدة أكثر من مرة هذا العام لتعزيز الطلب المحلي.

ولفت تشانغ إلى أنه في محاولة لتحفيز النمو أعلن محافظ البنك المركزي الصيني بان قونغ شنغ على نحو غير متوقع عن خفض نسبة الاحتياطي الإلزامي للبنوك في مؤتمر صحفي الأسبوع الماضي.

وقال تشانغ: "تواجه السلطات مهمة شاقة وهي تحاول تنشيط الاقتصاد في مواجهة تراجع العقارات ومخاطر ديون الحكومات المحلية والضغوط الانكماشية وضعف الطلب العالمي".

اقرأ أيضًا- الدولار يعصف بالين.. عملة اليابان تهوي لقاع تاريخي

خفض قياسي

وخفضت الصين سعر الفائدة الرئيسي للقروض العقارية لمدة 5 سنوات، اليوم الثلاثاء، لتصل إلى 3.95%، وهو سعر إقراض قياسي قائم على السوق، الذي يبني عليه العديد من المقرضين أسعار الرهن العقاري بتراجع عن القراءة السابقة البالغة 4.2%.

وأوضح المركز الوطني للتمويل بين البنوك في الصين بأنها أبقت سعر الفائدة الرئيسي للقروض لمدة عام واحد دون تغيير عن الشهر السابق بنسبة 3.45%.

ومهدت زيادة صافي أرباح الفائدة للبنوك التجارية بعد التخفيضات الأخيرة في أسعار الفائدة على الودائع وخفض الاحتياطي الإلزامي للمصارف هذا الشهر الطريق أمام المقرضين لخفض تكاليف الاقتراض لدعم الاقتصاد.

مستوى تاريخي

وأصدر بنك الصين الشعبي قراره بشأن الفائدة على تسهيلات الإقراض متوسطة الأجل MLF لمدة عام واحد، ووفقا للبيان فقد أبقى بنك الصين الشعبي على معدل الفائدة ثابتا دون تغيير عند 2.5%.

في المقابل، قام بنك الصين الشعبي بضخ 500 مليار يوان ضمن برنامج تسهيلات الإقراض متوسط الأجل، منها 499 مليارا مستحقة بتاريخ اليوم.

وفي غضون ذلك بلغ صافي ما تم ضخه بتسهيلات الإقراض متوسط الأجل لفترة سداد عام هو 1 مليار يوان، وتعد هذه الحزمة الشهرية الـ15 على التوالي التي يضخها بنك الصين الشعبي وهى الأعلى على الإطلاق.

وقام المركزي الصيني بخفض معدلات الفائدة على تسهيلات الإقراض متوسط الأجل آخر مرة بشهر أغسطس من العام الماضي، حيث تم تخفيضها من 2.65% إلى 2.5%.

تدخل منتظر

ووفقا لتقارير دولية، تدرس الصين مخططات جديدة لدعم سوق العقارات المتعثر، حيث كشفت التقارير الإعلامية عن اعتزام الصين إعلان برنامجين لدعم القطاع.

وبحسب التقارير فإن أحد البرنامجين ينص على شراء جمهورية الصين لمشاريع السوق الخاصة المتعثرة وتحويلها إلى منازل ستقوم الحكومة بالبلاد بتأجيرها أو بيعها في بعض الحالات.

فيما يهدف البرنامج الثاني إلى بناء الدولة للمزيد من المساكن المدعومة للأسر ذات الدخل المنخفض والمتوسط.

نصيحة الصندوق

وقالت مدير صندوق النقد الدولي بمنقطة آسيا والمحيط الهادئ، كريشنا سرينيفاسان في وقت سابق: "حكومة الصين يجب أن تقدم مجموعة متسقة وواضحة من القرارات لمعالجة المشاكل التي تواجه قطاع العقارات، مع ضرورة حماية مشتري المنازل".

وأضافت كريشنا سرينيفاسان: "ندعو الصين لاتخاذ قرارات تيسيرية إضافية لتعزيز الانتعاش الاقتصادي وعلى رأسها خفض سعر الفائدة وهو أفضل من تخفيضات الاحتياطيات النقدية الإلزامية".

وتابعت سرينيفاسان: "قرار بنك الصين الشعبي الخاص بخفض نسبة الاحتياطي النقدي الإلزامي (ومن المقرر دخوله حيز التنفيذ بأوائل فبراير) يتسق مع هدف النقد الدولي حول تيسير السياسة النقدية في البلاد".

اقرأ أيضًا- النفط يتعثر مع انفراجة في مفاوضات باريس