صناديق REITs تتيح الاستثمار دون امتلاك فعلي للعقار
تشريعات مرتقبة وفرص ضخمة لصناديق الاستثمار العقاري في مصر
في ظل القفزات اللافتة التي تشهدها سوق العقارات في مصر، يعود الحديث عن أهمية تفعيل أدوات تمويل واستثمار أكثر كفاءة، تتناسب مع النمو المطّرد في الطلب المحلي واتساع المشروعات الكبرى.
وفي مقدّمة هذه الأدوات، تبرز صناديق الاستثمار العقاري (REITs) كآلية مالية قادرة على تنشيط السوق، وتوسيع قاعدة المستثمرين، وتعزيز تدفقات السيولة، وفقاً لتقارير وخبراء تحدثوا لـ«إرم بزنس».
تُعد صناديق الاستثمار العقاري شكلاً من أشكال الاستثمار غير المباشر في السوق العقارية، حيث يشتري المستثمرون حصصاً أو أسهماً في محافظ عقارية مدرّة للدخل، من دون الحاجة لامتلاك الأصول الفعلية.
وتوفر هذه الصناديق عوائد تتراوح بين 5% و8%، ناتجة عن تأجير أو تداول وحدات سكنية وتجارية وفندقية وإدارية.
وإضافة إلى تخفيف المخاطر مقارنة بالشراء المباشر، تسمح هذه الصناديق بدخول المستثمرين الصغار إلى القطاع عبر شراء وثائق متداولة في البورصة.
رأى نائب رئيس مجلس إدارة شركة «مباشر كابيتال هولدنغ للاستثمارات المالية» إيهاب رشاد، أن هذه الصناديق يمكن أن تُحدث تأثيراً ملموساً في السوق العقارية المصرية، بشرط رفع الوعي العام بها، مشيراً إلى أن انتشار ثقافتها ما زال محدوداً مقارنة بصناديق الذهب، التي حظيت برواج واسع.
ورغم أن طرح هذا النوع من الصناديق حديث نسبياً في مصر، إلا أنه يُعد أداة استثمارية راسخة في الأسواق العالمية، وبدأت تكتسب مكانة مهمة في بعض الدول العربية كالإمارات والسعودية.
قد تأسست أول شركة مصرية لصناديق الاستثمار العقاري عام 1999، وهي «صندوق الاستثمار العقاري العربي المباشر»، بموجب قانون سوق المال رقم 95 لسنة 1992.
بعد صدور قانون ينظم عمل الصناديق العقارية في مصر عام 2018، شهدت السوق حراكاً لافتاً لتنويع أدوات التمويل العقاري.
وتُشير بيانات الهيئة العامة للرقابة المالية إلى قرارات حديثة (في يوليو 2025) لتأسيس شركات متخصصة، منها «صقر»، و«ناوي شيرز»، إلى جانب «قرضي» لتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة.
ويُقدَّر عدد صناديق الاستثمار العقاري في السوق المصرية حتى منتصف 2024 بما يتراوح بين 10 إلى 12 صندوقاً، إلا أن حجم الأصول المدارة في تزايد، خصوصاً مع دخول شركات تطوير عقاري كبرى.
وبحسب رشاد، فإن السوق العقارية المصرية، التي تقترب من حجم 3.5 تريليون جنيه (نحو 71.3 مليار دولار)، قد تصل إلى 5.2 تريليون جنيه (نحو 105.9 مليار دولار) بحلول 2028.
تُسهم سوق العقارات المصرية بما يقرب من 20% من الناتج المحلي الإجمالي، وتشهد تنوّعاً واسعاً ونمواً متزايداً، خاصة في القطاع السكني، الذي يُتوقّع أن ينمو من 20 مليار دولار عام 2024 إلى 33.7 مليار دولار بحلول 2029، بمعدل نمو سنوي 11%.
وتقود شركات تطوير عقاري كبيرة مثل «طلعت مصطفى»، و«بالم هيلز»، و«مدينة نصر»، و«ماونتن فيو»، و«أوراسكوم»، مشروعات متكاملة في مناطق مثل القاهرة الجديدة، والعاصمة الإدارية، والساحل الشمالي، بالتوازي مع جهود حكومية لتوفير وحدات تناسب فئات الدخل المنخفض والمتوسط.
وتشير بيانات 2024 - 2025 إلى طرح نحو 29 ألف وحدة سكنية سنوياً، بينها 7500 وحدة جديدة في القاهرة فقط خلال الربع الأول من العام الحالي، وسط توسّع في مدن الجيل الرابع.
رغم الفرص الواعدة، رأى الخبير العقاري أشرف علام، أن تفعيل دور صناديق الاستثمار العقاري في السوق المصرية ما زال يواجه عدة تحديات.
ويشير إلى أن غياب قانون الإعفاء الضريبي لهذه الصناديق يحد من فاعليتها، إلى جانب صعوبة التعامل مع نحو مليوني وحدة سكنية مغلقة غير مسجلة بالشهر العقاري.
ويُقدّر علام أن السوق بحاجة إلى عامين على الأقل لبدء ظهور تأثير إيجابي فعلي لهذه الصناديق، مؤكداً أن إدارتها تتطلب خبرة متقدمة، خاصة في حال إدراجها بالبورصة، التي تفرض معايير صارمة من الشفافية وتوزيع الأرباح.
كما حذّر من ضعف الثقافة الاستثمارية العامة تجاه هذه الأداة، ووجود فجوات في تقييم الأصول العقارية، وبطء في عمليات تسجيل وتداول الصناديق.
في هذا السياق، دعت لجنة الشؤون المالية والاقتصادية والاستثمار بمجلس الشيوخ إلى إزالة المعوقات التشريعية والإجرائية التي تعيق فاعلية صناديق الاستثمار العقاري.
وشددت اللجنة، برئاسة النائب هاني سري الدين، على أهمية إصدار تشريعات تتيح مرونة أكبر في تسجيل العقارات، وتفعيل الإعفاءات الضريبية، بهدف تحفيز الاستثمارات في القطاع العقاري، وضمان انسياب رؤوس الأموال المحلية والأجنبية نحو هذا القطاع الحيوي.