خاص
خاصالذكاء الإصطناعي- رويترز

أوروبا والذكاء الاصطناعي.. انطلاقة متأخرة تكبلها التشريعات

تسعى دول الاتحاد الأوروبي للانخراط في السباق العالمي، الذي تقوده الولايات المتحدة والصين، لتطوير تقنيات مجال الذكاء الاصطناعي، إلا أنها وكما تريد اللحاق بهذا الركب، تحرص في نفس الوقت على ضمان أمن وسلامة التكنولوجيا الجديدة، للتقليل من المخاطر الأمنية والتكنولوجية.

وتوصلت كل من ألمانيا وفرنسا وإيطاليا إلى اتفاق يتم بمقتضاه تنظيم عمل الذكاء الاصطناعي في المستقبل، بحيث يكون ملزما لكل موفري الذكاء الاصطناعي داخل الاتحاد الأوروبي.

ويشمل الاتفاق بين الدول الثلاث، إرساء نظام للعقوبات إذا تم التحقق من وجود انتهاكات لقواعد السلوك، حيث ستقوم هيئة أوروبية بمراقبة الالتزام بهذه المعايير.

بالتوازي مع هذا المسار، أنجز مسؤولو الاتحاد الأوروبي، في أواخر أكتوبر الماضي، حوالي 75% من أول قانون في العالم ينظم عمل الذكاء الاصطناعي، بهدف وضع معايير وقواعد تنظم الاستخدام، وتضمن الخصوصية.

ومن المقرر أن يلزم القانون مطوري الذكاء الاصطناعي داخل الاتحاد الأوروبي، بإخضاع نماذجهم للاختبارات طوال فترات التطوير وحتى بعد طرحها في الأسواق، بالإضافة إلى التحقق دائما من صحة البيانات. كما يشمل القانون، القواعد المتعلقة بسلامة منتجات الذكاء الاصطناعي التوليدي، مع فرض رقابة على التطبيقات التي تعتبرها الشركات نفسها عالية الخطورة.

وتبلغ القيمة الإجمالية لسوق الذكاء الاصطناعي حوالي 137.3 مليار دولار، وينمو القطاع بمعدل 38.1% سنويا، وهو ما يعتبر نموا قويا للغاية، ويشير لقدرته على جذب المزيد من الاستثمارات الجديدة.

تقنية ثورية

وتقول أنجيلا بالمبو، خبيرة التكنولوجيا وأسواق المال، في تصريحات لـ "إرم الاقتصادية"، إن كثيرين داخل الاتحاد الأوروبي يرون أن الذكاء الاصطناعي يعد تقنية ثورية، ليس معلوما بعد كامل أبعادها ومداها؛ لذلك يعملون على محاصرتها بقوانين صارمة واتفاقيات تتيح مراقبة أنشطة الشركات التي تعمل على تطوير هذه التقنية.

ولفتت إلى أن المشرعين داخل البرلمان الأوروبي صارمين للغاية فيما يخص تقنيات الذكاء الاصطناعي ويقومون بمحاصرتها بتشريعاتهم، فعلى سبيل المثال أقروا تشريعا في منتصف يونيو الماضي يتم من خلاله حظر استخدامات الذكاء الاصطناعي لرصد القياسات الحيوية مثل بصمة الوجه والصوت، كما ألزم التشريع مستخدمي الأنظمة التوليدية للذكاء الاصطناعي مثل "تشات جي بي تي" بالكشف عن أن المحتوى الناتج عنها تم بالاستعانة بالذكاء الاصطناعي.

وأضافت بالمبو أن الاتحاد الأوروبي يرغب في الانطلاق مسرعا في استخدام تقنية الذكاء الاصطناعي في كل المجالات إلا أنه في ذات الوقت يتحسس خطاه، ففكرة الإطار التنظيمي للذكاء الاصطناعي تقوم على تحليل عمل تلك الأنظمة وتصنيفها وفقا للمخاطر التي تشكلها على المستخدمين.

وأوضحت خبيرة التكنولوجيا أن من مخاطر الذكاء الاصطناعي التي سيتم حظرها داخل دول الاتحاد، الألعاب التي يتم تنشيطها بالصوت والتي تشجع على العنف أو السلوك الخطير للأطفال، وكذلك تجنب الآثار التمييزية بين الفئات داخل الاتحاد.

انطلاقة متأخرة

من جانبه يرى المهندس محمود إسماعيل الخبير التكنولوجي ورئيس قطاع تطوير البرامج في شركة "مين أكتيفيتي" لبرمجيات الإنترنت وإدارة المواقع الإلكترونية، في تصريحات لـ "إرم الاقتصادية"، أن الاتحاد الأوروبي يسعى حثيثا لإثبات قدرته على منافسة الولايات المتحدة في مجال الذكاء الاصطناعي، ولكنهم حتى الآن بعيدين كل البعد عن تحقيق ذلك.

وأضاف متسائلا: "هل هناك شركة واحدة داخل الاتحاد الأوروبي تماثل كفاءة روبوت "تشات جي بي تي" الذي أحدث اختراقا في عالم الذكاء الاصطناعي، لافتا إلى أن شركات التكنولوجيا الأميركية متقدمة كثيرا في هذا المجال ومتفوقة على نظرائها عبر العالم.

ولفت إلى أنه في حال أحدثت أي شركة أوروبية تطويرا لافتا في عالم الذكاء الاصطناعي فإن عمالقة التكنولوجيا الأميركية يسارعون لشرائها على الفور، فهم قادرون على وضع مليارات الدولارات على الطاولة لشراء أي شركة ناجحة ومن ثم تطويرها والدفع بها قدما.

كانت شركة غوغل، عملاق التكنولوجيا الأميركية، قد اشترت شركة الذكاء الاصطناعي الناشئة "أنتروبيك" بقيمة 300 مليون دولار كما اشترت شركة "رانوي" المتخصصة في نفس المجال بقيمة مليار دولار، وهو ما يعادل الميزانية التي خصصتها دولة مثل فرنسا لتطوير الذكاء الاصطناعي العام الماضي.

وأوضح الخبير التكنولوجي، أن أوروبا ليست من أوجدت هذه التقنية وإنما الولايات المتحدة لذا سيكون من الصعب عليها إقرار قانون شامل تستطيع من خلاله السيطرة على هذه التكنولوجيا داخل أراضيها، لافتا إلى أنه يجب على أوروبا أولا أن تصبح على دراية كاملة بمجال الذكاء الاصطناعي وتطوير برامجه والتفوق فيه، ثم إقرار تشريعات لتنظيمه حتى لا تصبح هذه التشريعات عائقا لنمو هذا القطاع داخل الاتحاد الأوروبي.

ضوابط وغرامات

ويسعى المشرعون في البرلمان الأوروبي إلى إقرار قانون تنظيم عمل الذكاء الاصطناعي بحلول عام 2026، على أن يركز على حماية الأمن والحقوق الأساسية والصحة والقيم من تقنيات الذكاء الاصطناعي.

وتستند المناقشات الحالية داخل البرلمان الأوروبي على أسماه المشرعون أخلاقيات الذكاء الاصطناعي، والتي تشمل حماية حقوق الإنسان والكرامة الإنسانية والاستدامة البيئية، كمظلة وأساس لكل بنود القانون.

وتم اقتراح مشروع لتنظيم عمل الذكاء الاصطناعي من قبل مشرعين خلال عام 2021، ويصنف مقترح القانون أنظمة الذكاء الاصطناعي إلى 4 مستويات من الخطر، تتدرج من المستوى المنخفض إلى المستوى غير المقبول.

أما التطبيقات المتعلقة بالتوظيف أو الأطفال فهي تصنف كتطبيقات أكثر خطورة وستواجه ببنود أكثر صرامة من بينها أن تكون أكثر شفافية وتستخدم بيانات أكثر دقة.

ويشمل مقترح القانون أن أي انتهاكات لهذا القانون ستواجه بغرامات تصل إلى 33 مليون دولار، وقد تصل لمليارات الدولارات إذا كان الأمر يخص إحدى كبريات شركات التكنولوجيا مثل غوغل ومايكروسوفت.

Related Stories

No stories found.
إرم الاقتصادية
www.erembusiness.com