أسواق الإمارات أظهرت متانة في وجه الأزمات الإقليمية
إلغاء ضريبة الأرباح الرأسمالية في مصر خطوة جيدة
رسم الأمين العام لاتحاد أسواق المال العربية، رامي الدكاني، في حوار مع «إرم بزنس»، ملامح مشهد الاستثمار في المنطقة، مشيداً بنجاحات بورصات الخليج وتحديداً سوق أبوظبي التي تقود تحولاً إقليمياً في التعاون بين الأسواق.
وسلط الضوء على تحديات التكنولوجيا المالية، مشيراً إلى الحاجة لتيسير أدوات الاستثمار أمام الأفراد، وتطوير الأدوات المالية المعقدة كالمنتجات المشتقة.
كما تطرق إلى واقع الأسواق غير الخليجية، مؤكداً أن النجاح في سوق عربية واحدة ينعكس على محيطها، مع دعوة واضحة لتعزيز التكامل الاستثماري وإطلاق منتجات تلائم ميول المستثمر المحلي.
ولفت إلى أبرز التحديات التي تواجه السوق المصرية، وملامح سوق دمشق بعد إعادة افتتاحها مؤخراً، ودور الاتحاد بدعم هذه الانطلاقة الجديدة.
أكد الدكاني أن الدور الأساسي للاتحاد هو «تقريب وجهات النظر والاستراتيجيات ما بين البورصات العربية»، حيث يضم الاتحاد تحت مظلته جميع البورصات العربية، ومراكز الإيداع والتقاص العربية، بالإضافة للعديد من المؤسسات المالية العربية.
وأشار إلى أن سوق المال عبارة عن «منظومة متكاملة من اللاعبين الفاعلين»، وأن الأسواق مجرد فاعل واحد وإن كانت الفاعل الرئيس، إضافة إلى لاعبين بارزين آخرين، مثل شركات التسوية ووظائف ما بعد التداول، والشركات المدرجة والمصدرين، والمستثمرين.
ثمّن الأمين العام لاتحاد أسواق المال العربية النجاح الذي حققته سوق أبوظبي للأوراق المالية عبر منظومة التبادل التي تضم اليوم كثيراً من البورصات العربية وغير العربية أيضاً من المنطقة، حيث كانت بورصة البحرين أول المنضمين، تلتها بورصات غير عربية مثل كازاخستان وأوزبكستان، ومؤخراً أرمينيا.
وأكد أن المسألة ليست خلق فكرة السوق العربية الواحدة التقليدية، بل «أن يكون لكل دولة عربية إمكانية الاستثمار في أي منتج، وفي أي سهم متداول في سوق أخرى».
كما لفت الدكاني إلى اختلاف الأسواق فيما بينها، موضحاً أنه لا يمكن التعميم بأن الأفراد يشكلون النسبة الأكبر في جميع الأسواق، إذ لا تزال المؤسسات المالية تهيمن على قاعدة المستثمرين في عدد منها، وهو ما ينعكس مباشرة على مستوى القدرات التكنولوجية والمالية المتاحة داخل كل سوق.
بدأت البورصات العربية تشهد في السنوات الثلاثة الماضية استثمارات مهمة في مجال التكنولوجيا بحسب الدكاني الذي أشار إلى أهمية رؤية البورصات تستثمر بشكل جيد في هذا المجال.
لكنه أكد بالمقابل، أن التحدي الأكبر يكمن في النظر إلى المستثمر الفرد وتوفير أدوات تكنولوجية أسهل له، وتسهيل عملية الاستثمار في البورصات.
أشاد الدكاني بالإقبال القوي من المستثمرين الأجانب على الأسواق الخليجية بفضل جاذبيتها واستقرارها النسبي، في حين تواجه أسواق غير خليجية تحديات ناتجة عن أعباء اقتصادية تؤثر سلباً على أدائها.
ويُبرز نقطة محورية في تحليل سلوك المستثمر الأجنبي، موضحاً أن من يدرس المنطقة ينظر إلى الأسواق ككل، من السعودية والإمارات إلى مصر وقطر والبحرين، معتبراً أن نجاح بورصة واحدة في الإقليم غالباً ما ينعكس إيجاباً على البورصات الأخرى، ما لم تكن هناك عوامل طاردة تخص سوقاً بعينها.
تطرق الأمين العام لاتحاد أسواق المال العربية رامي إلى متانة الأسواق الإماراتية في التعامل مع الأزمات الإقليمية، مستنداً إلى تحليل أجراه مؤخراً حول تداعيات الحرب الجارية على أداء البورصات.
وأوضح أنه في الوقت الذي تراجعت فيه معظم الأسواق، سجلت سوق أبوظبي ارتفاعاً يوم الجمعة الماضي، مرجعاً الأداء الإيجابي إلى الارتباط الوثيق مع أسعار النفط التي شهدت بدورها قفزة ملحوظة.
كما أشار إلى ميزة استراتيجية تتمتع بها الأسواق الإماراتية، وهي برامج الطروحات المدعومة من الدولة، حيث تبيع الحكومة حصصاً من شركاتها عبر السوق، ما يعكس، بحسب وصفه، فهماً ناضجاً وفعّالاً لفكرة الترويج للطروحات العامة».
أكد الدكاني أن الأسواق الخليجية غالباً ما تحقق أداء يفوق نظيراتها الأوروبية، بسبب مجموعة عوامل تتصدرها برامج الطروحات الأولية التي تستقطب استثمارات أجنبية وعربية واسعة وتُسهم في تعزيز السيولة.
وأشار بشكل خاص إلى الطرح الثانوي لشركة «أرامكو» الذي جرى العام الماضي، ووصفه بأنه أكبر صفقة مالية تمت عالمياً خلال السنوات الثلاث الأخيرة، ليخلص إلى أن أسواق المال العربية تمتلك القدرة على تقديم فرص استثمارية قوية وجاذبة للمستثمر العالمي الراغب في دخول المنطقة.
وحدد بعض التحديات قائلاً: «ينقصنا بعض التعليم في بعض الأدوات المالية، في مجال المشتقات المالية ما زلنا - لا أريد أن أقول متراجعين - ولكننا لا نملك القوة الموجودة خارج المنطقة العربية، فهناك بعض الأدوات المالية التي نحتاجها لتطويرها».
ولفت إلى عدة طروحات ناجحة، مشيراً إلى طرح شركة «كيو» في سلطنة عمان بقيمة ملياريْ دولار، وطرح «اللولو» في أبوظبي بقيمة مليار دولار تقريباً.
في ما يتعلق بإعادة افتتاح بورصة دمشق، أوضح الدكاني أن اتحاد أسواق المال العربية يقدّم برامج تدريبية متخصصة ومبادرات لبناء القدرات بالتعاون مع شركائه الإقليميين، بهدف دعم تطوير أداء السوق السورية.
وأشار إلى إبداء بعض البورصات الخليجية استعداداً عملياً لاستضافة كوادر من بورصة دمشق لتلقي التدريب والتأهيل، مشدداً على مواكبة الاتحاد لهذا المسار عن قرب.
وأضاف: «من المتوقع أن تؤدي بورصة دمشق أداءً جيداً خلال العامين أو الثلاثة القادمين».
أبدى الدكاني تقديراً واضحاً لأداء البورصة المصرية من الناحية التقنية، مبيناً أنها تضم شركات مدرجة تتمتع بمتانة مالية وسمعة جيدة، لكنه لفت في الوقت ذاته إلى تأثر أداء السوق بدرجة كبيرة بالوضع الاقتصادي العام في البلاد، ما يفرض تحديات دورية أمام استقرار المؤشرات.
وأشاد بالخطوات الأخيرة التي اتُخذت على صعيد السياسة الضريبية، معتبراً أن «إلغاء ضريبة الأرباح الرأسمالية خلال الأسبوعين الماضيين كان قراراً محموداً»، مشيراً إلى أنه تم استبدالها برسوم دمغة على التداول.
وحدد التحدي الأكبر في السوق المصرية بأنه يكمن بـ«إقناع المستثمر المصري بالبورصة وفهم طبيعة الاستثمار فيها»، مشيراً إلى أن ثقافة الاستثمار السائدة في مصر تركز على الذهب والعقار.
ورأى أن الحل يكمن بطرح منتجات استثمارية تلائم ميول المستثمر المحلي، مثل صناديق الذهب التي أُطلقت عام 2022–2023، ونجحت بالفعل في جذب شريحة مجتمعية كبيرة.
واقترح الدكاني إطلاق صناديق استثمار عقاري مدرجة في السوق المصرية، بما يتيح للمواطنين الاستثمار العقاري من خلال أدوات مالية منظمة وشفافة، بدلًا من اللجوء إلى السوق التقليدي فقط.
كشف الدكاني عن رؤيته لتنويع المحفظة الاستثمارية قائلاً: «دائماً يجب أن يكون لدي جزء من المحفظة في أذونات الخزانة، والمعادن النفيسة سواء الذهب أو الفضة، حيث شهدنا أرباحاً جيدة في المعادن النفيسة خلال الفترة الماضية».
وحول مستقبل أسهم الطاقة في ظل التحول نحو الطاقة المتجددة، أكد الدكاني أن "أسهم الطاقة طول عمرها أسهم جيدة"، مشيراً إلى أن «سعر البترول في السنة الماضية كان جيداً»، ويؤكد أن كل مستثمر يجب أن يقوم بتحليل هذا القطاع بنفسه.