وتعهد الممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، نيابة عن الدول الأعضاء، بدعم مطالب الدول الأفريقية بتعزيز أهميتها ونسبة تمثيلها في المناقشات متعددة الأطراف، وفق ما نقلته وكالة الأنباء الألمانية.
وقال بوريل: "نناقش شؤون القارة كأولوية جيوسياسية؛ عزمُنا المطلق هو تعزيز الحوار والتعاون فيما بيننا".
وتابع بوريل خلال لقاء غير رسمي لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في بروكسل مطلع الأسبوع الماضي: "سندعم مساعي أفريقيا نحو مزيد من التمثيل في المحافل الدولية".
وأصبحت أفريقيا ساحة معركة دبلوماسية واقتصادية متجددة منذ أطلقت روسيا حربها ضد أوكرانيا، حيث تشهد العديد من دول القارة محاولات قوية من روسيا والصين والغرب للتودد إليها.
وقال بوريل: "يتعين علينا إعادة التفكير في النهج الذي نتبعه تجاه أفريقيا كي نقدم مزيدا من التعاون، وكي نفهم أن استقرار الدول الأفريقية جزء من أمننا".
وأضاف مسؤول السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، أن الأمر لا يتعلق فحسب بمنطقة الساحل، التي تمتد عبر أفريقيا كمنطقة انتقالية بين الصحراء الكبرى ودول الجنوب الأكثر رطوبة.
والأسبوع الماضي، قال وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس إن بلاده تنظر لمنطقة الساحل باعتبارها "منطقة ذات أولوية لإسبانيا"، وطالب بالحفاظ على "الوجود المهم للاتحاد الأوروبي" بها.
وأوضح ألباريس: "سأطالب بمواصلة الحفاظ على دعمنا للمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (الإيكواس)، فهي منظمة إقليمية لا يمكن الاستغناء عنها".
وشدد الوزير على أنه يتعين على الاتحاد الأوروبي أن يحافظ على المساعدات الإنسانية، وعلى دعم الديمقراطية في دول "بأهمية موريتانيا والسنغال، وهما شريكتان استراتيجيتان لأوروبا ولإسبانيا".
وقامت وزيرة التنمية الألمانية سفينيا شولتسه بجولة في غرب أفريقيا مؤخرا، وجاءت رحلتها بعد نحو أسبوع من انسحاب النظم العسكرية الحاكمة في بوركينا فاسو ومالي والنيجر من الإيكواس.
وتتكون منظمة الإيكواس من 15 دولة عضو، وهي بذلك من أكبر المجموعات الاقتصادية الإقليمية في أفريقيا. وعلقت المجموعة عضوية دول غرب أفريقيا الثلاث التي شهدت انقلابات.
وكانت شولتسه قالت قبيل انطلاق جولتها: "إن التجارة الحرة والسفر دون تأشيرات يجعل الحياة وممارسة الأعمال في غرب أفريقيا أسهل على نحو كبير."
وأعربت الوزيرة عن أسفها لقرار الدول الثلاث الانسحاب من الإيكواس، ولكنها أضافت: "يتعين احترام قرار الدول ذات السيادة، حتى لو ترتبت عليه أضرار اقتصادية كثيرة".
وأوضحت أن التكامل الاقتصادي محرك رئيسي للتنمية، وأن المانحين الدوليين مستعدون لمواصلة دعم غرب أفريقيا على هذا المسار.
وعلى نحو متزايد، اتجهت مالي وبوركينا فاسو والنيجر صوب روسيا، وسط التوترات مع الإيكواس.
ودعا وزير خارجية جمهورية التشيك يان ليبافسكي الاتحاد الأوروبي، خلال الاجتماع غير الرسمي في بروكسل، إلى النظر في نهج تناول التكتل للعلاقات مع دول أفريقيا.
وقال ليبافسكي: "واقع الأمر يتمثل في حدوث انقلابات عسكرية في العديد من بلدان أفريقيا خلال العامين الماضيين، واكتساب روسيا قوة في هذه البلدان، في حين تقضي أوروبا على ما لها من مكانة".
وتتولى إيطاليا رئاسة مجموعة الدول السبع الصناعية الكبرى لهذا العام، وقد تعهدت بأن تجعل مسألة التنمية في أفريقيا قضية رئيسية، من ناحية لتعزيز نفوذها في القارة، في الوقت الذي تسعى فيه قوى مثل الصين وروسيا والهند واليابان وتركيا، إلى توسيع نفوذها السياسي .
وخلال قمة إيطاليا وأفريقيا، التي شارك فيها العديد من زعماء القارة السمراء في روما نهاية الشهر الماضي، دعت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني إلى فتح "صفحة جديدة" في العلاقات مع أفريقيا، يتم التركيز فيها على مصادر الطاقة ووقف الهجرة غير الشرعية عبر البحر المتوسط.
وجاءت المحادثات بعد أشهر فقط من قمة عقدتها روسيا مع الزعماء الأفارقة، واتخذت دول أخرى، بينها الصين وفرنسا، مبادرات مماثلة.
وحضر ممثلو أكثر من 25 دولة في قمة إيطاليا وأفريقيا بمقر مجلس الشيوخ الإيطالي، والتي عقدت تحت شعار "جسر من أجل النمو المشترك"، كما شاركت فيها رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، وممثلو وكالات الأمم المتحدة والبنك الدولي.
وتسعى ميلوني إلى تحويل بلادها إلى بوابة للطاقة، واستغلال الطلب من قبل الدول الأوروبية الأخرى التي تسعى إلى خفض اعتمادها على الغاز القادم من روسيا، بسبب غزو موسكو لأوكرانيا.
وتسعى ما تسمى بـ "خطة ماتي" إلى أن تجعل من إيطاليا جسرا رئيسيا بين القارتين، حيث تتدفق مصادر الطاقة صوب الشمال، مع تبادل الاستثمارات في الجنوب مقابل صفقات تهدف إلى الحد من الهجرة غير الشرعية.
وتهدف "خطة ماتي" إلى معالجة ما يسمى بعوامل الدفع، وإقناع دول المنشأ بالتوقيع على اتفاقيات لإعادة قبول المهاجرين الذين لم يسمح لهم بالبقاء في إيطاليا.
ودعت وزيرة خارجية سلوفينيا تانيا فاجون إلى إقامة تعاون وثيق مع أفريقيا، إثر إعراب الدول الأفريقية عن ثقتها في سلوفينيا من خلال التصويت لصالح منحها مقعدا غير دائم في مجلس الأمن الدولي.
وقالت فاجون: "هذه قارة تواجه تحديات تتنوع بين الفقر وتغير المناخ والتوترات المتصاعدة، وبينها العنف... ولذلك علينا العمل مع القارة الأفريقية، فهي شريكنا الاستراتيجي."
ومن جانبها، قالت وزيرة الخارجية البلغارية ماريا جابرييل إن أفريقيا شريك استراتيجي لبلادها.
وأضافت جابرييل: "يجب أن نجري حوارا مع دول القارة. أؤيد فكرة إعطاء رؤية أكبر للمشاريع الأوروبية في أفريقيا"، مشيرة إلى الحاجة لمزيد من الجهود في هذا الإطار.
والتقت جابرييل نظيرها المصري سامح شكري الشهر الماضي، لمناقشة التعاون في مجالات الابتكار والطاقة المتجددة والهيدروجين والأمن الغذائي والنقل والسياحة.
وفي الوقت نفسه، تبنت رومانيا مؤخرا استراتيجيتها الوطنية الأولى بشأن أفريقيا، والتي تهدف إلى تعزيز العلاقات مع القارة، بما يشمل التركيز على مجالات التعليم ونقل الخبرات. ويأتي هذا التواصل في إطار الجهود الأوروبية المشتركة لإحياء العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وأفريقيا، بروح شراكة جديدة.