كشفت دراسة بحثية حديثة عن أن قطاع التكنولوجيا الحيوية تحول إلى أحد مجالات التنافس بين واشنطن وبكين لا سيما مع ما يحققه هذا القطاع من فوائد اقتصادية وطبية وتأمين مصالح الأمن القومي.
وبحسب الدراسة التي أعدها مركز الدراسات الاستراتيجية الدولية "سي أس أي أس" تحت عنوان "التحرير الهادف للجينات الوراثية" فإن التقدم التقني الحاصل في تحرير وتطوير الحمض النووي يهدف إلى إنتاج مكونات جديدة ذات سمات مرغوبة ومحددة، والتي يمكن من خلالها خلق جزيئات "مفيدة" تؤدي إلى إنتاج مواد جديدة يمكن استخدامها مثل الأقمشة ذاتية الإصلاح أو البلاستيك غير المصنوع من المنتجات البترولية أو أجهزة الاستشعار الحيوية، كما يمكن استخدامها لإنتاج علاجات مخصصة للأمراض الجديدة أو القضاء على الأمراض الوراثية.
التقنيات تعتمد على استخدام خوارزميات الطب الدقيق والتعلم الآلي لتحسين استراتيجيات العلاج، وتحديد السبب الجيني وراء الأمراض أحادية الجينات والأمراض متعددة الجينات وهي الأكثر تعقيداً، هذا إلى جانب علاج الأمراض الوراثية والأمراض السرطانية.
وشددت الدراسة على أهمية أن يصبح للولايات المتحدة الأمريكية دور في تطوير التقنيات الحيوية الحاسمة وأنظمة التعلم الآلي، التي تسهم بشكل كبير في فهم أسباب الأمراض الوراثية من خلال قطاع تجاري وأكاديمي معولم، لسد الفجوة لديها في تحرير الحمض النووي، لتصبح قطاعاً اقتصادياً مهماً يسهم في استمرار دورة الابتكار وتمكنها من تشكيل مستقبلها الاستراتيجي بشكل إيجابي على المستويين الداخلي والخارجي.
الدراسة أشارت إلى فشل البرامج الأمريكية الحالية في الاستفادة بشكل كامل من التقدم العلمي الحالي مؤكدة أنه على رغم مكانة الولايات المتحدة كدولة رائدة في الاكتشاف والابتكار، فإنها تفتقر إلى وجود قواعد بيانات قوية ومنظمة من الجين البشري يمكن الاستعانة بها، وكذلك للخبرات الفنية اللازمة للحفاظ على ريادتها والمساهمة في ترجمة الاكتشافات العلمية المختلفة إلى تطبيقات متطورة. ولفتت أيضاً إلى الحاجة الملحة لدى وزارة الدفاع الأميركية إلى إجراء إصلاحات هيكلية للتكنولوجيات الناشئة في نهجها، لا سيما من خلال إنشاء مسارات وظيفية لموظفيها، وإلا فإنها ستستمر في الفشل في جهودها الساعية لدمج التقنيات الناشئة في مفاهيمها التشغيلية وميزانياتها وبرامجها، مما سيؤدي بالتالي إلى تقلص القدرات الأميركية لا سيما بالمقارنة مع الصين.
وحدد التقرير خمسة معوقات تقلص الإمكانات الأميركية، أهمها صعوبة إنشاء قواعد بيانات يمكن استخدامها في التجارب والمشاريع التكنولوجية الهادفة لعدد من العوامل، منها نظام الرعاية الصحية المجزأ وحقوق الخصوصية وحقوق الملكية، هذا إلى جانب الافتقار إلى إطار عمل سياسي مناسب يحمي بعض البيانات المهمة للمستهلكين التي تحصل عليها الشركات الخاصة مقابل تقديم خدمات "مجانية"، كما لا تتيح هذه الشركات أنواعاً أخرى من البيانات للمنظمات غير الربحية المسؤولة عن تطوير الشأن العام داخل البلد.
كما تعاني أمريكا عدم وجود إمكانية لمشاركة بيانات العملاء المعنية بقطاع التكنولوجيا الحيوية مع دول الحلفاء مثل الاتحاد الأوروبي، الذي تخضع بياناته للوائح حماية البيانات العامة، إضافة إلى سعي الكيانات الأميركية بشكل روتيني للحصول على خدمات التسلسل الجيني منخفضة الكلفة لصالح منشآتها، في الوقت الذي يمكن لشركات التكنولوجيا الحيوية الصينية في كثير من الأحيان توفيرها بفضل الإعانات الحكومية الصينية.