في عالمٍ يشهد ثورة في تكنولوجيا السيارات، باتت المفاجآت جزءاً من يوميات القيادة. ومع تطور الطرازات الكهربائية والهجينة، تغيّر معنى دواسة الوقود كما نعرفها. لم تعد مجرد أداة لزيادة السرعة، بل أصبحت تؤدي دوراً مزدوجاً يجمع بين الدفع الأمامي… والفرملة الخلفية.
هل جرّبت يوماً أن ترفع قدمك عن دواسة الوقود لتجد أن السيارة بدأت تتباطأ سرعتها تلقائياً دون أن تمس دواسة الفرامل؟
إنها ليست خدعة، بل تقنية ذكية تُعرف بـ«القيادة بدواسة واحدة» (One Pedal Driving). لا تكتفي هذه الميزة بإضفاء لمسة من الراحة، بل تسهم أيضاً في شحن البطارية وتوفير الطاقة… ببساطة، خطوة واحدة تمنحك 3 فوائد دفعة واحدة.
في السيارات الكهربائية والهجينة، لا تعمل دواسة الوقود كما اعتدنا في مركبات البنزين أو الديزل. هنا، كل "ضغطة" وكل «إفلات» يعني تحوّل الطاقة بطريقة ذكية. حين ترفع قدمك، تبدأ السيارة في التباطؤ تدريجياً، وتبدأ عجلاتها في توليد الكهرباء التي تعود مباشرة إلى البطارية. إنها عملية «كبح تجديدي» (Regenerative Braking System) لا تراها بالعين، لكن تشعر بها مع كل كيلومتر إضافي توفره.
ليس ذلك فحسب، بل إن هذا النظام يخفف الضغط على نظام المكابح التقليدي، مما يطيل عمر «حشوة الفرامل» (Brake Pads) ويقلل من زيارات الورشة.
شخصياً، وبعد امتلاكي لسيارة كهربائية، أتذكر أول تجربة لي مع هذه التقنية، كنت على وشك التوقف المفاجئ عند إشارة مرور، ومع ذلك، توقفت السيارة بسلاسة من تلقاء نفسها. لم أكن أتوقع هذه الاستجابة، لكنها غيّرت طريقة قيادتي للأبد.
أبرز ما يميز هذا النظام هو استعادة الطاقة، وهي ميزة تصبح ذهبية في لحظات القلق من انخفاض الشحن. قد تكون على بُعد دقائق من منزلك وبطاريتك تئن من الإرهاق، وهنا يمنحك كل تباطؤ ذكي فرصة لقطع مسافة إضافية قد تُنقذك من المبيت في محطة الشحن!
كذلك، تسهّل هذه التقنية القيادة في الزحام، لا حاجة للضغط المتكرر على المكابح، فكل شيء يتم من خلال دواسة واحدة. النتيجة؟ قيادة أكثر هدوءاً، وأعصاب أكثر استرخاءً.
ولا تنسَ الجانب الاقتصادي، استخدام أقل للمكابح يعني تآكلاً أقل وصيانة أقل تكلفة. وفوق ذلك، فإن النظام يستجيب بسرعة لأي تحرك من قدمك، ما يُحسّن السلامة ويزيد من إحساسك بالتحكم.
رغم روعة هذه التقنية، فإنها لا تُغني تماماً عن استخدام الفرامل، خصوصاً في حالات الطوارئ أو الانحدارات الشديدة. لكنها تكفي لمعظم السيناريوهات اليومية، وتمنحك إحساساً جديداً بالقيادة الواعية والمدروسة.
ولعل أجمل ما في الأمر أن هذه التقنية تُكافئ أسلوب القيادة السلس، وتُعلّمك كيف تتنبأ بحركة المرور، وتستفيد من التضاريس، وتضبط إيقاعك بانسجام مع الطريق.
ما يُحسب لها أيضاً أنها لا تتطلب أي معرفة تقنية أو إعدادات معقدة. كل ما عليك هو أن ترفع قدمك في اللحظة المناسبة.
سواء كنت تفكر في شراء سيارة كهربائية أو هجينة، أو تملك واحدة بالفعل ولم تكتشف بعد هذه الميزة، فقد يكون هذا هو الوقت المناسب لتجربة "القيادة بدواسة واحدة". إنها ليست مجرد تقنية.. إنها طريقة تفكير جديدة خلف عجلة القيادة.