logo
تكنولوجيا

الدفع الإلكتروني بالعراق.. انتعاشة مرتقبة يدعمها «حظر حكومي»

الدفع الإلكتروني بالعراق.. انتعاشة مرتقبة يدعمها «حظر حكومي»
شخص يستخدم بطاقة بنكية للدفع في عيادة طبية، أبريل 2024.المصدر: أ ف ب
تاريخ النشر:21 يونيو 2025, 04:56 ص

لم يعد دفع رسوم معاملة حكومية في العراق يقتضي الوقوف في طوابير طويلة وحمل رزم من النقود، فبدءاً من 1 يوليو 2025 تبدأ الوزارات والهيئات الرسمية تطبيق حظر كامل للدفع النقدي، في خطوة وصفتها الحكومة بـ«الثورة البيضاء» لإدخال البلاد إلى عصر الاقتصاد الرقمي.

والأسبوع الماضي، أعلن مستشار رئيس الوزراء العراقي، صالح سلمان، بدء تطبيق قرار حظر الدفع النقدي في المؤسسات الحكومية مطلع شهر يوليو المقبل، مؤكداً أن ذلك يُعد جزءاً من توجه حكومي شامل نحو تقليص الاعتماد على النقد، ونشر منظومة الدفع الإلكتروني، بما يسهم في تعزيز الشفافية ومحاربة الفساد.

وقبل البدء في تنفيذ القرار، يرى خبراء اقتصاد تحدثوا لـ«إرم بزنس» أن هذا القرار يتجاوز كونه إجراءً إدارياً، إذ يَستهدف توسيع الشمول المالي، والمعاملات المالية الرقمية، ولكنه أيضاً يرتبط بتحديات تشمل تحديث البنية التحتية ونشر ثقافة الدفع الإلكتروني.

أخبار ذات صلة

العراق يطمح للتحول إلى مركز مالي إقليمي بأربعة عوامل استراتيجية

العراق يطمح للتحول إلى مركز مالي إقليمي بأربعة عوامل استراتيجية

تحول محفوف بالتحديات

ويوضح أستاذ الاقتصاد بجامعة المعقل، نبيل المرسومي، أن قرار حظر الدفع النقدي سيحدث نقلة كبيرة في التعاملات المالية الإلكترونية اليومية، لكنه في الوقت ذاته يواجه تحدّيات كبيرة تتطلّب بنية تحتيّة رقميّة قويّة، وثقافة ماليّة متقدّمة.

وفي حديثه مع «إرم بزنس» يؤكد المرسومي أن الدفع الإلكتروني يُعدّ أداة قوية لتقليص حجم الاقتصاد غير الرسمي، الذي يُقدر بنحو 70% من حجم السوق العراقية، مشيراً إلى أن الانتقال الرقمي سيُسهم أيضاً في زيادة تحصيل الإيرادات الضريبية التي بلغت 3.755 تريليون دينار في العام الماضي.

ويتوقع أستاذ الاقتصاد أن يؤدي القرار إلى تسريع دورة رأس المال، وزيادة الناتج المحلي الإجمالي بنحو 1.5 نقطة مئوية سنوياً. لكنه يحذّر في الوقت ذاته من أن التطبيق الفعلي يتطلب تغطية شاملة لشبكات الإنترنت، خاصة في المناطق الريفية، وتوفير أجهزة دفع حديثة ومأمونة.

ويشير إلى أن العراق بحاجة لمزيد من الاستثمارات خلال السنوات الثلاث المقبلة لتحديث البنية التحتية الرقمية، وتعزيز الأمن السيبراني، وتدريب الكوادر على التعامل مع أنظمة الدفع الإلكترونية الحديثة.

أرقام لافتة وتوسع سريع

وخلال السنوات الأخيرة، شهد العراق قفزة نوعية في مجال الدفع الإلكتروني، فقد ارتفعت نسبة الشمول المالي من أقل من 10% في عام 2018 إلى نحو 40% حالياً.

وبلغ عدد الحسابات المصرفية نحو 22 إلى 23 مليون حساب، بينما وصل عدد أجهزة نقاط البيع المنتشرة إلى أكثر من 70 ألف جهاز، وفق البنك المركزي العراقي.

ويعزز البنك المركزي هذا التوجه عبر دعم إطلاق محافظ رقمية، وتطوير تطبيقات مصرفية حديثة، كما يعمل على تشجيع الشركات الناشئة في قطاع التكنولوجيا المالية.

كما أطلقت الحكومة العراقية حملات توعية لتحفيز المواطنين على الابتعاد عن التعامل النقدي، وتبني ثقافة الدفع الرقمي، خاصة في المدن والمحافظات الكبرى.

أخبار ذات صلة

رغم الضربة الإسرائيلية.. الغاز الإيراني يواصل التدفق إلى العراق

رغم الضربة الإسرائيلية.. الغاز الإيراني يواصل التدفق إلى العراق

معاملات إلكترونية مليونية

ونتيجة لهذا التوجه، تخطّت عمليات الدفع الإلكتروني المحلية في العراق للمرة الأولى حاجز 10 ملايين عملية خلال شهر مارس الماضي، مسجِّلةً رقماً قياسياً بقيمة إجمالية بلغت نحو 2.65 تريليون دينار عراقي، وفق الخبير الاقتصادي منار العبيدي.

ويرى العبيدي في حديثه مع «إرم بزنس» أنه بهذا الإنجاز يُختَم الربع الأول من العام على أكثر من 28 مليون معاملة إلكترونية بقيمة 7.4 تريليون دينار، مقابل 6.5 مليون عملية فقط في الفترة نفسها من 2024 بقيمة 3.54 تريليون دينار، ما يعكس طفرة سنوية في قيمة التعاملات تبلغ 109%.

ويؤكد الخبير الاقتصادي، أن هذا النمو اللافت يرتبط بتوسّع الدفع الرقمي في شتى المجالات، ولا سيما المدفوعات الحكومية، ومن المتوقَّع أن تسجّل الأشهر المقبلة قفزات إضافية مع تعميم حظر الدفع النقدي في المؤسسات الرسمية.

تعزيز الثقة في القطاع المصرفي

العبيدي أشار إلى أن نجاح الدفع الإلكتروني لا يُقاس فقط بانخفاض حجم النقد المتداول خارج البنوك، بل يُقاس في المقام الأول بمدى ثقة المواطنين في النظام المصرفي.

ولفت إلى أن تنامي هذه الثقة ينعكس في شكل زيادة الأرصدة الإلكترونية، وارتفاع حجم الودائع طويلة الأجل داخل القطاع المصرفي، وهو ما يمثل مؤشراً أساسياً على فعالية الإصلاحات المالية.

وبحسب رابطة المصارف الخاصة في العراق، بلغ حجم الودائع 120 تريليون دينار، بينما وصل حجم الائتمان إلى 73 تريليون دينار، كما ارتفع حجم المدفوعات الإلكترونية من قرابة مليار دولار سنوياً إلى نحو 17 مليار دولار خلال عام 2024.

إعادة هيكلة المصارف

ورغم جهود الحكومة العراقية في التحول الرقمي في البلاد فإنه لا يقتصر على تحديث وسائل الدفع فحسب، بل يرتبط بإعادة هيكلة شاملة للبيئة المالية والاستثمارية.

ووفق مستشار رئيس الوزراء العراقي، فقد تم تكليف شركة «إرنست ويونغ» بإعادة تنظيم 6 إلى 7 بنوك حكومية، من بينها مصرف الرافدين ومصرف الرشيد، إضافة إلى المصرف الصناعي والعقاري، في محاولة لإعادة تشكيل الهيكل المصرفي بما يتوافق مع متطلبات الحوكمة والمعايير الدولية.

وفي هذا الإطار، تم الإعلان عن تحويل مصرف الرافدين إلى «بنك الرافدين الأول»، وتقليص مساهمة الحكومة فيه إلى أقل من 24%، على أن تُطرح الحصة المتبقية أمام البنوك الخاصة والمستثمرين الأجانب.

كما وقّع المصرف العراقي للتجارة عقوداً مع شركتي (KPMG) و(K2i) لتحديث عملياته التشغيلية، في حين يتعاون البنك المركزي مع شركة «أوليفر وايمان» لتقييم أداء البنوك الخاصة خلال فترة تمتد من عامين إلى ثلاثة أعوام، ورفع توصيات بخصوص الدمج أو الانسحاب أو إعادة الهيكلة.

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
تحميل تطبيق الهاتف
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC