خاص
خاص

بعد تعثر 80% من المقترضين.. هل تفقد الصين تريليون دولار؟

بعد الإعلان عن تدشين مبادرة الحزام والطريق في عام 2013 توسعت الصين في منح التمويلات للدول النامية للاستثمار في البنية التحتية التي تخدم المبادرة، وهو ما وصل إلى 1.1 تريليون دولار، واليوم دخلت 55% من هذه القروض مرحلة سداد المبلغ الأصلي، وفقاً لتقرير حديث صادر عن معهد (إيد داتا) للبحوث بجامعة (وليام إند ماري) بولاية فرجينيا الأميركية، لكن عددا كبيرا من هذه الدول متعثرة ماليا ولا تستطيع السداد.

هذا الأمر أثار الكثير من التساؤلات حول مستقبل هذه القروض وكيف ستتعامل الصين مع هذه الدول، وهل من الممكن أن تغير سياستها في الإقراض، أم تلجأ إلى طرق أخرى للحصول على أموالها.

الخبراء رأوا أن الصين رغم تعثر هذه الدول في السداد إلا أنها أكبر المستفيدين من ذلك؛ لأنها أصبحت تسيطر على ثروات الدول الأفريقية بفضل هذه القروض، كما ارتفعت تجارتها البينية مع القارة السمراء بقدر أكبر بعد انطلاق مبادرة الحزام والطريق، لكن ذلك لا يمنع من أنها قد تغير سياسة الإقراض مستقبلا.

وتشير كلمة "الحزام" إلى الطرق البرية التي تربط الصين بأوروبا عبر آسيا الوسطى وجنوب آسيا، وجنوب شرق آسيا، بينما يشير "الطريق" إلى الشبكة البحرية التي تربط الصين بالموانئ الرئيسة عبر آسيا والمحيط الهندي، والشرق الأوسط وشمال إفريقيا وأوروبا، بحسب الموقع الرسمي للمبادرة.

وبحسب تقرير معهد (إيد داتا) للبحوث، فإن الدول النامية تدين للصين بما لا يقل عن 1.1 تريليون دولار، ولكن 80% من الدول المستدينة تمر بأزمات مالية حاليا، بسبب ارتفاع أسعار الفائدة وضعف العملات المحلية أمام الدولار، والارتفاع الشديد في معدلات التضخم، وهو ما يزيد من احتمالية تعثر هذه البلدان عن السداد.

الصين أكبر المستفيدين

ورغم أن الصين في مأزق بسبب احتمال عدم تحصيل ديونها، إلا أن المستشار أحمد خزيم، الخبير الاقتصادي ورئيس منتدى التنمية والقيمة المضافة، يرى أن الصين على الطريق الصحيح، وأنها أكبر المستفيدين من ارتفاع حجم ديونها للدول النامية.

وأضاف خزيم في تصريحات لـ"إرم الاقتصادية": "انظر إلى الدول المستدينة من الصين، بكين أعطت 500 مليار دولار لدول أفريقية، وبقية المبلغ لدول في أميركا اللاتينية وبعض الدول الأوروبية، وتستطيع الاستعاضة عن الأموال بأشياء أكثر قيمة، خصوصا أن القروض الممنوحة كانت باليوان وليس بالدولار".

وأوضح الخبير الاقتصادي أن الصين منحت تلك الدول هذا الكم الهائل من القروض من خلال صندوق شنغهاي، وهو الصندوق الموازي للبريكس، مشيرا إلى أن هذا الصندوق مقوّم فقط بالدولار، ولكنه يمنح القروض باليوان الصيني، مضيفا: "هل هناك أفضل من طباعة بعض الأوراق والحصول مقابلها على معادن نادرة وموانئ استراتيجية، إضافة إلى سوق استهلاكي كبير للبضائع الصينية".

ولفت خزيم إلى أنه إذا كانت الصين قد منحت 500 مليار دولار لأفريقيا ثم 40 مليار دولار ضمن مبادرة الحزام والطريق فهي أكبر المستفيدين من تلك الديون، موضحا أن الصين أصبح لديها استثمارات في أفريقيا تصل إلى 3.4 تريليونات دولار، بالإضافة إلى زيادة حجم التجارة البينية مع القارة السمراء إلى 52%، مقابل 17% قبل المبادرة.

تغيير سياسة الإقراض

وأشار المستشار أحمد خزيم، الخبير الاقتصادي، إلى أن الصين حاليا تغير سياسة الإقراض نظرا للظروف الاقتصادية التي يمر بها العالم كله، بما فيه الصين، وصندوق شنغهاي توقف عن منح القروض، بينما صندوق بريكس يقرض الدول الأعضاء فقط.

ورغم توقف صندوق شنغهاي عن منح القروض، إلا أن الصين مستمرة منذ فترة في إعطاء قروض غير تقليدية عن طريق سندات باندا، بحسب خزيم.

ويشير تقرير معهد (إيد داتا) للبحوث، إلى أن بكين ما زالت تقدم قروضاً بعشرات المليارات من الدولارات، والتي قدرت بنحو 79 مليار دولار في عام 2021، مقارنة بـ53 مليون دولار كتمويلات مقدمة من البنك الدولي خلال العام نفسه.

وعلق خزيم قائلا: "الصين تواجه اتهامات بالإقراض غير المسؤول منذ عقدين من الزمان، وعلى إثره أصبحت تمتلك أغلب ثروات أفريقيا"، ضاربا المثال بالنحاس والكوبالت في جمهورية الكونغو الديمقراطية.

لكن بكين عدلت سياسة الإقراض لديها، لتركز على الجهود التنموية، لذا انخفضت نسبة قروض مشاريع البنية التحتية من إجمالي القروض المقدمة للبلدان منخفضة ومتوسطة الدخل من 65% في عام 2014 إلى 50% في عام 2017، ثم إلى 49% في عام 2018 و31% في عام 2021.

وأظهرت بيانات صادرة عن مبادرة الصين العالمية بجامعة بوسطن، في سبتمبر الماضي، أن الإقراض السيادي الصيني لأفريقيا تراجع لأقل من مليار دولار في عام 2022، مسجلا أدنى مستوى في نحو عقدين، مما يعكس تحول بكين بعيدا عن موجة تطوير البنية التحتية الكبيرة المستمرة منذ عقود في القارة.

وقدمت جهات الإقراض الصينية 170 مليار دولار لأفريقيا في الفترة من 2000 إلى 2022، بحسب بيانات جامعة بوسطن. لكن في عام 2021، تم التوقيع على سبعة قروض فقط بقيمة 1.22 مليار دولار، فيما تم الاتفاق على تسعة قروض بقيمة 994 مليون دولار في 2022، وهو ما يمثل أدنى مستوى للإقراض الصيني منذ عام 2004.

Related Stories

No stories found.
إرم الاقتصادية
www.erembusiness.com