تزايد مخاوف ارتفاع كلفة الشحن البحري بسبب الحروب

خاص
خاص
عزز حادث احتجاز سفينة تجارية في البحر الأحمر، ضمن تداعيات الحرب بقطاع غزة، احتمالات ارتفاع كلفة التأمين على الشحن البحري، الذي يستحوذ على نحو 80% من التجارة العالمية، حال استمرت تكلفة المخاطر في تلك المنطقة الحيوية في "دائرة التهديد".

وتهدد تلك المخاطر، بفرض تكاليف إضافية على الشحن البحري شرقا، بحيث ترتفع كلفة التأمين التي امتدت لعدة أشهر، ولكن هذه الزيادة لا تقارن بالزيادة الكبيرة غربا في ظل استمرار الحرب الروسية الأوكرانية، منذ فبراير 2022، بحسب خبيرين في اقتصاديات النقل البحري ودراسات الجدوى، تحدثا لـ"إرم الاقتصادية".

ويترتب على تصاعد كلفة التأمين على الشحن البحري، زيادة في أسعار الشحن، تلقي بظلالها على أسعار البضائع المنقولة، بما يرفع أسعار القمح والحبوب في الأسواق العالمية، المرتفعة أصلا بسبب اضطراب سلاسل الإمداد إثر حرب أوكرانيا.

أعوام المخاطر

وفي الأعوام الماضية، ارتفعت أسعار التأمين البحري جراء عوامل عدة، منها إغلاق عالمي بسبب وباء كورونا، كان مركزه الصين أكبر البلدان المصدرة عالميا، وإضرابات عمالية في العديد من الموانئ، ومناخ متطرف ضرب عدة دول، واضطراب سلاسل التوريد لاسيما مع حرب أوكرانيا وروسيا، وهما من أهم البلدان المصدرة للحبوب، وأخيرا تعرض ناقلات لهجمات بالبحر الأحمر كان أحدثها قبل أيام.

وعقب احتجاز الحوثيين في اليمن لسفينة إسرائيلية في البحر الأحمر، حذرت "بلومبرغ" من احتمالية ارتفاع أسعار التأمين البحري، وتجنب شركات الشحن المرور بتلك المنطقة الاستراتيجية للتجارة العالمية.

كما تحدثت صحيفة "إسرائيل هيوم" الإسرائيلية عن مخاوف من "تسبب الحادث في ارتفاع أسعار النقل البحري إلى إسرائيل، بسبب ارتفاع تكلفة التأمين، وإلغاء المسارات إليها، ما قد يؤدي إلى زيادة أسعار المنتجات المستوردة عن طريق البحر، مثل استيراد السيارات والماشية".

ونقلت الصحيفة عن نير غولدشتاين، الرئيس التنفيذي لمعهد الأبحاث الإسرائيلي GFI، قوله: "منذ بداية القتال، رأينا تخوفاً من شركات الشحن من الرسو في إسرائيل، وارتفاع أسعار التأمين والنقل البحري إليها في ظل تهديد موانئها واستيراد أكثر من 70% من الغذاء عبر البحر".

صدمات مليارية

تداعيات تكلفة المخاطر بمناطق الحروب والصراعات أدت وفق تقرير صادر عن الأونكتاد في 2022، إلى تراجع التجارة البحرية الدولية بنسبة 3.8% في 2020 وانتعاشها في 2021 بنسبة 3.2% بإجمالي شحنات بلغت 11 مليار طن، في مستوى أقل مما كان قبل الجائحة.

وتوقع التقرير أن تتوسع التجارية البحرية الدولية في الفترة 2023 - 2027 بمعدل سنوي قدره 2.1% وهو معدل أبطأ من متوسط العقود الثلاثة السابقة البالغ 3.3 %، وذلك "ليس فقط نتيجة عمليات إغلاق كورونا ولكن للظروف المعاكسة القوية للاقتصاد الكلي مع تباطؤ الاقتصاد الصيني وتراجع إنفاق المستهلكين، في مواجهة ارتفاع التضخم وتكاليف المعيشة".

وترتبط كلفة التأمين البحري، بالمخاطر، في صناعة تضخ مليارات الدولارات سنويا، فوفق المنظمة البحرية الدولية، يدر تشغيل السفن التجارية في قطاع النقل البحري الذي يوظف أكثر من 1.2 مليون بحار، دخلا سنويا يقدر بنحو حوالي 380 مليار دولار أميركي للاقتصاد العالمي أو حوالي 5% من مجموع التجارة العالمية.

ووفق بيانات الاتحاد الدولي للتأمين البحري IUMI، في ديسمبر 2022، سجل إجمالي أقساط التأمين البحري العالمي 35.8 مليار دولار أميركي في 2022، و33 مليارا في 2021، و31 مليارا في 2020، بزيادات 8.3% و6.4% على التوالي.

مستقبل قلق

يقول أحمد الشامي، خبير اقتصاديات النقل البحري ودراسات الجدوى، لـ"إرم الاقتصادية"، إن تكلفة المخاطر العارضة أو الثابتة تعد أحد عناصر دراسات الجدوى للاستثمار في قطاع النقل البحري، وتتأثر معها أسعار التأمين حسب الأحداث وفترة استمرارها".

ولفت الشامي إلى أن كورونا والحرب الروسية أثرت بقوة على أسعار التأمين ونوالين الشحن ارتفاعا، أما أثر حادث الاحتجاز الأخير قد يؤثر على أسعار التأمين في حال امتد لشهور تزيد عن ثلاثة وخلاف ذلك "فهو تأثير مؤقت جدا ولا يشكل أعباء".

وأوضح أن هناك تغطية تأمينية للسفينة ونوادي الحماية لها دور في تحمل تلك المخاطر ويعاد توزيعها على الأسطول البحري العالمي المؤمن عليه في الوثائق ذات الصلة.

وأكد خبير اقتصاديات النقل البحري، أن الآثار على أسطول النقل العالمي، ليست بالضخامة التي يتحدث عنها البعض، من أن التأمين سيرتفع إلى 30 أو 40%، مستدركا: "هذا الكلام ينطبق لو تحولت المنطقة لحرب".

وأوضح أنه في ظل استمرار الحرب الروسية الأوكرانية، فإن المخاطر مرتفعة، وزادت تكلفة التأمين بعدها ما بين 15% إلى 20%، وبالتالي ارتفعت أسعار الشحن، وأثر ذلك على البضائع المنقولة، وهذا من أسباب ارتفاع الحبوب التي تنقل في تلك المسارات.

وأضاف الشامي أنه مع استمرار تلك الحرب سيبقى التأمين مرتفعا في هذا المسار، بالإضافة إلى الارتباك في سلاسل الإمداد والتموين، لافتا إلى أن أسعار التأمين الشحن البحري، مرتبطة بالمخاطر المستمرة وليست العارضة، وهذا أمر معروف لملاك السفن ونوادي الحماية، ولا تتوقف المخاطر على الحرب فقط، بل تشمل العوامل الجوية وإضرابات العنصر البشري والأوبئة وغيرها.

وأوضح خبير اقتصاديات النقل البحري أنه لو ناقلة جديدة قيمتها على سبيل المثال 100 مليون دولار يكون تأمينها 1% فقط وفي حال كانت قديمة يصل إلى 4.5%، ويكون التأمين حسب عمر السفينة ومناطق الإبحار خاصة تلك التي تشهد تقلبات جوية عنيفة أو حسب نوع البضائع المنقولة، فالبترول ليس الخضراوات مثلا.

وأشار إلى أن "مستقبل الشحن البحري في ظل المخاطر غير المستقرة في ظل ارتباك وتضخم عالمي"، لافتا إلى أن أسعار النوالين زادت أثناء كورونا أكثر من 500% في بعض المسارات دون أن يكون هناك حرب.

وأكد الشامي أن التضخم العالمي يفرض على الشحن البحري وعناصره، أعباء عديدة، وبالتالي ستشهد أسعاره "تراجعا في الفترة المقبلة".

مستقبل الشحن البحري في ظل المخاطر غير المستقرة في ظل ارتباك وتضخم عالمي
أحمد الشامي - خبير اقتصاديات النقل البحري ودراسات الجدوى
عملية مؤقتة

وفي ذات السياق قال الخبير في النقل البحري، وائل قدور، عضو مجلس إدارة قناة السويس السابق، لـ"إرم الاقتصادية"، إن الشحن البحري وأسعار تأمينه سيستمران بالتأثر صعودا وهبوطا بأي مخاطر، شأنهما شأن أي قطاعات تتضرر جراء أزمات أخرى.

وأشار إلى أن البحر الأسود يشهد مخاطر حرب روسيا وأوكرانيا، وبالتالي تزداد قيمة التأمين مقابل تكلفة المخاطر المستمرة، بينما حادث الاحتجاز "عملية مؤقتة لن ترفع أسعار التأمين إلا لو امتدت أيامه وزادت أطرافه".

ورغم تلك المخاطر وتنوعها، يستبعد قدور أن يؤثر ذلك على مستقبل النقل البحري: "سيبقى نعتمد عليه خاصة وهو ينقل 80% من التجارة العالمية".

لشحن البحري وأسعار تأمينه سيستمران بالتأثر صعودا وهبوطا بأي مخاطر
وائل قدور - خبير في النقل البحري

الأكثر قراءة

No stories found.
إرم الاقتصادية
www.erembusiness.com