"الحرب الرقمية" بسبب غزة.. الحجب يقصف أرباح المنصات

"الحرب الرقمية" بسبب غزة.. الحجب يقصف أرباح المنصات
خسائر فادحة للعديد من مقدمي المحتوى العربي، في ظل الجدل المحتدم على منصات التواصل الاجتماعي حول الحرب في غزة، والتضييق على حساباتهم بدعوى مناصرتها لطرف على حساب الآخر في الحرب.

بجانب جدل آخر حول خسائر المنصات نفسها بسبب تقلص الإعلانات أو هجرة المستخدمين، فيما سعى مؤثرون ونشطاء عرب إلى مغادرة تلك المنصات الشهيرة، والبحث عن منصات بديلة، ولو أقل شهرة، لكن تمنحهم حرية أكبر في التعبير عن مواقفهم دون حذف أو تضييق.

وتأتي هذه النظرة المتشائمة بشأن تلك المنصات ومشتركيها وأرباحها، مع اتهام متكرر من مؤثرين عرب منذ بداية أحداث غزة، بتعرض المحتوى الفلسطيني والعربي لـ "التضييق والحجب"، فيما لجأ البعض إلى أفكار عديدة، تتضمن رموزا وشفرات أو تقطيع الكلمات، للتغلب على خوارزميات الحجب والملاحقة.

لفظ "الحرب الرقمية" أطلقه حنانيا نفتالي، المقرب من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، عبر حسابه بمنصة "إكس"، في 14 أكتوبر الماضي، قائلا: "تم استدعائي من خط المواجهة إلى جبهة أخرى: الحرب الرقمية"، في إشارة إلى تزايد التفاعل مع الرواية الفلسطينية لدى مستخدمي المنصات الرقمية في العالم، وذلك بعدما حصدت الرواية الإسرائيلية تفاعلا ضخما في الأيام الأولى للحرب، لكنه سرعان ما تلاشى.

إحصائيات وتوضيحات

وفي 6 نوفمبر الجاري، استعرض تقرير نشرته مجلة الإيكونوميست البريطانية نسب التأييد للفلسطينيين والإسرائيليين على منصات التواصل الاجتماعي، ومن هم على الحياد.

وكشف التقرير أنه في تطبيق "إنستغرام" كانت نسب المؤيدين لفلسطين 48% مقابل 31% لإسرائيل و22% محايدون، بينما بلغت نسبة تأييد فلسطين في تويتر 33% مقابل 17% لإسرائيل و51% محايدون، وفي يوتيوب 11% مؤيد لفلسطين و7% لإسرائيل و72% محايدون، وفي منصات أخرى كانت النسب: 16% مؤيد لفلسطين و13% لإسرائيل و72% محايدون.

هذا السباق المحموم من الجانبين على نشر الرواية التي تخصه، قابله حملة إزالة وتصنيف من المنصات بدعوى التحريض والكراهية، ففي 12 أكتوبر الماضي، أعلنت ليندا ياكارينو، الرئيسة التنفيذية لشركة X، في تغريدة، عن إزالة عشرات الآلاف من المحتوى منذ "الهجوم" على إسرائيل.

في اليوم التالي قالت شركة ميتا، في بيان، إنها أزالت أو صنفت أكثر من 795 ألف منشور باللغتين العبرية والعربية "في الأيام الثلاثة التي تلت الحرب"، نافية "قمع وجهة نظر أو تعطيل الحسابات".

بينما قال المتحدث باسم منصة "يوتيوب" آيفي تشوي، في تصريحات لموقع "ذا فيرج" التقني في 13 أكتوبر الماضي إنه تم "إزالة عشرات الآلاف من مقاطع الفيديو الضارة وأغلقنا مئات القنوات"، فيما أعلنت منصة "تيك توك" عقب 3 أيام من ذلك في بيان، أنها قامت بـ "حذف أكثر من 500 ألف مقطع فيديو وإغلاق 8 آلاف بث مباشر".

تقييد المحتوى الفلسطيني

من جانبه، أعلن مركز "صدى سوشيال" الفلسطيني في تقرير بشأن تقييد المحتوى في أكتوبر الماضي، وصلت "إرم الاقتصادية" نسخة منه، أنه رصد "أكثر من 11 ألف انتهاك رقمي للمحتوى الفلسطيني على منصات التواصل الاجتماعي، تمثلت بحذف الحسابات الشخصية والحسابات العامة وتقييد الوصول ومنع النشر ومنع البث المباشر وحذف المنشورات".

وفق التقرير تنوعت الانتهاكات على منصات التواصل الاجتماعي المختلفة، كما أن "الانتهاكات لم تقتصر على المستخدمين الفلسطينيين، بل إن أكثر من 20% من الشكاوى كانت من مستخدمين عرب ومناصرين لفلسطين".

وأصدر المركز الفلسطيني ذاته، استطلاع رأي حديث حصلت "إرم الاقتصادية" على نسخة من نتائجه، بشأن "خسائر" في الإعلانات وعوائد المشاهدات والزيارات، طالت أنصار المحتوى الفلسطيني في تلك المنصات، وفق ما ذكره المشاركون وعددهم "30 مؤسسة إعلامية و23 صحفيا من الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس والداخل المحتل وخارج فلسطين".

وتظهر النتائج أن 29.3% من المؤسسات الإعلامية المشاركة في الاستطلاع توقفت عن الربح تماما من القطاع الرقمي، ومؤسسة واحدة خسرت أكثر من 75% من أرباح القطاع الرقمي، و9.8% منها خسرت أرباحا تتراوح بين النصف وثلاثة أرباع الأرباح.

مشاهير يتضررون

إجراءات التضييق على المنصات، شملت حتى كبار المؤثرين العرب، ففي 3 نوفمبر الجاري، قال المؤثر المصري، باسم يوسف، عبر صفحته الموثقة في فيسبوك، إن الأخير "قام بتقييد منشوراته والوصول إليها اليومين الماضيين".

كما تعرض اليوتيوبرز المشهور باسم "أبو فلة"، الذي يتجاوز عدد مشتركي قناته "34 مليونا"، إلى حذف مقطع يتحدث عن فلسطين، وتوجيه إنذار (عقوبة يليها إنذاران وحذف القناة) وفق ما ذكره في مقطع آخر بعنوان "ليش يوتيوب حذف مقطعي عن فلسطين".

خوارزميات مضادة

هذا التضييق، دفع البعض إلى البحث عن طرق عدة للتغلب على خوارزميات الحجب والملاحقة، عبر استخدام عبارات مخادعة مثل: "الحلويات وصلت" أو وضع مثلث أحمر مقلوب ليعبر عن فيديو جديد مناصر للرواية الفلسطينية، وفق ما تابعته "إرم الاقتصادية" ببعض المنصات، لا سيما تويتر وفيسبوك.

كذلك سلط هذا التضييق الضوء على تطبيقات ومنصات عربية بديلة، ظهرت قبل سنوات لكنها تنتشر ببطء، إلا أن الحرب منحتها زخما غير مسبوق، ومنها تطبيق عربي أنشأه مصري، قبل سنوات كبديل لمنصة فيسبوك.

تطبيقات بديلة

وقال سامح شافعي مؤسس تطبيق iTop البديل العربي لفيسبوك، لـ"إرم الاقتصادية": "نعم لجأ الكثير من دول الوطن العربي لإيجاد بديل بسبب القيود التي تفرضها منصات التواصل الاجتماعي الأجنبية".

ولفت شافعي، إلى أنه بدأ العمل على تطبيقه منذ عام 2018، وأطلقه أواخر 2019، وواصل تطويره عام 2020، ومنذ أحداث غزة "تصدر التطبيق أكثر من مرة رقم 1 على تطبيق غوغل بلاي وأب ستور في تصنيف أفضل التطبيقات، متفوقا على كل تطبيقات التواصل الاجتماعي في العالم".

وأشار إلى أن عدد التحميلات في تلك الفترة تجاوز أكثر المليون على غوغل بلاي فقط.

وبشأن الخسائر التي يمكن أن تتعرض لها المنصات الكبرى بسبب القيود التي تفرضها على المحتوى، أوضح شافعي أنه "بكل تأكيد تسبب النزوح من فيسبوك إلى iTop في بعض الخسائر لشركة ميتا، كذلك تتعرض باقي المنصات عربيا لخسائر في الأرباح والمشتركين".

نزيف مؤقت

في المقابل، يرى د. أحمد مختار، خبير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، في حديث مع "إرم الاقتصادية"، صعوبة في حدوق تأثر كبير لتلك المنصات سواء في أرباحها أو المشتركين بسبب حرب غزة، قائلا: "صفحة بها ملايين المشتركين لن تغادر منصة بعينها فورا، فهذا يحتاج وقتا، إلا لو كانت هناك في المنصة البديلة قواعد مماثلة".

وأضاف: "قد يفاجَأ البعض بتغيير المنصات لسياساتها في المدى القريب بعد انتهاء الأحداث، واستعادتها مشتركيها مرة أخرى".

وتابع مختار: "لا أرى أن أحدا يغامر ويترك المنصات الحالية، خاصة أن المشكلة الحالية قد تنتهي والناس تنسى عادة، إلا لو استمرت الحرب سنوات، هنا يمكن أن يحدث ذلك، لكن حين نتحدث عن شهرين أو ثلاثة فمن الصعب حدوث ذلك التأثير الكبير، وبعد انتهاء الأحداث ستتضح أكثر التأثيرات".

وشدد مختار على أن "الحرب الرقمية أعمق من منصات التواصل والبقاء فيها وخسائرها، بل يجب أن تمتد لجوانب أخرى خاصة بالاقتصاد الرقمي لإسرائيل".

الأكثر قراءة

No stories found.
إرم الاقتصادية
www.erembusiness.com