وأشار هؤلاء الخبراء إلى أن هذا النجاح سيؤثر إيجابا على الاقتصاد السعودي مستقبلا، حيث ستكون إدارة المشهد الاقتصادي بالكامل عبر السعوديين بدلا من الأجانب، فضلا عن تمكينهم من إدارة الكيانات الاقتصادية الهامة في البلاد، وهو ما يتطلب استمرارية هذه الحوافز، والبحث عن مزيد من إجراءات التحفيز والاستقرار والترقي الوظيفي.
وكان تقرير صادر عن المرصد الوطني للعمل التابع لصندوق الموارد البشرية في المملكة، قد كشف قبل أيام أن سوق العمل استطاعت توظيف نحو 714 ألفاً في القطاع الخاص خلال الفترة من 5 إلى 10 سنوات عمل، وحققت شركات القطاع الخاص إنجازاً للمرة الأولى يتمثل في استقطاب 49.3 ألف مواطن خلال أكتوبر الماضي.
وأظهر التقرير أن إجمالي السعوديين العاملين في القطاع الخاص، لمدة تتراوح بين سنة و3 سنوات عمل، ارتفع لأكثر من 611 ألف موظف، في حين بلغ عدد السعوديين في الشركات الخاصة لمدة ما بين 3 و5 سنوات عمل 377 ألف عامل.
وأوضح التقرير أن أهم عوامل استدامة العاملين في القطاع الخاص تتركز في الحوافز المادية والمكافآت، والتدريب والتطوير المستمر، إضافة إلى برامج الدعم والتوطين.
وكشف المرصد الوطني للعمل، أن صافي نمو وظائف المواطنين خلال أكتوبر الماضي بلغ 17.8 ألف وظيفة، بينما تجاوز عدد المستفيدين من منتج دعم النقل "وصول" 229 ألف موظفة سعودية في القطاع الخاص، وكذلك العاملين الذكور من الأشخاص ذوي الإعاقة، منذ إطلاق المنتج في شهر نوفمبر 2017، وحتى الربع الثالث من العام الحالي، من بينهم نحو 45 ألف مستفيد ومستفيدة خلال هذا العام.
ويهدف منتج "وصول" إلى إيجاد حلول تخفف من عبء تكاليف نقل الموظفات في القطاع الخاص، وكذلك ذوي الإعاقة من الذكور؛ لتمكينهم من العمل وزيادة استقرارهم وظيفياً ورفع نسب مشاركتهم في ميدان العمل، من خلال تأمين وسيلة نقل من وإلى مقر العمل بالتعاون مع شركات توجيه مركبات الأجرة المسجلة في التطبيقات الذكية المرخصة.
وبلغ عدد الرحلات المدعومة ضمن منتج "وصول" منذ بداية يناير حتى نهاية سبتمبر من العام الحالي 13 مليون رحلة، بحسب صندوق الموارد البشرية.
بالتوازي مع هذه المؤشرات الإيجابية، فقد سجلت شركات القطاع غير النفطي أداءً قوياً في أكتوبر من حيث التوظيف، يعد الأعلى منذ 9 أعوام، بحسب مؤشر مديري المشتريات الصادر عن بنك الرياض بالتعاون مع ستاندرد أند بورز.
وارتفع المؤشر للشهر الثاني على التوالي في أكتوبر الماضي، إلى 58.4 نقطة مقابل 57.2 نقطة في شهر سبتمبر، بفضل التحسن الكبير في أحوال القطاع الخاص غير المنتج للنفط في السعودية.
في السياق ذاته، كشف تقرير حديث صادر عن وزارة الاقتصاد والتخطيط السعودية، عن تحسن بيئة الأعمال في السعودية؛ إذ شهدت شركات القطاع الخاص غير النفطي تحسناً مستمراً في الأداء، وارتفاع الطلبات الجديدة في بداية الربع الثاني؛ ما أدى إلى زيادة قوية في النشاط الاقتصادي والإنتاج والتوظيف.
في هذا الصدد، يقول كبير الاقتصاديين في بنك الرياض، نايف الغيث، إن قطاع التوظيف بالمملكة شهد توسعا في الطلبات بقدر كبير، مع توقعات للنمو مستقبلا لتغطية مستويات الطلب. وأضاف الغيث، في تصريحات إعلامية، أن تقرير مؤشر مديري المشتريات كشف عن وجود تحسن في بيئة العمل وإنجاز بعض الأعمال إلكترونيا ما يسر على الشركات كثيرا وقلل من حدوث تراكم في الأعمال.
وتابع الغيث أن "الناتج النفطي السعودي شهد خلال الربع الثالث انكماشا بنسبة 4.5% مدفوعا بخفض الإنتاج البترولي، حيث يتم حاليا إنتاج نحو 9 ملايين برميل يوميا، مقابل 11 مليون برميل في الفترة المقابلة من العام الماضي"، متوقعا استمرار الإنتاج المنخفض من النفط، وبالتالي سيسجل الناتج المحلي الإجمالي لهذا القطاع انخفاضا.
أما على الجانب الآخر فإن الناتج المحلي غير النفطي من المتوقع أن يواصل النمو مثلما ظهر في مؤشر مديري المشتريات، وأن يقترب من 5% بنهاية العام الجاري، بحسب كبير الاقتصاديين في بنك الرياض.
ويقول الخبير الاقتصادي، وائل النحاس، إن السعودية تسعى إلى حل مشكلة البطالة عبر برنامج السعودة، موضحا في تصريحات لـ "إرم الاقتصادية"، أن اقتصاد السعودية ينمو بصفة مستدامة ووتيرة متصاعدة، وبالتالي توظيف السعوديين يساهم في تأهيلهم للوصول للمناصب القيادية في الكيانات السعودية الكبرى، بحيث تكون إدارة المشهد الاقتصادي عن طريق السعوديين، وأبرز الأمثلة على ذلك تولي أطُرٍ سعودية إدارة البنوك والمستشفيات والشركات الاقتصادية المختلفة.
وأشار النحاس إلى أن هناك طفرة حدثت في مستوى تعليم المواطنين السعوديين في السنوات الأخيرة، وجرى ابتعاث كثيرين للدراسة في الجامعات الأوروبية والأميركية، ما أعطاهم خبرة ومهارات أكبر، بالإضافة إلى امتلاك لغات أجنبية مختلفة، أثقلت خبراتهم وساهمت في نضوجهم فكريا وإداريا.
وتابع النحاس أن "هذا الأمر سوف يساهم في تنفيذ خطة السعودية الطموحة التي وضعتها لكي تصبح رقما مهما في الاقتصاد العالمي، بعدها أكبر اقتصاد في المنطقة وأهم المستثمرين فيها"، مشيرا إلى أن عائد ذلك على الاقتصاد لابد أن يترجم في استمرارية معدل النمو وليس مجرد تحقيق معدل نمو قوي مرة أو مرتين ثم الانخفاض مرة أخرى، لأن الأهم هو الاستمرارية، وهنا تكمن الصعوبة.
من جانبه رأى سالم باعجاجة، الخبير الاقتصادي السعودي، أن سوق العمل في المملكة كبير، ويستوعب عددا كبيرا من العمالة من الشباب والشابات الخريجين من الجامعات وكليات التقنية والكليات التطبيقية.
وأضاف باعجاجة، في تصريحات لـ "إرم الاقتصادية"، أن وزارة الموارد البشرية بذلت جهودا كبيرة حفزت المواطنين على التوظيف في القطاع الخاص خلال السنوات الأخيرة، ومنها رفع الحد الأدنى للأجور إلى 4000 ريال، وكذلك التدريب، حيث طلبت الوزارة من مؤسسات وشركات القطاع الخاص تدريب موظفيهم وتأهيلهم بكل ما هو جديد في سوق العمل من مهارات وتقنيات حديثة، فضلا عن تشجيعهم من خلال منحهم مكافآت في حالة حصول الموظف على تقدير ممتاز في نهاية العام.
وأوضح الخبير الاقتصادي أن نمو واستدامة عدد المواطنين العاملين بالقطاع الخاص، سيؤثر على الاقتصاد السعودي إيجابا، لأنه عندما تزداد دخول الأفراد ستكون هناك حركة اقتصادية بشراء سلع وخدمات أكثر، وكذلك عندما يتم منحهم مكافآت ستزداد أيضا قوة الشراء؛ وهكذا سيزدهر الاقتصاد حالياً ومستقبلاً.