يعكس إعلان «بوينغ» عن احتمال إشراك السعودية في إنتاج مكونات الطائرات المقاتلة من طراز F-15EX تنامي العلاقات الدفاعية بين المملكة والولايات المتحدة، في وقت تسعى فيه الرياض إلى توطين صناعاتها العسكرية، بينما توازن واشنطن بين التزاماتها الاستراتيجية ومصالحها الصناعية.
وجاء هذا الإعلان على لسان مسؤول في «بوينغ» خلال مقابلة مع التلفزيون الرسمي السعودي، ونقله تقرير لوكالة «رويترز» في 13 أيار/مايو. ووفقاً للتقرير، فإن الخطة المحتملة ستُدرج السعودية ضمن سلسلة التوريد العالمية الخاصة بالمقاتلة (F-15EX)، بما يتماشى مع «رؤية المملكة 2030» التي تهدف إلى توطين 50% من الإنفاق العسكري بحلول نهاية العقد.
وبحسب موقع AGBI، يأتي هذا التطور ضمن موجة أوسع من التعاون الاقتصادي الأميركي الخليجي أُعلن عنها خلال زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى الخليج هذا الشهر، والتي شهدت توقيع اتفاقيات بمئات المليارات من الدولارات في قطاعات حيوية تشمل الدفاع والطاقة والطيران والتكنولوجيا.
وشملت هذه الاتفاقيات كلاً من السعودية والإمارات وقطر، التي تعهدت باستثمارات ضخمة في الولايات المتحدة، مقابل تعزيز دور الشركات الأميركية في توطين الإنتاج داخل دول الخليج، من مراكز البيانات إلى أنظمة التسليح.
وترى دانا سترول، المسؤولة السابقة في وزارة الدفاع الأميركية لشؤون الشرق الأوسط والمديرة الحالية للبحوث في «معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى» (Washington Institute for Near East Policy)، أن الخطوة التي تدرسها «بوينغ» تنسجم مع تطلعات السعودية. وقالت: «بالنسبة لإدارة ترامب، ينظر إلى السعودية كشريك استراتيجي. نحن ملتزمون بها ونرغب أن نكون الشريك المفضل في قطاعي الدفاع والعسكري وكذلك المدني».
ولم تكشف «بوينغ» حتى الآن عن تفاصيل محددة تتعلق بمشاركة السعودية في برنامج (F-15EX) بحسب تقرير AGBI.
ووفقاً لسترول، في حال المضي في هذا المشروع، فمن المرجح أن يتم تصميمه وفق ترتيبات خاصة ومؤقتة، على غرار النموذج المشترك بين الولايات المتحدة وإسرائيل في إنتاج نظام القبة الحديدية للدفاع الصاروخي، رغم «الاختلافات الجوهرية بين الحالتين».
كما من شأن هذا التعاون المحتمل أن يضع إدارة ترامب أمام معضلة، إذ إن ترامب سبق أن تعهد بإعادة الوظائف الصناعية إلى الداخل الأميركي، وقالت سترول: «سيتعين على إدارة ترامب التفكير في مدى جدوى إعادة التصنيع من الناحية الاقتصادية، من المحتمل أن تظهر بعض التوترات، لكن في ظل غياب توافق حول نسبة الإنتاج والتوطين، يصعب الجزم بذلك».
وتُعد السعودية من أكبر مستوردي الأسلحة الأميركية، وقد وافقت خلال زيارة ترامب على صفقات إضافية بقيمة 142 مليار دولار. وباتت دول الخليج بشكل متزايد شريكاً في اتفاقيات التجارة والاستثمار الثنائية التي تسهم في تعزيز التنمية الاقتصادية المحلية ونقل المهارات، ليس فقط في المجال العسكري، بل في قطاعات التكنولوجيا المتقدمة والذكاء الاصطناعي أيضاً.
وفي هذا السياق، تقول دانيا ظافر، المديرة التنفيذية لـ«منتدى الخليج الدولي» (Gulf International Forum) في واشنطن: «نحن في مرحلة جديدة من الشراكة الاقتصادية». وأشارت إلى أن حجم التصنيع الفعلي لطائرات (F-15EX) الذي قد يتم في السعودية لا يزال غير واضح، لكن الاتفاقات الواسعة التي أُبرمت خلال زيارة ترامب تعود بفائدة «هائلة» على الاقتصاد الأميركي.