بارونز
بارونزداو جونز

مهمة معقدة.. من سينقذ الفيدرالي الأميركي التضخم أم المصارف؟

تسببت الفوضى المالية التي شهدها القطاع المصرفي في الأيام الأخيرة، في اندلاع دعوات لمجلس الاحتياطي من أجل إيقاف أو حتى عكس وتيرة تشديد السياسة النقدية، وفي غضون ذلك أظهرت البيئة الاقتصادية لشهر فبراير أن سوق العمل لا يزال قويا وأن التضخم لا يزال منتشرا مما يؤكد حجم العمل الذي لا يزال يتعين على البنك المركزي القيام به.

ويتمثل التحدي الذي يواجه بنك الاحتياطي الفيدرالي، في الوصول إلى طريقة تمكنه من دعم البنوك وترويض التضخم في نفس الوقت، دون التسبب في ركود، في حين أن الاحتياطي الفيدرالي يمكنه نظريا اتباع نفس النهج، إلا أن الخطر يكمن في أن الاستمرار في رفع أسعار الفائدة سيزيد من إجهاد القطاع المالي الضعيف بالفعل.

وظيفة معقدة

وفي سياق متصل، قال كبير الاقتصاديين في موديز، مارك زاندي إن "وظيفة الاحتياطي الفيدرالي أصبحت أكثر تعقيدا بشكل ملحوظ".

ويريد بعض الاقتصاديين والبنوك الكبرى من الاحتياطي الفيدرالي إيقاف حملته لرفع أسعار الفائدة في اجتماع المجلس الاحتياطي الفيدرالي المقبل المقرر في 21 – 22 مارس،، وذلك بسبب التقلب الحالي في القطاع المصرفي، والذي يعود جزء كبير منه إلى الارتفاع السريع في أسعار الفائدة، ويتعين على البنك المركزي الحفاظ على أسعار الفائدة ثابتة للتأكد من أن برنامج القروض الطارئ الخاص به قد أدى إلى استقرار الصناعة في أعقاب فشل بنكين.

ويرى الخبراء الاقتصاديون الذين يفضلون التوقف المؤقت في رفع أسعار الفائدة، أن تداعيات انهيار بنك سيليكون فالي ستجعل البنوك أقل رغبة في الإقراض، وتشديد الشروط الائتمانية، مما سيؤدي إلى تباطؤ الاقتصاد دون الحاجة إلى مزيد من الزيادات في أسعار الفائدة.

نفس التأثير

وقدر الاقتصاديون في بنك غولدمان ساكس الأربعاء، أن التشديد النقدي المتزايد في معايير الإقراض، الذي يتوقعونه نتيجة ضغوط البنوك الصغيرة المستمرة، سيكون له نفس تأثير رفع الفائدة بما يقارب 25 إلى 50 نقطة أساس، أو 0.25 إلى 0.50 نقطة مئوية.

وعلى الرغم من ذلك، فإن الاضطراب المصرفي لا يحدث من فراغ، بل يحدث لأن التضخم لايزال أعلى بكثير من هدف بنك الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2 %، بل إنه يتسارع من خلال بعض الإجراءات.

وأظهرت بيانات مؤشر أسعار المستهلك لشهر فبراير يوم الثلاثاء ارتفاع أسعار المستهلكين الأساسية بنسبة 0.5 % خلال الشهر، في حين أظهرت بيانات مبيعات التجزئة الصادرة يوم الأربعاء القوة الكامنة في مبيعات التحكم الأساسية والتي ارتفعت بنسبة 0.5%.

وفي نفس الوقت يقول اقتصاديون آخرون إن هذا يعني أن البنك المركزي لا يمكنه التخلي عن معركته ضد التضخم لمعالجة قضية الاستقرار المالي بين البنوك الإقليمية، ويقولون إن الاحتياطي الفيدرالي يحتاج إلى رفع أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة في اجتماعه المقبل، على الرغم من تقلبات الأسبوع الماضي.

ويقول الخبير الاقتصادي توماس سيمونز، إن "الشيء الذي لا يزال صحيحا أن التضخم لايزال متجذرا إلى حد كبير في فئات قطاع الخدمات، وفي حال توقف الاحتياطي الفيدرالي فهناك قلق من عودة التضخم للارتفاع ومرة أخرى".

انقسام وول ستريت

وللمرة الأولى تكون الرؤية غير واضحة فيما سيقوم به الاحتياطي الفيدرالي في النهاية، وينقسم المستثمرون في وول ستريت فيما يتعلق بقرار الفيدرالي حيث تظهر بيانات أداة CME FedWatch احتمالات متساوية بين التوقف المؤقت مقابل الرفع ربع نقطة.

ويقول الاقتصاديون الذين يفضلون رفع أسعار الفائدة، إن التوقع الآن قد يتعارض مع تعهد رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول بأن البنك المركزي لن يتخلى عن معركته من أجل استقرار الأسعار، حتى يعود التضخم إلى هدف 2%.

وفي حال تم تفسير التوقف المؤقت على أنه إشارة بأن الاحتياطي الفيدرالي قد انتهى من رفع أسعار الفائدة، فقد يساهم ذلك في رؤية أن نمو الأسعار المتفشي موجود ليبقى، وهذا بدوره يمكن أن يتسبب في حدوث تحول في سلوك المستهلك يجعل من الصعب في النهاية إبطاء التضخم إلى 2%.

وقال الخبير الاقتصادي في سيتي غروب، أندرو هولينهورست، إنه "في حال لم يتم رفع أسعار الفائدة في الاجتماع المقبل، في الأسواق ستسأل هل هذه نهاية رفع أسعار الفائدة؟ مما يؤدي إلى تلاشي الثقة في عودة التضخم إلى 2%".

الركود بات أقرب

وأصيب التجار بالفزع من الاضطرابات الأخيرة، وهوت أسواق الأسهم يوم الأربعاء قبل تقليص معظم خسائرها. ولكن الاقتصاديين يقولون إن انهيار بنك سيليكون فالي لم يغير وجهات نظرهم بشأن الاقتصاد بشكل كبير. في حين أن بعض الاقتصاديين الذين تحدثوا مع بارونز، قالوا إن المخاطر أصبحت الآن أكثر ترجيحا للجانب السلبي، وإن الركود يمكن أن يأتي في وقت أقرب قليلا مما كان متوقعا في السابق، ولم يقم أي منهم بإجراء تغييرات كبيرة على توقعات النمو أو كان يتوقع انهيارا وشيكا.

وبدلا من ذلك، نظروا في الغالب إلى الاضطرابات في القطاع المصرفي- على الأقل في الوقت الحالي- على أنها ضعف معزول أكثر من كونها رمزا لكارثة اقتصادية واسعة النطاق.

وكتب مارك زاندي من موديز هذا الأسبوع: "على الرغم من عدم اليقين الشديد نظرا لمدى سرعة تطور الأحداث، فإن تأثير إخفاقات البنوك على التوقعات الاقتصادية يجب أن يكون على الهامش".

وأضاف: "سيصارع الاقتصاد هذا العام والعام المقبل، وسيظل عرضة لأحداث مثل تلك التي حدثت في الأيام العديدة الماضية، ولكن من المحتمل ألا تكون هذه الأزمة المصرفية هي التي ستدفع الاقتصاد إلى الركود".

Related Stories

No stories found.
إرم الاقتصادية
www.erembusiness.com