خاص
خاصربوت يعمل بنظام الذكاء الاصطناعي

الصغار قادمون.. الذكاء الاصطناعي يهدد عمالقة التكنولوجيا

توسعت قدرات ومجالات استخدام الذكاء الاصطناعي، لتشمل تحليل وتحسين سير العمل في المكاتب أو الآلات أو المنصات الرقمية، وتوليد بعض الصور وغيرها، لكن تأثير هذه التكنولوجيا أبعد بكثير من ذلك.

وفي إحدى مهامه العديدة، يقوم الذكاء الاصطناعي في الوقت الحالي، بتغيير كيفية إنشاء أو إصلاح الكود البرمجي الخاص لتطبيق ما.

بشكل أو بآخر، يمكن أن يؤدي ذلك إلى تحويل مركز الثقل في قطاع التكنولوجيا، نحو الشركات الصغيرة أو متوسطة الحجم، وربما تتحول شركة من ناشئة إلى عملاقة في لحظة، إذا ما حالفها الحظ وأثمرت المثابرة عن ابتكار مثير أو تطبيق مبتكر، يجلب لها مليارات الدولارات، ويهدد عرش شركات استقرت على قمة صناعة التكنولوجيا لسنوات طويلة.

● التطوير البرمجي

كانت، ولا زالت، لغة البرمجة عقبة كبيرة في تطوير البرامج والمواقع والتطبيقات، إذ يعتمد المبرمجون على لغات البرمجة لكتابة الأكواد، ما يعد أمرا معقدا وصعبا.

ويصل التعقيد إلى أدق الأمور، حتى أن عدم وجود قوس واحد في الكود البرمجي - الذي يمكن أن يصل عدد سطوره إلى مئات- يمكن أن يتسبب في عدم تشغيل البرنامج أو تشغيله بشكل غير صحيح.

ونتيجة لذلك، هناك طلب على المتخصصين المدربين جيدًا، ذوي الكفاءة العالية، في أهم شركات التكنولوجيا العالمية الرائدة.

في المقابل، لا تعاني نماذج الذكاء الاصطناعي من مشكلة في تعلم أكواد البرمجة، إذ يتم تدريبها عبر كميات هائلة من النصوص. كما أن هذه النماذج قابلة للتكيف بحيث يمكنها بسهولة تعلم اللغات البشرية ولغات الآلات.

على سبيل المثال، يمكن لأنظمة الذكاء الاصطناعي حاليًا إكمال تطوير كود برمجي، إذ توفر للمبرمج اقتراحات حول كيفية الاستمرار في كتابة الأكواد البرمجية. كما يمكن للأنظمة المحسنة إنشاء مقاطع كاملة أو كود برمجي كامل لبرنامج بأكمله.

وفي ضوء ذلك، يقول جنسن هوانغ، الرئيس التنفيذي لشركة المعالجات العالمية "إنفيديا": "اليوم الجميع مبرمج، كل ما عليهم فعله هو إخبار الكمبيوتر بما يريدون، وهو ينفذه"، وفقا لصحيفة "هاندلسبلات" الألمانية.

ويتوقع هوانغ أن "سنوات أنفقها البعض في إتقان لغة البرمجة، قد تصبح قريبًا غير ضرورية". كما يرى مات ويلش، الذي عمل لسنوات عديدة كمطور لشركتي التكنولوجيا العملاقتين غوغل وآبل: "إنها نهاية البرمجة"، وفق ما نقلته الصحيفة الألمانية.

● مثال حي

وقال توماس دومكي، الرئيس التنفيذي لروبوت الذكاء الاصطناعي "غيت هاب"، في حديث مع صحيفة "هاندلسبلات"، إن "كتابة برامج الكمبيوتر لم تكن بهذه السهولة من قبل".

وأضاف دومكي، الذي بدأ في مجال البرمجة بالفعل في أيام دراسته ووصل الآن إلى منتصف الأربعينيات من عمره: "أتمنى لو كانت لدي مثل هذه الأدوات في أيامي الأولى كمبرمج".

وتحدث عن "غيت هاب"، روبوت الذكاء الاصطناعي المتخصص في إنشاء وإصلاح وترجمة الأكواد البرمجية إلى لغات برمجة أخرى. وأوضح دومكي أنه يجعل المبرمجين عديمي الخبرة، أفضل بكثير في كتابة الأكواد.

ويتم استخدام "غيت هاب"، الذي تم إطلاقه قبل عامين، من قبل أكثر من مليون مطور وأكثر من 37 ألف شركة أو منظمة مثل مزود التجارة الإلكترونية "شوبيفاي" أو عملاق الشحن "ميرسك" أو شركة الاستشارات الإدارية PwC.

ويعد "غيت هاب" رائدًا في خدمات برمجة الذكاء الاصطناعي، والآن تتدافع العديد من الشركات إلى هذا المجال، إذ قدم عمالقة التكنولوجيا، أمازون وغوغل منتجاتهما الخاصة، كما يوجد منافس مباشر وهو "جيتلاب"، الذي قال مديره ديفيد ديسانتو، إنه "يتميز بالكشف الموثوق عن الثغرات الأمنية في البرامج".

● المستقبل للجميع

نظرًا لنجاح مساعدات البرمجة بالذكاء الاصطناعي، فإن العديد من مطوري البرمجيات قلقون بالفعل بشأن وظائفهم. وحتى الآن، تتمكن أكبر شركات البرمجيات في العالم من توظيف مجموعة من أفضل المواهب لإنشاء البرامج الأكثر تفصيلاً وقوة، وهي ميزة لا يمكن أن تصل إليها الشركات الناشئة والمتوسطة.

ووفق صحيفة هاندلسبلات، فإن الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم في ألمانيا وأوروبا تتخلف عن المنافسة في مشاريع البرمجيات الكبيرة، إذ يصعب عليهم الحصول على أفضل المبرمجين، لكن الذكاء الاصطناعي يغير هذه المعادلة حاليا.

وبحسب موقع "ستاتيسا" الإحصائي، من المتوقع أن يصل عدد المطورين العالمي إلى 28.7 مليون شخص بحلول عام 2024، بزيادة قدرها 3.2 مليون عن العدد الذي شهده عام 2020 والبالغ 24.5 مليون شخص.

لكن بعد دخول الذكاء الاصطناعي إلى قطاع البرمجة، فإنه أصبح بمثابة سلاح أقرب للمعجزة، إذ يمكن لكل مطور برمجيات تقريبًا الوصول إليه، وبالتالي يمكن أن يفيد المشاريع الصغيرة والمتوسطة الحجم على وجه الخصوص.

وحول استخدام الذكاء الاصطناعي في الشركات الناشئة والمتوسطة، قال دانيال زابو، رئيس شركة "كوربا ديجيتال" الألمانية، إن "فرق التطوير أصبحت أكثر إنتاجية وأسرع نتيجة الاستعانة بالذكاء الاصطناعي".

وأضاف زابو: "يمكن أن تكون غوغل التالية (على سبيل المثال) شركة ألمانية متوسطة".

فرص واعدة

وتعقيبا على ذلك، قال خبير التكنولوجيا، وليد طه، في حديث لـ"إرم الاقتصادية"، إن "الشركات الناشئة ومتوسطة الحجم لديها فرصة كبيرة جدا للنمو وتحقيق مكاسب لم تكن ممكنة قبل ذلك". وأضاف: "لا يتوقف الأمر عند الأرباح فقط، بل منافسة الشركات الكبيرة في مجالاتها التي تسيطر عليها منذ سنوات، وكل ذلك بفضل الذكاء الاصطناعي".

وأوضح طه أنه على سبيل المثال في شركات الإنتاج أو ريادة الأعمال وغيرها، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يساعد في إعادة هيكلة طرق الإنتاج والإدارة والتوزيع والتسويق، وبالتالي استبعاد أفكار قديمة روتينية كانت دون جدوى".

وأكمل: "تحليل المنافسين وبياناتهم بالذكاء الاصطناعي أيضا سيكون سهلا جدا، ما يقلل الوقت والمال، وهما عاملان لم تكن الشركات الصغيرة قادرة على تحملهما".

وفيما يتعلق بسوق التكنولوجيا العالمي، أكد طه أن احتمالات تأثير الذكاء الاصطناعي عليه "باتت لا نهائية"، مضيفا "كل الأفكار أصبحت قابلة للتنفيذ، بداية من الألعاب والترفيه، وحتى الحروب".

Related Stories

No stories found.
إرم الاقتصادية
www.erembusiness.com