في تحول ملحوظ، تعيد شركات التكنولوجيا تقييم سياسات العودة إلى المكتب، إذ يصر الآن 3% فقط من هذه الشركات على الحضور الكامل إلى المكتب، ما يمثل انخفاضاً كبيراً من 8% في العام الماضي.
كشف تحليل أجرته شركة "فليكس إندكس"، شمل سياسات العمل المرنة في 2,670 شركة تكنولوجيا توظف أكثر من 11 مليون شخص، أن غالبية شركات التكنولوجيا تتبنى سياسة عمل مرنة طويلة الأجل. ووجد التحليل أن 79% من هذه الشركات تقدم الآن خيارات عمل مرنة بالكامل، بزيادة من 75% في عام 2023.
ويبرز هذا الاتجاه نحو المرونة من خلال ارتفاع استخدام نماذج التوظيف التي تتيح للمتقدمين تحديد مكان وتوقيت العمل وفقاً لتفضيلاتهم واحتياجاتهم، ما يعزز التوازن بين العمل والحياة الشخصية. في عام 2023، قدمت 38% من شركات التكنولوجيا هذه النماذج، وارتفع هذا الرقم الآن إلى 56%، مما يجعله سياسة التوظيف الأكثر انتشاراً. وعلى العكس، فإن 18% فقط من الشركات تطبق نموذجاً هجيناً منظماً يحدد أيام الحضور إلى المكتب.
ويعكس هذا التحول نمطاً أوسع بين قادة التكنولوجيا الذين كانوا في السابق يدعمون العمل عن بُعد. ففي عام 2020، احتضنت شركات مثل "ميتا" و"إكس" و"شوبيفاي" العمل عن بُعد كميزة إستراتيجية. وأعلن مارك زوكربيرغ، الرئيس التنفيذي لشركة "ميتا"، عن خطط لجعل نصف قوة العمل في الشركة تعمل عن بُعد في غضون خمس إلى عشر سنوات.
ومع ذلك، تراجع هذا التوجه في عام 2023 عندما وصف زوكربيرغ السنة بأنها "سنة الكفاءة" ودفع إلى العودة إلى المكتب بسبب مخاوف الإنتاجية، وهدد الموظفين بالطرد الجماعي. بالمثل، بعد عامين من الإعلان عن أن 60% من قوتها العاملة ستعمل عن بُعد، طلبت شركة "ديل" الآن من موظفيها العودة إلى المكتب ثلاث مرات في الأسبوع إذا كانوا يأملون في الحصول على ترقية.
كما أن شركات كبيرة مثل "غوغل" و"سيلزفورس" و"أمازون" تعزز سياسات العودة إلى المكتب، لكنها تواجه مقاومة من الموظفين. فقد واجهت "أمازون" مقاومة كبيرة لسياسة العودة إلى المكتب، إذ وقع حوالي 30,000 موظف عريضة احتجاجاً على السياسة، وهدد أكثر من 1,800 بالاستقالة.
ولا يقتصر هذا التغير في المواقف على شركات التكنولوجيا، إذ وجدت دراسة استقصائية أجرتها "كيه بي إم جي" لمديري الشركات الأميركية التي تتجاوز عائداتها 500 مليون دولار أن ثلثهم فقط يتوقعون العودة الكاملة إلى المكتب في السنوات الثلاث المقبلة، وهو انخفاض كبير من 62% الذين توقعوا نهاية العمل عن بُعد بحلول عام 2026.
تشير تقديرات أخرى إلى أن 35% من الموظفين في الولايات المتحدة يفضلون العمل عن بُعد بشكل دائم، بينما يفضل 28% العمل بنموذج هجين. وأفاد تقرير صادر عن شركة "غارتنر" أن 48% من الموظفين يعملون عن بُعد بعد الوباء، مقارنةً بنسبة 30% قبل الجائحة.
هذه التغيرات تسلط الضوء على التحديات والمقاومة التي يواجهها المديرون التنفيذيون الذين يفرضون سياسات مكتبية صارمة، وتؤكد أهمية توفير خيارات مرنة لتحسين رضا الموظفين وزيادة إنتاجيتهم.