تشهد تقنية التعرف على الوجوه، المدعومة بالذكاء الاصطناعي، انتشاراً متزايداً في قطاعات مختلفة حول العالم، سواء في المطارات، النقل، أو أنظمة التحكم بالهوية.
وبحسب تقرير لصحيفة «لو موند» الفرنسية، أصبحت هذه التكنولوجيا تُستخدم بشكل متزايد لتسهيل العمليات اليومية، مثل إتمام إجراءات السفر بسرعة دون الحاجة لإظهار جواز السفر أو بطاقة الصعود للطائرة، مستفيدين من تقنيات مثل التعرف على قزحية العين والوجوه.
تقدّر عدة دراسات قيمة السوق العالمي لتقنيات التعرف على الوجوه بنحو 8 مليارات دولار حالياً، مع توقعات بوصوله إلى 18 مليار دولار بحلول عام 2030، ما يعكس النمو الكبير في الطلب على هذه التقنية من قبل الشركات الكبرى مثل «باناسونيك»، «إن إي سي»، «تالس»، و«مايكروسوفت».
من الناحية التقنية، يسمح التعرف على الوجه بمسح البيانات بسرعة ودقة أكبر مقارنة بالطرق التقليدية مثل بصمات الأصابع أو مسح قزحية العين، ما يجعله أكثر مرونة وسهولة للاستخدام.
مع ذلك، يعتبر الخبراء هذه البيانات من أكثر المعلومات الحساسة، إذ يؤكد المسؤولون في هيئة حماية البيانات الفرنسية أن سرقة بيانات الهوية البيومترية قد يكون لها عواقب دائمة، لأن الشخص لا يمكنه تغيير وجهه مثلما يغير كلمة المرور أو بطاقة الائتمان.
تشمل مزايا هذه التكنولوجيا إمكانية التتبع الفوري للوجوه في الأماكن العامة، وهو ما يعزز من تطبيقات الأمن والرقابة، ولكنه يثير مخاوف الخصوصية والأمان.
ويمكن للأنظمة أن تتسبب في وقوع أخطاء، بما في ذلك الإشعارات الخاطئة أو التمييز، إذا لم تتم معالجتها بدقة.
كما تشير التقارير إلى أن سوء إدارة البيانات قد يؤدي إلى سرقة الهوية أو الاحتيال على الأشخاص.
في أوروبا، هناك إطار قانوني يحكم استخدام هذه التقنية، بما في ذلك قوانين حماية البيانات العامة و«قانون الذكاء الاصطناعي» الصادر عام 2024.
ومع ذلك، تستمر الشركات في تطوير تطبيقات خاصة لتعزيز الأمن والتحقق من الهوية، سواء في القطاع العام أو الخاص، مع التركيز على حماية بيانات المستخدمين من الانتهاكات المحتملة.
وتعتبر المطارات مثالاً عملياً لتطبيقات التعرف على الوجه، حيث يمكن استخدام التقنية لتسريع إجراءات السفر، مع الاحتفاظ بالسيطرة الكاملة للمسافرين على بياناتهم الشخصية.
وتقدم شركات مثل «إيديميا بابليك سيكيوريتي» حلولاً تقنية تتيح جمع البيانات البيومترية بطريقة آمنة، مع مراعاة القوانين المحلية والدولية.
أما القطاع الخاص، فيستفيد أيضاً من هذه التكنولوجيا لتعزيز الأمن في الشركات والمرافق التجارية، مثل حماية الدخول إلى المواقع الصناعية أو تحليل حركة العملاء في المراكز التجارية، كما توضح شركات مثل «فيديتكس».
وتُستخدم هذه التطبيقات في المصادقة على الهوية الرقمية، ما يقلل من احتمالات سرقة الحسابات البنكية أو البيانات الشخصية.
أصبح التعرف على الوجوه جزءاً من الحياة اليومية، إذ يُستعمل لفتح الهواتف الذكية والحواسيب، وتطبيقات العمل عن بُعد، وكذلك في برامج التوظيف لقياس الانطباعات وسلوكيات المتقدمين، ما يعكس تزايد الاعتماد على هذه التكنولوجيا في مختلف مجالات الحياة اليومية.
وعلى الرغم من فوائده التقنية والأمنية، يحذر خبراء من الانتشار المفرط للتعرف على الوجه دون رقابة، مؤكدين ضرورة التوازن بين تحسين الكفاءة وحماية الخصوصية، وتطوير سياسات صارمة لإدارة البيانات البيومترية.
كما يشددون على أهمية الشفافية في كيفية استخدام البيانات لضمان قبول اجتماعي أكبر للتقنية.