logo
اقتصاد

منحة السفر في الجزائر.. هل تكبح جماح السوق السوداء؟

منحة السفر في الجزائر.. هل تكبح جماح السوق السوداء؟
أشخاص يسيرون في ساحة رئيسية بالعاصمة الجزائر في 15 سبتمبر 2024.المصدر: (أ ف ب)
تاريخ النشر:24 يوليو 2025, 05:13 ص

في محاولة لضبط سوق الصرف وامتصاص السيولة من السوق الموازية وكبح جماح السوق السوداء، بدأت البنوك الحكومية الجزائرية إجراءات لدعم العملة المحلية بينها رفع قيمة منحة السفر.

ويأتي هذا في وقت لا يزال فيه الفارق كبيراً بين سعر الصرف الرسمي وسعر السوق السوداء، وهو ما يشكل جوهر المشكلة في الجزائر.

وحدّد البنك قيمة مبلغ سفر المواطنين إلى الخارج بـ750 يورو بعدما كانت 100 يورو فقط منذ فترة التسعينيات من القرن الماضي، حسبما أوضح الخبير المالي سليمان ناصر لـ«إرم بزنس».

ورأى ناصر، أن هذه المنحة ما زالت قيمتها ضئيلة بالمقارنة بما يحصل عليه المواطن التونسي 2000 يورو أو المغربي الذي يمكنه تحويل نحو 3000 يورو، علماً بأنها تقدم مرة واحدة سنوياً لمن تفوق أعمارهم 19 عاماً، و300 يورو لمن تتراوح أعمارهم بين 12 و19 عاماً، مشترطاً إتمام حجز السفر قبل 3 أيام عمل على الأقل.

شروط صرف المنحة

بحسب تعليمات البنك المركزي الجزائري، يقتصر حق صرف منحة السفر على المواطنين الجزائريين المقيمين الراغبين في السفر إلى الخارج بغرض السياحة أو الدراسة أو العلاج، ويستثني منها رحلات الحج والعمرة، ويُصرف هذا المبلغ مرة واحدة في السنة.

ويشترط للاستفادة من حق الصرف تقديم وثيقة إثبات السفر وجواز سفر ساري الصلاحية، ووثائق تثبت صفة القاصر للمستفيدين دون 18 سنة.

كما يشترط أن يتم إعادة العملة الأجنبية في حالة إلغاء السفر خلال خمسة أيام عمل وإلا يتعرض للحرمان من المنحة لمدة خمس سنوات طبقاً لقرار الموافقة على صرف زيادة منحة السفر.

تراجع قيمة الدينار

يشهد الدينار الجزائري حالياً تراجعاً مقابل العملات الأجنبية، حيث وصل سعر صرف اليورو في السوق الموازية إلى مستويات قياسية تجاوزت 265 ديناراً، مع توقعات بتجاوز 300 دينار قبل نهاية العام.

بينما يناهز سعر الصرف الرسمي لليورو الواحد مقابل الدينار الجزائري في البنوك الرسمية 151 ديناراً جزائرياً؛ ما يعكس تدهوراً كبيراً لقيمة العملة الوطنية.

وحذّر الخبير الاقتصادي الجزائري سليمان ناصر، من استمرار أزمة السوق السوداء للعملة في الجزائر، مرجعاً ذلك إلى غياب تنويع مصادر النقد الأجنبي، واعتماد البلاد شبه الكامل على عائدات النفط والغاز.

كما لفت إلى أن 96% من العملة الصعبة التي تدخل الجزائر تأتي من قطاع المحروقات، في ظل غياب قطاعات بديلة قوية مثل السياحة أو تحويلات المغتربين أو الصادرات غير النفطية.

وأوضح ناصر أنه إذا تم تحرير سعر صرف الدينار الجزائري وفتح مكاتب الصرف، فإن السعر الرسمي سيرتفع تدريجياً بينما سينخفض سعر السوق السوداء تدريجياً، حتى تلتقي في نقطة توازن، لتتوحد الأسعار وتختفي السوق السوداء تلقائياً.

وحول سُبل معالجة أزمة السوق السوداء، شدد ناصر على أن الحل الجذري يكمن بتحرير سوق الصرف وفتح مكاتب للصرافة، مؤكدا أن القوانين موجودة، لكن السلطات، وعلى رأسها البنك المركزي، لا تزال تتردد في تطبيقها.

أخبار ذات صلة

الجزائر تقرّ ضوابط جديدة لصرف العملة الأجنبية للمواطن المسافر.. لماذا؟

الجزائر تقرّ ضوابط جديدة لصرف العملة الأجنبية للمواطن المسافر.. لماذا؟

الاحتياطي النقدي

وأصحبت مسألة الاحتياطي النقدي في الجزائر محل جدل عام بعدما ذكرت بعض الصحف الأجنبية أن الاحتياطي يتآكل بصورة كبيرة، لذلك فقد خرج الرئيس الجزائري خلال الأسبوع الماضي بتصريح واضح بأن قيمة الاحتياطي تصل إلى 70 مليار دولار، ويرى الخبير الاقتصادي سليمان ناصر أن هذا المبلغ يعتبر احتياطياً مريحاً، ويرجح أن قمية سوق العملات الأجنبية تصل إلى 5 مليارات دولار.

وفي الوقت ذاته أشار إلى أن المشكلة الأساسية التي يعاني منها الاقتصاد الجزائري تتمثل في ضخامة حجم الاقتصادي الموازي غير الرسمي الذي قدرت أصوله طبقاً لتصريحات سابقة لتبون بقيمة 90 مليار دولار، ويرى الخبير الاقتصادي أن هذا الرقم مبالغ فيه ولكن هذا لا ينفي التأثير السلبي لعدم دمج الاقتصاد الموازي ضمن ميزانية الدولة.

تأثير إيجابي محدود

توقع ناصر، أن يكون لقرار زيادة منحة السفر تأثير محدود في سعر الصرف والسوق السوداء على المدى القصير باعتباره سيقلل الطلب على مبالغ صغيرة من اليورو.

ويمكن أن تشهد السوق السوداء بعض التخفيف في الطلب؛ ما قد يؤدي إلى استقرار نسبي في الأسعار أو تراجع طفيف في بعض الأحيان.

تخفيف الضغط على المسافرين

رأى الخبير أن هذه الخطوة، وإن كانت متأخرة، هي بداية في الاتجاه الصحيح، وتعكس إدراك البنك المركزي لضرورة توفير العملة الصعبة للمواطن عبر القنوات الرسمية، ويقلل الطلب عليها بشكل غير مشروع.

وأشار إلى أن الجزائر تعاني عدم تنوع مصادر العملة الصعبة، كما أن هناك ضعفاً في تحويلات الجزائرين بالخارج لا تتجاوز ملياراً و800 ألف دولار، وستظل الأزمة قائمة حتى يتم إتاحة تحرير سوق الصرف لنصل إلى نقطة توازن بين العرض والطلب.

أخبار ذات صلة

الجزائر تطلق موسم التخفيضات الصيفية من 26 يوليو حتى 13 سبتمبر

الجزائر تطلق موسم التخفيضات الصيفية من 26 يوليو حتى 13 سبتمبر

استمرار السوق السوداء

في المقابل، رأى الخبير المالي جلول سلامة، خلال حديثه مع «إرم بزنس» أن مبلغ الـ750 يورو سنوياً، وإن كان مرحباً به، لا يزال غير كافٍ لتلبية احتياجات المسافر الجزائري الحقيقية، خاصة في ظل ارتفاع تكاليف السفر والمعيشة في الخارج.

وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن الفارق الكبير بين سعري الصرف سيبقى حافزاً قوياً للتعامل في السوق الموازية، فالمواطن الذي يحتاج إلى مبلغ أكبر من 750 يورو سيظل مضطراً للجوء إلى السوق السوداء لتغطية النقص، وهذا يعني أن فوضى السوق السوداء لن تنتهي بالكامل.

وبحسب سلامة، فإن الحل الجذري يتطلب استراتيجية شاملة لتنويع الصادرات، وتنشيط قطاعات السياحة والخدمات، وجذب تحويلات المغتربين عبر القنوات الرسمية، بالتوازي مع إصلاح شامل في منظومة الصرف، وتبني إصلاحات اقتصادية هيكلية أعمق تضمن توفير العملة الصعبة بشكل مستدام، وتحد من هيمنة السوق السوداء التي طالما أرهقت الاقتصاد والمواطن الجزائري، بدلاً من الدخول في أزمة اقتصادية أعمق خلال الفترة القادمة.

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
تحميل تطبيق الهاتف
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC