خاص
خاصعلم إسرائيل - رويترز

كيف تأثر الاقتصاد الإسرائيلي بحرب غزة وهجمات الحوثيين؟

 يرى الخبراء الاقتصاديون أن الحرب الدائرة حالياً بين غزة وإسرائيل، والتي تعد واحدة من أطول الحروب التي شنتها إسرائيل على الإطلاق، أضرت بالاقتصاد الإسرائيلي، بعدما وصلت السياحة إلى طريق مسدود فعليًّا، وقفز الإنفاق الحكومي، وهزّت الضربة التي تلقتها شركات التكنولوجيا الثقة في القطاع الذي يعد محركًا رئيسًا للاقتصاد المحلي.

وفي الأسابيع الأخيرة، بدأ الجيش الإسرائيلي بسحب عدة آلاف من قواته من قطاع غزة، مؤقتا على أقل تقدير، ويرجع سبب هذا الانسحاب الجزئي إلى الخسائر الاقتصادية الناجمة عن هذا العدد الضخم الذي جرى نشره لجنود الاحتياط.

مؤشرات سلبية

وانعكست الصراعات الراهنة بمؤشرات سلبية على قطاعات السياحة والاستثمار وهروب رؤوس الأموال خارج إسرائيل، وفق خبير الأمن القومي المصري والعلاقات الدولية، اللواء محمد عبد الواحد، الذي أشار إلى أن "تل أبيب غير مهيأة لتحمل تداعيات الحروب الراهنة لفترات طويلة، في ظل ارتفاع الأسعار وتخوف شركات الشحن من استهدافها في البحر الأحمر".

ورغم الخلافات داخل الكابينت الإسرائيلي، هناك شبه اتفاق من اليمين المتطرف على جعل غزة مدينة لا تصلح للحياة الآدمية، وفق عبد الواحد، الذي أضاف لإرم الاقتصادية أن "إسرائيل دخلت أزمة اقتصادية حادة جرّاء الحرب، دون الوصول إلى الأهداف المعلنة، ما جعل نتنياهو في ورطة كبيرة".

وتُواجه حكومة نتنياهو اتهامات بالفساد وسوء الإدارة الاقتصادية في بعض القطاعات، بالإضافة إلى التورط في قضايا فساد مالي وتعامل غير قانوني مع الشركات والمستثمرين، وأثّرت هذه الاتهامات على مصداقية الحكومة، وتمكّنها من تنفيذ سياساتها الاقتصادية، وفق تقدير الخبراء.

إسرائيل دخلت أزمة اقتصادية حادة جرّاء الحرب
اللواء محمد عبد الواحد - خبير الأمن القومي المصري والعلاقات الدولية
الخروج بأقل الخسائر

ومن جانبه، قال الخبير في الشأن الإسرائيلي، الدكتور محمد عبد الدايم، إن "مستوطنات غلاف غزة كانت تسمى بالحقل الزراعي لإسرائيل، وبعد أحداث السابع من أكتوبر الماضي، أصيب القطاع الزراعي بأزمة كبرى"، مشيرًا إلى أن "تل أبيب تستورد حاليًّا منتجات كثيرة من تركيا بعد الحرب".

واستدعاء 400 ألف جندي وضابط احتياط بعد أحداث أكتوبر، جعلهم يتركون أعمالهم ووظائفهم مقابل رواتب خصصتها لهم حكومة نتنياهو، مما حمل  اقتصاد تل أبيب أعباء كبيرة، وتسبب في كساد اقتصادي، وتراجع في أعمال الشركات الصغيرة والناشئة، وفق عبد الدايم.

ومن ضمن التأثيرات الاقتصادية، أشار، في حديثه لـ"إرم الاقتصادية"، إلى أن "هناك ميزانية مفتوحة للحرب تخطت 200 مليار دولار وتزيد يوميًّا نتيجة استمرار الحرب، رغم الأسلحة التي تحصل عليها  إسرائيل من الولايات المتحدة يوميًّا".

وذكر أن "إسرائيل تعاني من اعتداءات إيرانية على كل سفنها في البحار والمحيطات بعد حرب غزة، إلى جانب الهجمات السيبرانية التي تطلقها طهران على الموانئ الإسرائيلية".

أصيب القطاع الزراعي الإسرائيلي بأزمة كبرى بعد الحرب
محمد عبد الدايم - خبير في الشأن الإسرائيلي
خسائر اقتصادية

اقتصاديًّا، يُعدُّ اقتصاد إسرائيل من أكثر الاقتصادات تطورًا في المنطقة، ولكنه تأثر بالصراعات في البحر الأحمر وحرب غزة، وفق تصريحات الخبير الاقتصادي المصري، الدكتور محمود مصطفى، لـ"إرم الاقتصادية".

وخلال فترة الحرب، توقفت العديد من الأنشطة الاقتصادية في المناطق القريبة من غزة، كالزراعة والتجارة والسياحة، وتسببت الهجمات الصاروخية المتكررة في إلحاق أضرار في البنية التحتية والمنشآت الاقتصادية، ما يؤثر على الإنتاجية ويُجبر الشركات على التوقف عن العمل لفترات طويلة، بحسب الخبير.

وبالنسبة للصراعات في البحر الأحمر، فإن العديد من السفن التجارية عبر الممرات المائية في البحر الأحمر، وفق الدكتور محمود مصطفى الذي يرى أن "أي تهديد لأمن هذه الممرات، يؤدي إلى زيادة تكاليف الشحن، ما يؤثر سلبًا على الاقتصاد الإسرائيلي".

و"إذا جرى تعطيل ممر البحر الأحمر بسبب الاضطرابات الأمنية، فقد تُواجه إسرائيل صعوبة في استيراد السلع الأساسية والمواد الخام التي تعتمد عليها صناعتها"، بحسب الخبير. 

"بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يؤدي الصراع الدائر في المنطقة إلى زيادة التوترات الجيوسياسية والسياسية، وهو أمر قد يؤثر على استقرار الاقتصاد الإسرائيلي وقدرته على جذب الاستثمارات الأجنبية"، وفق تقديرات الخبير.

ونتيجة لذلك، توقعت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أن تتسبب الحرب في تباطؤ النمو إلى 1.5%، وتؤدي إلى نقص العمالة، وانخفاض ثقة المستهلكين والشركات، وارتفاع التضخم.

الحرب ستؤثر على استقرار الاقتصاد الإسرائيلي وجذب الاستثمارات الأجنبية
محمود مصطفى - خبير اقتصادي

ولتحفيز الاقتصاد المتعثر، خفض بنك إسرائيل أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية، إلى 4.5%، وكان هذا أول خفض لأسعار الفائدة منذ بداية جائحة كوفيد، وقال محافظ البنك المركزي، أمير يارون، إنه "من المتوقع إجراء تخفيضات إضافية".

وقد اتخذت إسرائيل عدة خطوات للحد من حالة عدم اليقين، بما في ذلك تثبيت سعر الشيكل، وتخطط الحكومة لزيادة عدد العمال الأجانب المسموح لهم بدخول البلاد إلى 70 ألفًا بدلًا من 50 ألفًا، لمعالجة النقص المفاجئ في العمالة، بعدما فرّ العمال إلى الخارج، ومُنع أكثر من 100 ألف فلسطيني من العمل في إسرائيل، وفق صحيفة "نيويورك تايمز".

ويقول الخبير الاقتصادي إن "هناك انتقادات حادة لسياسات الحكومة الإسرائيلية، على أساس أنها تركز بنحو كبير على الطبقة الغنية والشركات الكبرى، وتتجاهل احتياجات الطبقات الفقيرة والوسطى في المجتمع، وتزيد من الفوارق الاجتماعية، وتسبب في ارتفاع تكاليف المعيشة ومعدلات الفقر".

ومن حيث الإحصاءات، فإن "إسرائيل أنفقت نحو 56 مليار دولار على الحرب، منها 40 مليارًا حتى منتصف يناير الحالي، وانخفض الاقتصاد الإسرائيلي بـ15% مقارنة بالعام الماضي"، وفق الدكتور محمود مصطفى.

وقد تباطأ قطاع البناء، الذي يُمثّل 14% من الاقتصاد الإسرائيلي، بسبب نقص العمالة، وقال مسؤولون حكوميون إن "السياحة تراجعت على الفور بعد أحداث أكتوبر، بينما كانت تتعافى بعد جائحة كوفيد".

Related Stories

No stories found.
إرم الاقتصادية
www.erembusiness.com