رغم كل ما تقدمه صناعة السيارات من تقنيات فائقة الذكاء، وميزات قيادة ذاتية، وشاشات بانورامية، ومساعدات صوتية مبهرة، إلا أن هناك عنصراً بسيطاً جداً، لكنه يملك تأثيراً كبيراً على قرار الشراء: حامل الأكواب.
في عالم تتسابق فيه شركات السيارات على إدماج تقنيات متقدمة وأنظمة قيادة مؤتمتة، قد يبدو غريباً أن الشكاوى الأبرز من المستهلكين تتعلق بشيء بسيط مثل حجم أو مكان حامل الأكواب، لكن هذا ما كشفه تقرير J.D. Power الخاص بجودة السيارات الجديدة لعام 2025، والذي شمل آراء ما يقرب من 100 ألف مالك جديد.
وبينما نالت أودي لقب "الأسوأ أداءً" في التصنيف بعد تسجيل 269 مشكلة لكل 100 سيارة، كانت المفاجأة الأكبر في ارتفاع حاد في شكاوى ما سُمّي بـ"إحباط الكوب هولدر"، فالمشكلة لم تكن في كثرة الإنذارات الإلكترونية أو غياب الأزرار التقليدية، بل في فشل حامل الأكواب في استيعاب الأكواب الكبيرة.
التقرير أشار إلى أن الشركات المصنعة لم تعد قادرة على مواكبة تنوع أحجام وأشكال الأكواب المتاحة في السوق، من أكواب ستاربكس العريضة إلى الزجاجات العملاقة والكؤوس ذات السعة الهائلة، هذه الحاويات الجديدة قد تسبب انسكابات مزعجة، وربما كارثية، إذا لم تجد مكاناً ثابتاً وآمناً داخل السيارة.
والمفارقة أن العملاء باتوا على استعداد للتغاضي عن كثير من الميزات الرقمية، طالما أن السيارة توفر مكاناً مناسباً للقهوة الصباحية أو زجاجة الماء الخاصة بهم.
قد يبدو حامل الأكواب شيئاً ثانوياً، لكنه في الحقيقة يعكس مدى اهتمام الشركة المصنعة باحتياجات السائق اليومية، فكل من يخرج صباحاً متأخراً إلى عمله، ويرغب في شرب قهوته في الطريق، يدرك تماماً أهمية وجود مكان آمن يثبت فيه كوبه، وبالمثل، كل من يحمل زجاجة ماء معه يومياً سيشعر بالامتنان إن وجد لها مكاناً مخصصاً لا يعطل تجربته في القيادة.
إن عدم وجود حامل أكواب ملائم لا يسبب فقط الإزعاج، بل يمكن أن يصبح مصدراً للتوتر، ويقلل من التركيز أثناء القيادة، في المقابل، وجود حامل مصمم بعناية في مكان يسهل الوصول إليه، وبحجم مناسب، يرفع من جودة التجربة ويمنح السائق شعوراً بالاهتمام.
حامل الأكواب في جوهره، ليس مجرد قطعة بلاستيكية مجوفة، إنه رسالة، هو دليل على أن صانع السيارة يفهم حياة المستخدم، ويتعاطف مع روتينه، ويولي أهمية للراحة اليومية، ليس فقط للأداء التكنولوجي.
فالسيارات ليست مجرد منصات عرض للتقنيات الحديثة، بل هي رفيقة للناس في لحظاتهم اليومية، وفي زحام الصباح، وفي الرحلات الطويلة، وحتى في لحظات الاستراحة القصيرة، وحامل الأكواب الجيد هو ما يجعل هذه اللحظات أكثر سلاسة.
في المرة القادمة التي تفكر فيها بشراء سيارة جديدة، خذ لحظة للتأمل في التفاصيل، اسأل نفسك: هل يناسب هذا الحامل كوب القهوة الذي أتناوله كل صباح؟ قد يكون هذا المؤشر البسيط أكثر دقة من أي إعلان تسويقي أو عرض تقني.
ربما لا يكون حامل الأكواب هو أول ما يخطر على بالك عند التفكير في شراء سيارة، لكنه بالنسبة لكثيرين ما يُبقيهم فيها.