يشهد قطاع السياحة في تركيا، الذي يُعد من المحركات الرئيسة للاقتصاد الوطني، تباطؤاً ملحوظاً بعد فترة من النمو المتواصل، مع تراجع في أعداد السياح الأجانب وضعف الإقبال المحلي.
وفقاً لموقع AGBI، يعاني القطاع من ضغوط متزايدة نتيجة ارتفاع التكاليف، وثبات سعر الصرف، وتراجع القوة الشرائية؛ ما انعكس سلباً على الطلب في السوقين الخارجية والداخلية وأثار مخاوف واسعة لدى العاملين في المجال.
بحسب بيانات وزارة الثقافة والسياحة التركية الصادرة في نهاية يونيو، استقبلت البلاد 15.62 مليون سائح أجنبي خلال الأشهر الخمسة الأولى من عام 2025، مقارنة بـ15.87 مليون خلال الفترة نفسها من العام الماضي، مسجلة انخفاضاً طفيفاً بنسبة 1%. إلا أن التراجع تسارع في شهر مايو، مع انخفاض سنوي بنسبة 1.8%.
ويمثل هذا التباطؤ انعكاساً ملحوظاً لمسار القطاع الذي شهد نمواً في أعداد السياح الأجانب بنسبة تقارب 7% في عام 2024، و11% في عام 2023. ومع اقتراب ذروة الموسم السياحي، تبدو الأهداف الحكومية باستقطاب أكثر من 60 مليون زائر العام الجاري بعيدة المنال، بل وقد يصعب تجاوز أرقام العام الماضي التي بلغت 52.6 مليون سائح.
خلال ندوة متخصصة نُظمت في مطلع يوليو حول آفاق القطاع، حذر رئيس «جمعية مديري الفنادق المحترفين» (POYD) هاكان سآتجي أوغلو من أن تركيا بدأت تُصنّف كوجهة مرتفعة الكلفة لدى السياح الأجانب. وأشار إلى أن ارتفاع النفقات التشغيلية، وسعر الصرف الخاضع للرقابة، وتآكل القوة الشرائية، تشكل مجتمعة عبئاً متزايداً على القطاع.
وأظهرت بيانات الجمعية أن نسب إشغال الفنادق تراجعت أكثر من 10% مقارنة بالعام الماضي، كما انخفض متوسط مدة الإقامة بنسبة 5%.
مع تراجع أعداد الزوار الأجانب، فإن الضربة الأقسى بحسب العاملين في القطاع جاءت من التراجع الحاد في السياحة المحلية. وأكد زيا أرتام، مالك فنادق «بانوراما» (Panorama) و«مادا» (Madda) في مدينة بودروم الساحلية، أن الموسم الحالي هو الأسوأ خلال السنوات الثماني الماضية، باستثناء فترة الجائحة.
وقال أرتام لموقع AGBI: «هذا أسوأ موسم منذ ثماني سنوات، باستثناء فترة كورونا. الناس حذرون في الإنفاق؛ الأتراك يسألون عن الأسعار، لكنهم إما يعزفون عن الحجز وإما يعجزون عن تحمل التكاليف».
رغم هذا التراجع، أشار مالك فنادق «بانوراما» إلى أن انخفاض أعداد السياح المحليين يُعوّض جزئياً بزيادة في الحجوزات من الزوار، الذين كانوا في السابق يواجهون صعوبة في العثور على أماكن إقامة في بودروم. ومع ذلك، تبقى وتيرة الحجوزات أقل من المتوقع مع دخول الموسم الصيفي ذروته.
رغم التحديات الراهنة، فلا تزال تركيا تحتفظ بمكانتها بين أبرز الوجهات السياحية عالمياً. إذ أظهر تقرير صادر عن الأمم المتحدة في الـ24 من يونيو أن تركيا تقدّمت إلى المركز الرابع عالمياً في عدد الزوار الدوليين خلال عام 2024، متجاوزة إيطاليا.
إلا أن مراقبين في القطاع يحذرون من أن هذه المكانة قد تكون مهددة إذا استمرت الاتجاهات الحالية، في ظل اشتداد المنافسة مع وجهات إقليمية مجاورة مثل اليونان، التي يُنظر إليها باعتبارها أكثر توفيراً، إضافة إلى استمرار الضغوط التضخمية التي قد تؤثر في تنافسية البلاد السياحية.
واختتم أرتام بالقول: «انظر إلى الفنادق الكبيرة، ساحات انتظار السيارات فارغة، ولا وجود للحشود، المؤشرات هذا العام سلبية للغاية».