تقارير
تقاريرالدرهم المغربي- رويترز

المغرب ووصفة الصندوق.. التعويم يلوح في الأفق

هل يستسلم البنك المركزي لإلحاح صندوق النقد؟
يبدو أن بيانات التضخم الأخيرة التي حققتها المملكة المغربية تزامنًا وتحسن المؤشرات الاقتصادية للبلاد، تأتي تباعًا لتدعم مطالبات صندوق النقد الدولي الذي يرى أن المغرب الذي اقترض منه ما يزيد على 6 مليارات دولار، بات مستعدًا لمرحلة جديدة من التعويم وسياسة أسعار الصرف.

ووفقًا لبيانات المندوبية السامية للتخطيط، وهي الجهة المعنية بالإحصاء في المغرب، استمر تباطؤ مؤشر أسعار المستهلكين في المغرب ليصل التضخم إلى أدنى مستوياته فيما يقرب من ثلاثة أعوام، لتستيقظ مطالبات صندوق النقد الدولي باستكمال عملية تحرير سعر صرف الدرهم.

مع انخفاض التضخم، نعتقد أنها فترة جيدة للبنك المركزي ليعود إلى مشروعه الذي تم إطلاقه قبل سنوات، بالانتقال إلى نظام نقدي مختلف
رئيس بعثة صندوق النقد إلى المغرب
معركة التضخم

وفي عام 2022 سجلت معدلات التضخم 6.6%، وانخفضت إلى 6.1% العام الماضي، وهي أدنى مستويات التضخم منذ تسعينات القرن الماضي.

وأوضحت الهيئة المعنية بالإحصاء في المغرب "المندوبية السامية" أن ارتفاع التضخم في يناير نتج عن تزايد أسعار المواد الغذائية بـ 4.2% وأسعار المواد غير الغذائية بـ0.8%، وتظهر البيانات أن وتيرة ارتفاع الأسعار أضحت أكثر تباطؤًا منذ أن بدأ التضخم في اتخاذ مسار التباطؤ في فبراير من العام الماضي.

اقرأ أيضًا- الصين تتوسع بسوق السيارات الكهربائية الخليجي عبر الإمارات
إجراءات حاسمة

في غضون ذلك واجه بنك المغرب المركزي ارتفاع التضخم بسياسة نقدية تشديدية برفع سعر الفائدة الرئيس إلى 3% حالياً وهو الأعلى منذ 2014، جنبًا إلى جنب اتجهت الحكومة إلى زيادة مخصصات صندوق المقاصة الذي يدعم السكر والدقيق وغاز البوتان، إضافة إلى إبقاء أسعار الكهرباء دون تغيير مع إقرار دعم استثنائي لقطاع النقل.

ويتوقع بنك المغرب المركزي تراجع التضخم إلى 2.4% هذا العام مع انخفاض أسعار السلع المستوردة وزيادة الاستقرار في أسواق المواد الغذائية.

هناك مجال أكبر لتعويم سعر الصرف ليقوم باستيعاب الصدمات في الاقتصاد الحقيقي
رئيس بعثة صندوق النقد إلى المغرب
قروض الصندوق

ومن المتوقع أن يتلقى المغرب أولى دفعات قرض بقيمة 1.3 مليار دولار لمواجهة تداعيات التغيرات المناخية، في شهر مارس المقبل بعدما تمت المصادقة عليه من قبل إدارة الصندوق في سبتمبر الماضي.

ووفقًا لصندوق النقد سيساعد القرض الجديد المغرب على معالجة الهشاشة المناخية، وتعزيز مرونته في مواجهة تغير المناخ، واغتنام فرص إزالة الكربون، والاستعداد لمواجهة الكوارث الطبيعية.

ويتزامن القرض الذي يمتد لـ18 شهراً مع اتفاق خاص بخط الائتمان المرن الذي تمت الموافقة عليه في أبريل من العام الماضي بقيمة 5 مليارات دولار لمدة عامين، يُمكن للمغرب استخدامه متى واجه صدمة تؤثر على الاقتصاد.

اقرأ أيضًا- الأسواق تهدأ مؤقتاً.. هل هناك ما يدعو للقلق؟
التغير مقابل الأموال

وأمس الأربعاء، قال روبرتو كارداريلي، رئيس بعثة صندوق النقد إلى المغرب: "إنه ومع انخفاض التضخم، نعتقد أنها فترة جيدة للبنك المركزي ليعود إلى مشروعه الذي تم إطلاقه قبل سنوات، بالانتقال إلى نظام نقدي مختلف".

وأضاف كارداريلي: "هناك مجال أكبر لتعويم سعر الصرف ليقوم باستيعاب الصدمات في الاقتصاد الحقيقي واستهداف التضخم بشكل جيد خاصة مع التراجع المستمر في أسعار المستهلك".

ولفت رئيس بعثة صندوق النقد الدولي بالمغرب إلى أن الظرفية الحالية ملائمة لعودة بنك المغرب إلى مشاريع مثل التحرير التدريجي لسعر صرف الدرهم، وقال كارداريلي: "تعويم الدرهم عملية معقدة، تستدعي عملا تقنيا كبيرا بشراكة مع البنك المركزي، تحديدا فيما يخص إعداد المقاولات الصغيرة والمتوسطة والصغيرة جدا للتعامل مع التغيرات الجديدة في سعر الصرف".

لا نطلب من البنك المركزي تحرير سعر صرف الدرهم، وإنما نطرح رأياً بخصوص برنامج انتقالي
رئيس بعثة صندوق النقد إلى المغرب
لا نفرض شروطًا

وأكد كارداريلي أن إدارة الصندوق لا تفرض شروطا أو معايير على البنك المركزي في المغرب بشأن تحرير أسعار الصرف، وقال كارداريلي: "لا نطلب من البنك المركزي تحرير سعر صرف الدرهم، وإنما نطرح رأياً بخصوص برنامج انتقالي انخرط فيه البنك منذ سنوات، والظروف الآن أصبحت مواتية لاستكماله خاصة مع توقعات تراجع التضخم إلى 2 % خلال الفترة المقبلة".

وأضاف كارداريلي: "انخفض عجز الحساب الجاري، جنبًا إلى جنب وتوقعات بتسارع النمو الاقتصادي في البلاد إلى 3.5% على المدى المتوسط، الوقت مناسب الآن لتحرير سعر الصرف"، وأكد أن الاحتياطات الرسمية للبلاد في مستوى جيد، إضافة إلى أن الوضع المالي الخارجي أصبح أفضل.

اقرأ أيضًا- النفط يتجاوز ارتفاع المخزونات بفضل التوترات
تريث المركزي

وسابقًا أكد عبد اللطيف الجواهري والي بنك المغرب المركزي أن صندوق النقد الدولي يلح على المضي قدماً في تحرير سعر صرف الدرهم خلال السنوات الماضية، وقال الجواهري: "كان لابد لنا أن نتريث في سبيل تهيئة البيئة الاقتصادية والاجتماعية لمواكبة هذه الخطوة المهمة".

وكان بنك المغرب بدأ في مسلسل تحرير سعر صرف الدرهم منذ 2016، بمعدل بدأ بنسبة 0.3% ثم ارتفع إلى 0.5% صعودا ونزولا، وفي عام 2018، اعتمد نطاق تقلب بنسبة 2.5% صعوداً وهبوطاً، بدلًا من المستويات السابقة عند 0.5% .

ومع بداية عام 2020، قرر البنك المركز ي المغربي توسيع هذا النطاق إلى حدود 5%، ارتباطاً بسلّة عملات تضم اليورو الذي يصل وزنه فيها إلى 60% والدولار بنسبة 40%.

انخفض عجز الحساب الجاري، وهناك توقعات بتسارع النمو إلى 3.5% على المدى المتوسط.. الوقت مناسب الآن لتحرير سعر الصرف
رئيس بعثة صندوق النقد إلى المغرب
التضخم يتباطأ

وعن بيانات التضخم التي صدرت اليوم الخميس، فقد واصلت وتيرة ارتفاع التضخم في المغرب تباطؤها، حيث بلغ في شهر يناير 2.3%، بعدما وصل إلى 6.1% في ديسمبر من العام الماضي.

وعزت المندوبية السامية مستوى التضخم في الشهر الأول من العام الجاري، تراجع التضخم إلى انخفاض أسعار بعض الخضر، وتوقف الارتفاعات القوية التي عرفها البنزين والغازوالين في السابق.

وتفيد المندوبية في مذكرتها الشهرية أن الرقم الاستدلالي لأسعار المستهلك خلال شهر يناير الماضي، وسجل انخفاضا بنسبة 6% بالمقارنة مع الشهر السابق، وأشارت إلى أن الانخفاض نتج عن تراجع الرقم الاستدلالي للمواد الغذائية بنسبة 9% والرقم الاستدلالي للمواد غير الغذائية بنسبة 3%.

على أساس شهري

وعن مؤشر التضخم الأساسي، الذي يستثني المواد ذات الأسعار المحددة والمواد ذات التقلبات العالية، خلال شهر يناير 2024 ارتفاعا بنسبة 3% بالمقارنة مع شهر ديسمبر 2023 وبنسبة 2.9% بالمقارنة مع شهر يناير 2023، وبالمقارنة مع نفس الشهر من السنة السابقة، سجل مؤشر أسعار المستهلك ارتفاعا بنسبة 2.3% خلال شهر يناير 2024.

وأوضحت المندوبية أن هذا الارتفاع نجم عن تزايد أسعار المواد الغذائية بنسبة 4.2% وأسعار المواد غير الغذائية بنسبة 0.8%، وتراوحت نسب التغيير للمواد غير الغذائية ما بين انخفاض قدره 1.2% بالنسبة للصحة وارتفاع قدره 4.3 % بالنسبة للمطاعم والفنادق.

اقرأ أيضًا- بنك عالمي: احترسوا الفيدرالي قد يفعلها!

Related Stories

No stories found.
إرم الاقتصادية
www.erembusiness.com