تعد الزيادة الملحوظة في عدد كبار السن في الصين محرّكاً رئيساً لنمو ما يعرف بـ«الاقتصاد الفضي»، حيث تتكيف الشركات مع الانخفاض في معدلات المواليد من خلال توجيه تركيزها نحو تلبية احتياجات هذه الفئة العمرية.
تظهر هذه التغيرات كيف تتكيف الاقتصاديات مع التحولات الديموغرافية الأوسع، والتي تشمل انخفاض عدد الأطفال، وارتفاع نسبة الأفراد الذين تجاوزوا سن الستين، كما ورد في تقرير لصحيفة «نيويورك تايمز».
يشير مصطلح «الاقتصاد الفضي» إلى الأنشطة الاقتصادية التي تستهدف احتياجات كبار السن، ويعكس التغيرات الديموغرافية الناتجة عن زيادة عدد الأشخاص في سن الشيخوخة. يتضمن هذا الاقتصاد مجموعة متنوعة من القطاعات، مثل: الرعاية الصحية، والسكن، والترفيه، والتكنولوجيا، حيث تركز الشركات على تطوير منتجات وخدمات تلبي احتياجات هذه الفئة العمرية.
وعلى الرغم من الجهود المبذولة لمواجهة تراجع السكان من خلال سياسات، مثل إلغاء سياسة الطفل الواحد، وتقديم حوافز للأسر الكبيرة، أدت الصعوبات الاقتصادية، وارتفاع تكاليف المعيشة، إلى إعادة تفكير العديد من الشباب في قرارهم بشأن إنجاب المزيد من الأطفال. ونتيجة لذلك، أصبحت الشركات تركز بشكل متزايد على المستهلكين الأكبر سناً، مستفيدةً من نمو «الاقتصاد الفضي» مع استمرار انخفاض معدل المواليد.
وفي إطار انعكاس هذا النمو، قامت بعض المؤسسات التي كانت تدير رياض الأطفال والمدارس بتحويل جهودها نحو إنشاء مراكز تعليمية مخصصة للكبار. وقد شمل ذلك تقديم دروس في الغناء والرقص والفنون للبالغين، وذلك بسبب انخفاض أعداد الطلبة نتيجة لتراجع معدل المواليد.
ويمتد تأثير انخفاض معدل المواليد في الصين إلى قطاعات متنوعة، بما في ذلك الألبان والتكنولوجيا. فوفقًا للتقرير، تحولت الشركات التي كانت تركز على حليب الأطفال لتطوير منتجات لكبار السن، مثلما فعلت شركة «شينجيانغ تيانرون» للألبان التي اشترت منافساً أصغر لتوسيع نطاق منتجاتها من الحليب البودرة للبالغين.
بالمثل، قدمت شركة «نستله» والشركات الصينية المحلية مثل مجموعة «ييلي»، منتجات حليب متخصصة تهدف إلى معالجة المخاوف الصحية الشائعة بين كبار السن، بما في ذلك ضمور العضلات، ومشاكل النوم، والهضم.
وتتكيف الشركات التكنولوجية أيضاً مع السوق المتنامية لكبار السن، حيث حولت شركة «360 تكنولوجيا للأمن»، التي كانت تطور في البداية ساعات ذكية للأطفال، تركيزها، الآن، لتصميم أجهزة متخصصة لكبار السن، تتميز بقدرات مراقبة صحية مثل قياس ضغط الدم، ونبض القلب، وتوفر تتبع الموقع، ووظائف الاتصال الطارئ للأقارب.
كما أبرز التقرير الآثار الاقتصادية لتغيرات التركيبة السكانية في الصين. ونتيجة لانخفاض عدد الأطفال في سن ما قبل المدرسة بشكل كبير، تم إغلاق أكثر من 20,000 روضة أطفال بين عامي 2022 و2023، وفقًا لبيانات وزارة التعليم الصينية. بالمقابل، شهد قطاع رعاية كبار السن نمواً سريعاً، حيث تضاعف عدد مرافق رعاية كبار السن منذ العام 2018.
وأدركت الحكومة الصينية الحاجة إلى معالجة مشكلة شيخوخة السكان، حيث وافقت، مؤخراً، على خطة لرفع سن التقاعد القانوني لأول مرة منذ خمسينيات القرن الماضي. وتأتي هذه الخطوة كجزء من إستراتيجية أوسع لتخفيف التحديات الاقتصادية المرتبطة بمجتمع الشيخوخة، بما في ذلك الانخفاض المحتمل في القوى العاملة، وزيادة الضغط على نظم الرعاية الصحية، والمعاشات التقاعدية.