من القمة إلى القاع.. أبرز 5 شركات أفلست في 2023

خاص
خاص
تقدمت شركة "وي ورك" الأميركية، الشركة الناشئة الأكثر قيمة في العالم، قبل أيام بطلب للحماية من الإفلاس، ما مثل للكثيرين خبرا صادما، وانهياراً مذهلاً لشركة توقع كثيرون أن تحقق نجاحا طويلا، إلا أن قائمة الانهيارات وطلبات الإفلاس في 2023 لم تقتصر على هذه الشركة، وإنما شملت أسماء عديدة، بحيث يمكن وصف الأمر بالموجة الواسعة.

وكشفت بيانات "إس آند بي جلوبال ماركت إنتلجنس"، أن عدد الشركات الأميركية التي تعرضت للإفلاس في أول ستة أشهر من هذا العام ارتفع لأعلى مستوى منذ عام 2010، متجاوزًا الذروة المسجلة في 2020 مع ظهور وباء كوفيد-19.

وفي أول ستة أشهر من 2023، تقدمت 340 شركة أميركية بطلبات لإعلان الإفلاس، وهو ما يقترب من الرقم المسجل في إجمالي عام 2022 بأكمله والبالغ 374 طلبا.

يأتي ذلك في الوقت الذي توقعت فيه شركة أليانز الألمانية في مايو الماضي، أن تعلن 17800 شركة تأمين إفلاسها خلال العام الحالي، على خلفية الاضطرابات التي شهدها القطاعان المالي والبنكي وأزمة الطاقة في ألمانيا.

في هذا التقرير نرصد لكم أبرز 5 شركات عالمية أعلنت إفلاسها بعد أن كانت على القمة لسنوات طويلة.

1- وي ورك

شركة "وي ورك"، هي شركة أميركية متخصصة في توفير وتأجير مساحات العمل المشتركة، وتأسست عام 2010 في نيويورك، لتقديم خدماتها لرواد الأعمال والشركات الكبيرة.

كان يعمل بها أكثر من 5 آلاف موظف في 32 دولة حول العالم، وبلغت قيمتها في 2017 نحو 20 مليار دولار، بفضل توسيع أعمالها في أميركا وأوروبا وإسرائيل ودخولها السوق الصينية، من خلال إنشاء كيان مستقل يحمل اسم WeWorkChina.

تمكنت الشركة من إدارة 4 ملايين متر مربع في 2018، وحظيت بشهرة كبيرة، إلا أنها بدأت في المعاناة عندما انهارت خططها للاكتتاب العام في سبتمبر 2019، حيث خططت لطرح أسهمها في البورصة بقيمة تتجاوز 47 مليار دولار.

لكن مع اقتراب الطرح شكك المساهمون في حجم التقييم، ما أجبر إدارة الشركة على إعلان نيتها تخفيض القيمة إلى 20 مليار دولار، ما زاد من شك المساهمين، وأدى ذلك إلى تخفيض تقييمها من 47 مليار دولار، إلى نحو 8 مليارات دولار خلال 10 أشهر فقط، لتضطر بعدها إلى تجميد عملية الطرح.

عقب ذلك، وجدت الشركة نفسها في حاجة إلى سيولة مالية؛ لأن 30% فقط من مساحاتها التأجيرية، هي التي تولد لها دخلاً، بينما هي في حاجة إلى مليار دولار إضافية؛ لإعداد المساحات الأخرى للإيجار، وبالتالي وجدت نفسها غير قادرة على الحصول على المال اللازم لتمويل خططها الاستثمارية.

ولذلك وافقت الشركة في نهاية أكتوبر 2019 على عرض قدمه "سوفت بنك" الياباني للاستحواذ على 80% من أسهمها، مقابل حزمة إنقاذ بقيمة 9.5 مليار دولار، إلا أن البنك تراجع في 2020 عن الصفقة، وبعدها طُرحت "وي ورك" للاكتتاب العام ببورصة نيويورك في عام 2021 بتقييم مخفض للغاية بلغ حوالي 9 مليارات دولار.

رغم ذلك، استمرت مشاكل الشركة في عامي 2022 و2023 ولم تحقق أي أرباح، إلى أن جاء شهر أغسطس الماضي، لتصدر الشركة بيانا حذرت فيه من قرب إفلاسها، ما أدى إلى انخفاض قيمة السهم إلى 12 سنتا فقط.

بعدها تأكدت "وي ورك" أنها لن تستطيع الاستمرار، وبالفعل طالبت في 6 نوفمبر الجاري بالحماية من الإفلاس بموجب الفصل رقم 11 من قانون الإفلاس الأميركي، بهدف استخدام أحكام هذا القانون لتخليص نفسها من بعض عقود الإيجار المرهقة، لتكون بذلك آخر الشركات العالمية التي تعلن إفلاسها في 2023 حتى الآن.

2- ويلكو

"ويلكو" هي واحدة من أشهر وأقدم سلاسل متاجر التجزئة في بريطانيا، وعمرها يمتد لنحو 93 عاما، حيث تأسست عام 1930. تمتلك السلسلة 400 متجر، ويعمل بها نحو 12 ألف شخص، ويبلغ حجم مبيعاتها السنوية نحو 1.2 مليار جنيه استرليني، ما يعادل 1.5 مليار دولار.

عندما بدأت السلسة في 1930 كانت تمتلك متجرا واحدا فقط، ثم واصلت التوسع حتى بلغ عدد أفرعها 400 متجر.

ورغم أن هذه المتاجر تبيع كل شيء من الأدوات المكتبية إلى الأجهزة، إلا أن ذلك لم يشفع لها، فقد أعلنت "ويلكو" عن إفلاسها في أغسطس الماضي، بسبب تراجع مبيعاتها والضغوط الاقتصادية التي تواجهها، عقب جائحة كورونا ورفع أسعار الفائدة عالميا، وعدم قدرتها على تغيير الأداء السيئ خلال الفترة الأخيرة، وتعثر جهودها للحصول على تمويل طارئ.

وحصلت السلسة في بداية هذا العام على تمويل بقيمة 40 مليون جنيه استرليني، إلا أنه لم يغير من الأداء السيئ شيئا.

وقال مارك جاكسون، الرئيس التنفيذي لـ "ويلكو" بعد إعلان الإفلاس: "بذلنا قصارى جهدنا فيما يتعلق بالحفاظ على هذه الشركة الهائلة ولكن يجب أن نقر بأسف أنه ليس لدينا خيار آخر باستثناء اتخاذ القرار الصعب بوضع الشركة تحت إدارة التفليسة".

3- بيد باث آند بيوند

تعد "بيد باث آند بيوند" واحدة من أشهر الشركات الأميركية لبيع السلع المنزلية بالتجزئة، وهيمنت لمدة عقود على فئة السلع المنزلية في الولايات المتحدة.

واشتهرت الشركة التي تمتلك 360 فرعا، بخصوماتها عن طريق الكوبونات الورقية الموجودة في كل مكان، ومتاجرها المهيمنة على فئة السلع المنزلية، إلا أنه مع تحول العملاء إلى التسوق عبر الإنترنت، أصبحت الشركة إحدى أكثر شركات البيع بالتجزئة تضررًا في العقد الماضي.

وسعى الرئيس التنفيذي السابق للشركة، مارك تريتون، إلى تحديثها من خلال زيادة مبيعاتها عبر الإنترنت، وخفض مجموعة منتجاتها، وإدخال علامات تجارية جديدة، لكن تريتون ترك الشركة في أواخر عام 2022 بعد أقل من ثلاث سنوات بسبب هبوط المبيعات.

تفاقمت أزمة الشركة في يناير 2023، عندما تخلفت عن سداد أقساط ديونها، لتكشف عقب ذلك عن أنها تفكر في إعلان إفلاسها، مؤكدة أنها لا تملك الموارد الكافية لسداد المبالغ التي حصلت عليها بموجب التسهيلات الائتمانية، ما دفعها للبحث عن البدائل الاستراتيجية الأخرى، بما في ذلك إعادة هيكلة ديونها بموجب قانون الإفلاس الأميركي.

وأضافت الشركة أنها حاولت تصحيح أوضاعها عن طريق تقليل التكاليف، وتقليص عمليات المتاجر، لكن ذلك فشل، بسبب مواجهة الشركة صعوبة في التكيف مع ظروف اقتصادية غير مستقرة، وهيمنة قطاع التسوق عبر الإنترنت على الأسواق.

اضطرت "بيد باث أند بيوند" في أبريل 2023، لتقديم طلب للحماية من الإفلاس، بعد سنوات من الخسائر التي تجاوزت مليار دولار سنويا، وأوضحت في الطلب أن لديها 5.2 مليار دولار من الديون، وأصولاً بقيمة 4.4 مليار دولار.

4- بنك سيليكون فالي

يعتبر بنك سيليكون فالي أحد أهم البنوك الأميركية، وكان يصنف ضمن أكبر 20 بنكا تجاريا في أميركا، حيث تأسس عام 1983، وتخصص في الأعمال المصرفية للشركات التقنية الناشئة، وقدم التمويل لما يقرب من نصف شركات التقنية والرعاية الصحية، المدعومة من رأس مال المخاطرة الأميركي.

بلغ إجمالي أصوله 209 مليارات دولار أميركي بحلول نهاية 2022، لكن قصة انهياره لم تستغرق سوى 48 ساعة فقط.

الأزمة بدأت مع رفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة لكبح جماح التضخم، ما أدى إلى ارتفاع تكاليف الاقتراض، واستنفاد زخم أسهم شركات التقنية التي كان بنك وادي السيليكون يستفيد منها.

في مارس الماضي، بدأت قصة الانهيار بإعلان البنك حاجته إلى جمع 2.25 مليار دولار لدعم ميزانيته العمومية، وهنا شعر المودعون بالخوف على أموالهم فقاموا بعمليات سحب ضخمة بقيمة 42 مليار دولار.

انخفض سعر سهم البنك بنسبة 70% خلال 48 ساعة فقط، وقررت الجهات المنظمة للخدمات المصرفية وقف تداول أسهمه، وحجز ودائع عملائه، ليتأكد العالم وقتها أنه أمام أكبر انهيار مصرفي منذ الأزمة المالية العالمية في 2008، وثاني أكبر انهيار في تاريخ أميركا.

فشلت عملية زيادة رأس المال، ومع زيادة الطلب على سحب الودائع كانت مسيرة البنك قد انتهت خلال 48 ساعة، بعدما كان رقم 16 من حيث الحجم في أميركا بأصول بلغت أكثر من 200 مليار دولار، وله تاريخ طويل من النجاحات ولديه فروع في الصين والدنمارك وألمانيا والهند وإسرائيل والسويد.

كما أن ودائعه تضاعفت أكثر من 4 مرات خلال 4 سنوات من 44 مليار دولار في 2017 إلى 189 مليار في نهاية 2021، وزادت قروضه التي يقدمها للشركات الناشئة من 23 مليار دولار إلى 66 مليار، ما يعني أن البنك كان رقما كبيرا في القطاع المصرفي الأميركي.

إلا أن كل ذلك لم يفلح في إنقاذه من ارتفاع أسعار الفائدة الأميركية، وكان انهياره في مارس 2023، ثاني أكبر انهيار في تاريخ أميركا.

5- جينيسيس

جينيسيس هى واحدة من أكبر منصات العملات المشفرة في العالم، وأنشئت في الأصل كمكتب لتداول عملة بيتكوين، ما أتاح لها تداول كميات كبيرة من العملات المشفرة.

بدأت أزمة إفلاسها في نوفمبر 2022 عندما لم يتمكن نحو 340 ألف مستخدم لعملة "إيرن" من الوصول إلى أموالهم، بعدما أوقفت المنصة عمليات السحب بسبب التقلبات في أسواق العملات المشفرة.

وفي يناير 2023، أعلنت المنصة أنها ستستغني عن 30٪ من موظفيها، كما تضررت من انهيار شركة تشفير أخرى هي "ثري أروز كابيتال" التي أفلست في يونيو 2022.

وقالت جينيسيس إنها مدينة بمبلغ 1.2 مليار دولار لشركة "ثري أروز"، والتي تم إسقاطها بسبب انهيار العملات المشفرة "لونا" و"تيرا يو أس دي" في مايو 2022.

وبالإضافة إلى ذلك، اتهمت لجنة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية، المنصة ببيع العملات المشفرة بشكل غير قانوني، وسط مزاعم بالاحتيال.

وعقب تطورات دراماتيكية سريعة، أعلنت المنصة في 20 يناير 2023، أنها تقدمت بطلب للحماية من الإفلاس. ووفقا للوثائق التي تقدمت بها فإن عدد دائنيها تجاوز 100 ألف، أما الالتزامات المالية فتصل إلى 11 مليار دولار.

ما السبب؟

في هذا السياق، يقول الرئيس التنفيذي لمركز كورون للدراسات الاستراتيجية، طارق الرفاعي، إن أسعار الفائدة الأميركية والأوروبية خلال العامين الماضيين كانت السبب الرئيسي في إفلاس هذه الشركات.

وأضاف الرفاعي، في تصريحات لـ "إرم الاقتصادية"، أن ارتفاع الفائدة أدى إلى زيادة التكاليف على الشركات واتجاه المستثمرين والمقرضين إلى سوق السندات الأميركية بدلا من إقراض الشركات الناشئة، خاصة في ظل اعتماد الكثير منها بشكل أساسي على الاستمرار في تمويل النمو عن طريق القروض الرخيصة، وهذا ما أدى إلى إفلاسها.

وتوقع الرفاعي أن ترتفع نسبة الإفلاس في الدول الأوروبية مقارنة بالولايات المتحدة، بسبب تباطؤ بعض القطاعات، وأبرزها القطاع الصناعي.

الأكثر قراءة

No stories found.
إرم الاقتصادية
www.erembusiness.com