تقارير
تقاريرجانب من احتجاجات المزارعين

أوروبا أمام احتجاجات المزارعين.. مزيد من التنازلات

قررت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، مؤخرا،، فرض قواعد أكثر صرامة على وارداتها الزراعية من أوكرانيا، في خطوة تشكل أحدث حلقة من التنازلات أمام مزارعي التكتل، الذين واصلوا احتجاجاتهم الأسبوع الماضي في بروكسل، وقد استبد بهم الغضب بسبب المنافسة غير العادلة التي تفرضها عليهم الواردات الرخيصة.

ووافقت دول التكتل يوم الأربعاء الماضي، على تشديد القيود على الواردات الزراعية من أوكرانيا، عقب شهور من الاحتجاجات الغاضبة، التي نظمها المزارعون في أنحاء الاتحاد الأوروبي.

وبحسب دبلوماسيين، يقضي التنازل الجديد بخفض حجم الواردات الزراعية الأوكرانية، التي يسمح لها بدخول أسواق الاتحاد الأوروبي، معفاة من الرسوم الجمركية، مقارنة بما كان مقررا في السابق. وتشمل هذه المنتجات البيض والدواجن والسكر والذرة، وفق ما نقلته وكالة الأنباء الألمانية.

ولن يسمح للواردات الأوكرانية التي يطالها قرار الاتحاد الأوروبي، بدخول التكتل معفاة من الرسوم الجمركية، إلا بحصص معينة. ويتم فرض رسوم على أي زيادة بعد بلوغ هذه الحصص.

ويستند الحد الأقصى للإعفاء من الرسوم الجمركية، إلى متوسط الواردات الزراعية من أوكرانيا خلال فترة مرجعية سابقة.

ويقضي الاتفاق الجديد بخفض الحد الأقصى بصورة فعلية، عبر تضمين النصف الثاني من عام 2021، عندما كانت الواردات أقل مما سوف يصبح عليه الحال لاحقا. وسعت فرنسا إلى أن يشمل ذلك عام 2021 كاملا، وهو ما كان من شأنه أن يؤدي إلى مزيد من الخفض في حجم الواردات الأوكرانية.

ووصفت مجموعة الضغط الأوروبية القوية للمزارعين "كوبا كوجيكا"، في بيان لها الخميس الماضي، الاتفاق بأنه "نصف استجابة" غير كافية، ودعت إلى فرض رسوم بشكل تلقائي، على واردات القمح والشعير، وخفض حصص واردات البيض والدواجن والسكر، التي يسمح لها بدخول الاتحاد الأوروبي دون رسوم جمركية.

وسعت فرنسا وبولندا إلى وضع القمح، في قائمة المنتجات الزراعية الأوكرانية، التي تخضع للرسوم الجمركية، ولكن دون جدوى.

أصل الأزمة

نظم المزارعون في أنحاء الاتحاد الأوروبي، احتجاجات منذ بداية 2024، ضد ارتفاع التكاليف، وضد السياسة البيئية للتكتل، وواردات الغذاء الرخيصة، بما يشمل الواردات من أوكرانيا. وقد عادوا إلى العاصمة البلجيكية بروكسل بجراراتهم، يوم الثلاثاء الماضي.

ويسعى قادة الاتحاد الأوروبي إلى استعادة التوازن، بين دعم اقتصاد أوكرانيا وحماية المنتجين الزراعيين في التكتل.

وعقد وزراء الزراعة في الدول الأعضاء اجتماعا في بروكسل يوم الثلاثاء الماضي، في مسعى لتهدئة غضب المزارعين، حيث تبنوا إجراءات لتخفيف شروط حصول المزارعين، على دعم من برنامج "السياسة الزراعية المشتركة" للاتحاد الأوروبي.

ويعتمد المزارعون على الدعم الذي يتلقونه من "السياسة الزراعية المشتركة" لمواجهة مصاعب الحياة، ولكن المدفوعات مشروطة بقواعد صارمة لحماية البيئة.

وقال وزير الزراعة التشيكي ماريك فيبورني للصحفيين: "نرى كيف اهتزت ثقة المزارعين التشيك والأوروبيين، في الاتحاد الأوروبي. إن ما يعنيني هنا هو أن اتمكن من استعادة هذه الثقة".

يشار إلى أن القواعد الأكثر صرامة على واردات الاتحاد الأوروبي من أوكرانيا، تشكل أحدث التنازلات التي قدمها التكتل لمزارعيه، وهي تأتي قبل أقل من ثلاثة أشهر من انتخابات البرلمان الأوروبي، المقررة في يونيو، حيث تشير استطلاعات الرأي إلى أنه من المتوقع، أن يشهد التصويت زيادة التأييد للأحزاب اليمينية المتطرفة، التي تستغل غضب واستياء المزارعين في حملاتها الانتخابية.

يذكر أن التعديلات التي جرى الاتفاق عليها يوم الأربعاء الماضي، تعد جزءا من تمديد لمدة عام واحد- اعتبارا من يونيو- لقرار مؤقت بتعليق الرسوم الجمركية على الواردات من أوكرانيا، والذي كان يهدف إلى دعم اقتصاد البلاد، الذي مزقته الحرب الروسية.

ويتعين موافقة البرلمان الأوروبي على الاتفاق الذي توصلت إليه الدول الأعضاء، كي يدخل حيز التنفيذ. وحال لم يتم التمديد بحلول الخامس من يونيو المقبل، يجرى بشكل تلقائي إعادة فرض الرسوم الجمركية، التي كان معمولا بها قبل اندلاع الحرب في فبراير 2022، على البضائع الأوكرانية.

كما تسعى المفوضية الأوروبية إلى فرض رسوم جمركية على واردات الحبوب من روسيا للاتحاد الأوروبي.

وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين إن الاتحاد الأوروبي، لا يريد لموسكو أن تحصل على عائدات الحبوب من التكتل، أو أن "تؤثر" على سوق الاتحاد الأوروبي.

يحاول مزارعو بولندا منع دخول المنتجات الزراعية الأوكرانية إلى بلادهم عبر الحدود، خشية أن تضر بأعمالهم.

وأعلنت وارسو يوم الأربعاء الماضي، عشية المحادثات الثنائية في هذا الأمر، أن بولندا وأوكرانيا قريبتان من تسوية نزاع ثنائي فيما يتعلق بالواردات الزراعية.

وقال وزير الزراعة البولندي تشيسلاف سيكيرسكي لوكالة "فرانس برس" (أ ف ب): "نستطيع أن نقول إنه حدث تقارب معين بين المواقف المعنية"، ولكن تابع: "كل يقاتل من أجل مصلحته".

وأدى حظر دخول المنتجات الأوكرانية على الحدود، والنزاع، إلى توتر العلاقات بين الدولتين الجارتين، رغم دعم بولندا القوي لأوكرانيا في التصدي لروسيا. وتدعو وارسو إلى وضع سقف لدخول الواردات من أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي، كما فعلت وارسو، بشكل أحادي، العام الماضي.

وقال وزير الزراعة الدنماركي جاكوب جنسن: "ثمة أمور في هذا العالم أكثر أهمية من أي شيء آخر. يتعين علينا أن ندعم أوكرانيا بالقدر المستطاع، فيما يتعلق بالأمن والسياسة الخارجية".

وأضاف الوزير: "نقوم بذلك عسكريا، ولكن يتعين علينا أيضا أن نفعله، لضمان ألا تقوم الدنمارك والاتحاد الأوروبي، بوضع عقبات في طريق تمكن (كييف) من بيع منتجاتها ودعم اقتصادها.

وأقر جنسن بأنه ربما توجد أسواق محلية، مثل بولندا، تتضرر على نحو غير متناسب بتخفيف القيود التجارية مع أوكرانيا.

Related Stories

No stories found.
إرم الاقتصادية
www.erembusiness.com