تغير المناخ يضرب المغرب.. ابتكارات زراعية لمواجهة الجفاف

خاص
خاص
تسبب تغير المناخ الذي يضرب مناطق واسعة من العالم في السنوات الأخيرة، في حدوث حالة من الشح المائي وموجة جفاف تهدد سبل العيش وتؤثر بشكل مباشر في الصحة العامة والاقتصاد والزراعة والبيئة والطاقة.

ويمثل تغير المناخ أحد أكثر الكوارث الطبيعية تدميرا من حيث الخسائر في الأرواح، وتتسبب تداعياته في تدمير المحاصيل على نطاق واسع، وحرائق الغابات، والإجهاد المائي، كما يلحق أضرارا بنحو مليون نسمة حول العالم كل عام، فضلا عن أنه يزيد من الإصابة بالأمراض والوفيات ويعزز الهجرة الجماعية.

مستوى جديد للبطالة

وفي المغرب، أدت موجة الجفاف غير المسبوقة التي تشهدها البلاد منذ سنوات، إلى ارتفاع نسبة البطالة إلى 13.5% خلال الربع الثالث من العام الجاري بعدما بلغت 11.4% خلال نفس الفترة من عام 2022.

وفي ظل أسوأ موجة جفاف يشهدها المغرب منذ عقود، قالت المندوبية السامية للتخطيط بالمملكة، إن هناك 297 ألف شخص فقدوا وظائفهم خلال عام، منهم 29 ألفا بالمناطق الحضرية و269 ألفا بالقرى.

الجفاف يضرب الزيتون

يعد المغرب أحد أكبر المنتجين والمصدرين للزيتون في العالم حيث تمثل زراعته ما نسبته 68% من المساحة المنزرعة بالأشجار المثمرة في البلاد، إلا أن إنتاج البلاد في العام الماضي انخفض بنسبة 44% عن إنتاج خريف 2021 وذلك بسبب موجة الجفاف التي تضرب البلاد على مدى موسمين متتاليين.

وقررت الحكومة المغربية اتخاذ عدة تدابير احترازية لدعم المناطق القروية ومساعدة العاملين في القطاع الفلاحي على مواجهة آثار الجفاف والحد من تأثيره على أنشطتهم الزراعية حيث خصصت برنامجا استثنائيا في هذا الإطار بقيمة 10 مليارات درهم مغربي (1.7 مليار دولار أميركي).

وتشهد المغرب في الموسم الزراعي الحالي تراجعا حادا في كمية الأمطار بنسبة 64%، وهو النقصان الأكثر حدة الذي تشهده المملكة منذ ثلاثة عقود.

البطيخ بقفص الاتهام

يعد البطيخ المحصول الأكثر استهلاكا لمياه الري في المملكة المغربية حيث يرى خبراء أن زراعته كانت أحد أبرز مسببات النقص الحاد في المياه خلال الثلاث سنوات الماضية مما أثر بشكل مباشر على احتياجات المحاصيل الأخرى من مياه الري، لذلك قررت المملكة فرض قيود على زراعته، حيث شرعت السلطات في تشديد الرقابة على عمليات حفر الآبار وردم الآبار السرية غير المرخص لها، والتي يستخدمها المزارعون لري أراضيهم المنزرعة بالبطيخ.

بذور مقاومة للجفاف

في إطار البحث عن حلول، يسعى المغرب لتطوير بذور زراعية جديدة مقاومة للجفاف لضمان الأمن الغذائي وذلك عبر باحثين وخبراء مغاربة بالتعاون مع نظرائهم الأجانب.

وبالفعل، نجحت جهود الباحثين حيث أعلنت الحكومة عن تسجيل أصناف جديدة من بذور القمح الصلب والشعير تقاوم الجفاف والحرارة المرتفعة وذلك بعد عمل الباحثين على مدار 10 سنوات متتالية.

خطة طموحة

ورغم موجة الجفاف الحادة التي تضرب البلاد إلا أن وزارة الفلاحة المغربية وضعت خطة استراتيجية تهدف إلى تحقيق اكتفاء غذائي بحلول عام 2030 على مستوى محاصيل الحبوب من خلال تعزيز البذور المقاومة للجفاف وتقديم أفضل الأصناف للمزارعين.

وتراجع إنتاج المغرب من الحبوب بنسبة 68% خلال عام 2022 بسبب الجفاف ليصل إلى 3.4 مليون طن منها 1.9 مليون طن من القمح.

الأماكن الأكثر تضررا

يقول رشيد سليمان الخبير الزراعي والموارد المائية المغربي، في تصريحات لـ "إرم الاقتصادية"، إنه ورغم أن الصورة تبدو قاتمة إلا أن تجارب الباحثين المغاربة تبعث على التفاؤل حيث من المتوقع أن يكون لها دور كبير مستقبلا في إنتاج ما يحتاجه المغرب من حبوب موضحا أن المناطق الجنوبية وأعالي الجبال هي أحد الأماكن تأثرا بموجة الجفاف المستمرة منذ ثلاث سنوات.

ولف سليمان إلى أنه مع توالي مواسم الأمطار الضعيفة، فإن الجفاف يصبح أحد التحديات التي تواجه الحكومة المغربية وهو ما سيكون له تأثير طويل الأجل على مناسيب المياه في الأنهار والأودية.

انخفاض النمو

وبسبب الجفاف فقد خفضت المملكة المغربية توقعات نموها الاقتصادي لتصبح 2.6% لعام 2023 الجاري بدلا من 3% وذلك بسبب انكماش القيمة المضافة الفلاحية بنسبة 15% عام 2022.

وعزا البنك الدولي تقلب النمو في المملكة إلى موجة الجفاف المستمرة حيث تسبب الجفاف وحده في نصف تباطؤ النمو الاقتصادي للبلاد العام الماضي الذي سجل 1.3%.

الأكثر قراءة

No stories found.
إرم الاقتصادية
www.erembusiness.com