22 مليار دولار موجودات صندوق استثمار أموال الضمان الاجتماعي اقترضت الحكومة منها 67%
ارتفعت استدانة الحكومة الأردنية من "صندوق استثمار أموال الضمان الاجتماعي"، التابع لـ"مؤسسة الضمان الاجتماعي" الأردنية، إلى أعلى مستوياتها التاريخية، ما يثير تساؤلات حول مصير مدخرات الأردنيين في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعيشها البلاد.
وصلت استدانة الحكومة من الصندوق إلى نحو 9.4 مليار دينار أردني (13.3 مليار دولار) بنهاية مايو الماضي، وفق البيانات الرسمية الصادرة عن وزارة المالية، وذلك بالتزامن مع تباطؤ النمو الاقتصادي إلى 2% في الربع الأول من العام الجاري، ومستوى بطالة عند 21.4%، وزيادة ملفتة في أعداد المتقاعدين.
هذه المؤشرات التي تأتي في وقت تواجه فيه المملكة اتساعاً في عجز الميزان التجاري، وارتفاعاً في الدين العام ليصل إلى نحو 60 مليار دولار أو ما يعادل 115% من الناتج المحلي الإجمالي، فتحت الباب أمام تساؤلات بشأن مصير مدخرات الأردنيين، وتحول الصندوق إلى إحدى الجهات الرئيسة غير المصرفية التي تموّل دين الحكومة، لا سيما الدين بالعملة المحلية، علماً أن الحكومة الأردنية كانت قد تلقت إشارات من البنك الدولي إلى صناع السياسة المالية الأردنية، تدعو إلى "توخي الحذر" في ملف صندوق استثمار أموال الضمان.
رئيس صندوق استثمار أموال الضمان الاجتماعي عزالدين كناكرية، أعلن في نهاية الأسبوع الماضي عن تحقيق الصندوق نمواً في أرباحه خلال النصف الأول من العام الجاري، 15% لتصل إلى 514 مليون دينار (725 مليون دولار).
وقد وصلت موجودات الصندوق إلى نحو 15.5 مليار دينار (نحو 22 مليار دولار)، اقترضت الحكومة منها قرابة 67% على شكل سندات وقروض، لتتجاوز بذلك السقوف المحددة لهذه المحافظ ووفقاً للممارسات العالمية، بحسب خبير التأمينات والحماية الاجتماعية موسى الصبيحي، والتي وصفها بـ"السقوف الخطرة".
قال الصبيحي في حديث إلى "إرم بزنس" إن إدارة الصندوق عملت على رفع السقوف المحددة لسندات الخزينة، أكثر من مرة لتلبية رغبات الحكومة الأردنية، مع العلم أن الممارسة العالمية لسقوف سندات الخزينة هي ألّا تتجاوز 20% من مجمل محفظة السندات والقروض. وأضاف: "هناك تركّز هائل ومُريب ومُقلق في استثمارات صندوق استثمار أموال الضمان مع الحكومة الأردنية (سندات خزينة وأذونات خزينة وقروض مؤسسات حكومية)، وهو ما يتنافى بالأحوال كلها مع مبدأ توزيع المخاطر ومبدأ تنويع الاستثمارات الذي تقوم عليه السياسة الاستثمارية لأي صندوق استثماري بشكل عام".
بحسب تحليل الصبيحي لبيانات الصندوق، فإن 67% من إيراداته جاءت من سندات الخزينة، في حين أن العائد المتبقي من الحزم الاستثمارية لا يتجاوز 2.5% من الاستثمارات كلها، "وهو ضعيف جداً". وأضاف أن المخاطرة المرتفعة في الاستناد إلى مصدر واحد رئيسي للعوائد، "يشكل خطراً على أموال الصندوق وفقاً لأبسط أبجديات الاستثمار".
في دراسة إكتوارية حديثة للضمان الاجتماعي الأردني، كشف البنك الدولي عن إمكان تحول الفائض المالي الحالي للمؤسسة العامة للضمان الاجتماعي الأردنية إلى عجز في غضون 10 سنوات، مشيراً إلى أن هذه المدة يمكن أن تصل إلى 20 عاماً إذا أُخِذ العائد على الاستثمار بعين الاعتبار.
إدارة الضمان الاجتماعي ردّت في بيان صحافي مؤخراً على تعليق البنك الدولي، جاء فيه على لسان مدير عام المؤسسة محمد الطراونة أنه "لا خوف على مستقبل الضمان الاجتماعي، ونبذل كل ما بوسعنا للمحافظة على ديمومة المؤسسة لتبقى سنداً للعامل الأردني وهو على رأس عمله وبعد تقاعده".
غير أن الطراونة أقرّ في البيان، بتناقص الفائض المالي للمؤسسة تدريجياً؛ بسبب تزايد أعداد المتقاعدين نسبةً إلى أعداد المشتركين. لكنه مع ذلك أكد أن المؤسسة تُحقق عوائد استثمارية مناسبة على موجوداتها، والتي تناهز 15 مليار دينار، وهو ما يعزز من مركزها المالي. ورأى أن تناقص الفائض المالي هو بالتالي أمر متوقع وليس جديداً، "ولا يستدعي القلق"، نظراً لوجود مصادر دخل أخرى تتمثل بعوائد استثمار الموجودات من جهة، وقاعدة الموجودات نفسها من جهة أخرى.
منتدى الإستراتيجيات الأردني كان لديه تعليقه أيضاً في هذا الشأن، إذ ذكر في ملخص سياسات بعنوان "بعض الخيارات الإستراتيجية أمام صندوق استثمار أموال الضمان الاجتماعي"، أنه يمكن الحكم على موجودات الصندوق بأنها متركزة بنسبة عالية في السندات الحكومية وأذونات الخزينة وبنسبة 65%، بعيداً عن سندات الشركات أو السندات الأجنبية.
وأوصى المنتدى بضرورة تنويع المحفظة الاستثمارية لصندوق استثمار أموال الضمان الاجتماعي، وبنسب تتوافق على الأقل مع النسب المعيارية العالمية، واستغلال الفرص الاستثمارية الجيدة في مشاريع البنية التحتية، ودراسة إمكانية تخصيص نسبة تدرجية قد لا تتجاوز 15% من موجوداته لاستثمارها في الفرص الجيدة في الخارج، التي تحقق عائداً أفضل مع مستويات مخاطرة أقل، علاوة على دراسة إمكانية استخدام الصناديق الاستثمارية المتخصصة في إدارة نسبة من موجوداته، أسوة بالصناديق العديدة المتميزة في الدول الأخرى، وذلك في سبيل تعزيز عوائد صندوق استثمار الضمان الاجتماعي.