خاص
خاص

هل تُؤدي مستويات الدين المرتفعة لأزمة اقتصادية عالمية؟

يواجه الاقتصاد العالمي خطرًا متناميًا مع تسارع وتيرة تراكم الديون، إذ سجل الدين العام العالمي نموًا هائلًا، ووصلت إعادة التمويل السنوي إلى 60 مليار دولار، أي ما يعادل ثلاثة أضعاف ما كانت عليه قبل عقد من الزمن.

وأطلق صندوق النقد الدولي صرخة تحذير من مخاطر هذا التزايد المُقلق، خاصة مع تراكم الديون على عاتق الدول منخفضة الدخل، المطالبة بسداد جزء كبير من ديونها خلال العامين المقبلين.

ووفقًا لتقرير الصندوق، ستحتاج هذه البلدان إلى إعادة تمويل نحو 60 مليار دولار من ديونها الخارجية كل عام، أي ما يعادل ثلاثة أضعاف متوسط العقد المنتهي عام 2020.

وحذّر خبراء اقتصاديون أن "ارتفاع معدلات الدين العالمي العام يُشكّل خطرًا داهمًا على اقتصادات العالم، خاصة على اقتصاد الدول النامية والأسواق الناشئة". 

وأكد الخبراء لـ"إرم بزنس"، أن "هذه الدول تواجه تحديات صعبة في ظل عدم قدرة الحكومات على الاستجابة لصدمات الانهيار المالية والتضخم، ما يُعيق قدرتها على اقتراض أموال إضافية لتمويل احتياجاتها الأساسية وقضاء التزاماتها الدورية".

الدين العام يهدد اقتصادات الدول النامية

كشف البنك الدولي عن بلوغ الدين العام العالمي مستويات قياسية عام 2022، إذ وصل إلى 238% من إجمالي الناتج المحلي العالمي، بقيمة 235 تريليون دولار.

وحذّر الخبير الاقتصادي، الدكتور مدحت نافع، بأن "هذا الارتفاع الكبير في الدين العام يُشكّل قيودًا خطيرة على إقتصادات الدول النامية".

وأوضح لـ"إرم بزنس" أن "عبء الدّين العام يُسبب ضغوطًا تمويلية هائلة على الدول النامية، بسبب ارتفاع مدفوعات الفائدة، إضافةً إلى ضرورة السداد في الأوقات المُحددة".

وأشار نافع أن "هذه الضغوط تُؤدي إلى الحد من الإنفاق على الخدمات الأساسية، كالتعليم والصحة، وتُعيق حركة الاستثمارات والتنمية الإقتصادية في هذه الدول".

ودعا الخبير الاقتصادي البلدان النامية ذات مخاطر الدين المرتفع، إلى عدم الانتظار وسرعة تنفيذ إصلاحات اقتصادية لدعم اقتصاداتها المحلية، وجذب الاستثمارات الأجنبية.

وأشار أن "العديد من الدول اتخذت هذه الخطوة، بما في ذلك مصر، والتي نجحت في تخفيض معدلات ديونها بشكل كبير، وتحسين مقاييس الدين الأساسي من خلال تنفيذ سياسة إصلاحية شاملة".

عبء الدين العام يُسبب ضغوطًا تمويلية هائلة على الدول النامية
مدحت نافع - خبير اقتصادي
الولايات المتحدة واليابان في المقدمة

وكشف تقرير حديث صادر عن معهد التمويل الدولي عن إرتفاع الدين العام العالمي إلى 306 تريليونات دولار في عام 2023، بزيادة كبيرة مقارنة بعام 2022.

وأوضح الخبير الاقتصادي، مصطفى بدرة، أن "هذه الزيادة غير المسبوقة تعود إلى التوترات السياسية والإقتصادية التي تشهدها كبرى إقتصادات العالم".

وأضاف لـ"إرم بزنس" أن "الولايات المتحدة واليابان  تقودان إرتفاع الدين العالمي، إذ زاد الدين العام فيهما  10 تريليونات دولار في النصف الأول من عام 2023، و100 تريليون دولار خلال السنوات العشر الماضية".

وتُعد هذه الزيادة الملفتة في الدين العام مصدر قلق كبير للخبراء الإقتصاديين، لأنهم يؤكدون أنها ستؤدي إلى مخاطر إقتصادية كبرى، مثل إرتفاع أسعار الفائدة والتضخم.

وقد يدفع إرتفاع مستويات الدين الشركات والدول والأفراد خلال العام الحالي إلى الحد من الإنفاق والإستثمار، ما سيؤثر سلبًا على النمو الإقتصادي العالمي، بحسب مصطفى بدرة.

وأوضح الخبير أن "إرتفاع الدين العام، خاصة في البلدان ذات الديون المرتفعة  كأفريقيا وآسيا، يُفاقم من الأزمة الإقتصادية العالمية التي نمر بها حاليا ، والتي تتزامن مع إرتفاع غير مسبوق في معدلات التضخم وإضطرابات في سلاسل الإمداد".

ويتركز 80% من تراكم الديون العالمية في أربع دول متقدمة، هي الولايات المتحدة واليابان وبريطانيا وفرنسا، وتتصدر الصين والهند والبرازيل قائمة الدول الناشئة التي تشهد إرتفاعًا سريعًا في الديون.

ونتيجة لذلك، دعا الخبير الاقتصادي إلى وضع سياسات إصلاحية لحماية الأسواق الناشئة من قرارات البنوك المركزية بزيادة أسعار الفائدة، مشيرًا إلى أن "هذه القرارات قد تُؤدي إلى تباطؤ الإنتاج المحلي وزيادة الأسعار، ما سينعكس بدوره على زيادة معدلات الدين العام".

تهديد للنمو الإقتصادي

حذّر الخبير المصرفي، محمد سلامة، من المخاطر المتزايدة للدين العالمي، مشيرًا إلى أن "الإنفاق الحكومي المفرط في الإقتصادات المتقدمة، يُعد السبب الرئيس في إرتفاع الدين".

وبحسب سلامة، وصل إجمالي الدين الحكومي في الإقتصادات المتقدمة إلى 58 تريليون دولار في عام 2023، بزيادة قدرها 60% عن العام السابق، وهو ما يُعادل 114% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.

وأضاف الخبير لـ"إرم بزنس" أن "هذه الزيادة الهائلة في الدين الحكومي تُشكّل عبئًا ثقيلًا على الإقتصادات، إذ تُحول الموارد بعيدًا عن الإستثمار، ما يُعيق النمو على المدى الطويل".

ويتوقع الخبير المصرفي إستمرار إرتفاع الدين العالمي العام خلال السنوات المقبلة، مدفوعًا بالسياسات النقدية الأكثر تشددًا بالبنوك المركزية على مستوى العالم برفع أسعار الفائدة.

وأوضح الخبير أن "هذه السياسات قد تُهدد الإنتاج المحلي ونموه على المدى الطويل، وقد تُؤدي إلى سحب رؤوس الأموال بعيدًا عن الأسواق الناشئة، ما يُعرضها لمخاطر كبرى وضائقة مالية تُصعِب إعادة التمويل".

واتفق الخبراء على أن "مستويات الديون العالمية المتزايدة تُنذر بمخاطر جسيمة على الاقتصاد العالمي، إذ تُحوّل الأموال من الاستثمارات الإنتاجية، وتُقيّد القطاع الخاص، وتُضعف الأسواق الناشئة".

Related Stories

No stories found.
إرم الاقتصادية
www.erembusiness.com