2.3 مليون عاطل في فرنسا.. وعود ماكرون بمهب الريح

2.3 مليون عاطل في فرنسا.. وعود ماكرون بمهب الريح

2.3 مليون عاطل عن العمل في فرنسا يتسببون في زيادة معدل البطالة بأكثر من المتوقع، ما يمثل ضربة لطموح الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، لخفض معدل البطالة المرتفع بشكل مزمن في البلاد.

وأظهرت بيانات مكتب الإحصاء الوطني الفرنسي أن معدل البطالة في البلاد ارتفع من 7.2% في الربع الثاني إلى 7.4% في الربع الثالث من 2023، وفقا لصحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية.

ورقميا، ارتفع عدد العاطلين عن العمل في فرنسا بمعدل 64 ألف شخص، ليصل إلى 2.3 مليون شخص في الربع الثالث، وهو أعلى مستوى له منذ عامين، مع تأثير فقدان الوظائف بشكل غير متناسب على العمال الأصغر سنا والنساء.

وفي استطلاع سابق أجرته وكالة أنباء رويترز، توقع مجموعة من الاقتصاديين، زيادة في معدل البطالة الفرنسي لكن أقل من 7.3%، أي أن الزيادة المسجلة فاقت توقعات الاقتصاديين.

ضربة لجهود ماكرون

وتمثل تلك الأرقام ضربة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي تعهد بوصول فرنسا إلى مستوى التشغيل الكامل للعمالة ــ أي ما يعادل معدل بطالة يبلغ 5% ــ بحلول نهاية فترة ولايته الثانية في عام 2027.

ماكرون أحرز تقدما بالفعل منذ توليه منصبه، إذ انخفض معدل البطالة بشكل حاد من أكثر من 10% في عام 2016 إلى 7.1% في الربع الأول من هذا العام، وهو أدنى مستوى له منذ عقود.

وقامت حكومته بإصلاح أسواق العمل لتسهيل فصل العمال، وقلصت إعانات البطالة وشجعت التدريب المهني في محاولة لخفض معدلات البطالة المرتفعة بين العمال الأصغر سنا وذوي المهارات المنخفضة.

ولكن بعد تباطؤ الاقتصاد الفرنسي وفقدان الإصلاحات الأخيرة للزخم، بدأ معدل البطالة في الارتفاع مرة أخرى خلال عام 2023، ويظل أيضا أعلى من المتوسط البالغ 6.5% في دول منطقة اليورو العشرين في سبتمبر الماضي.

ماذا عن المستقبل؟

وفي غضون ذلك، قال سيلفان بيرسينجر من مجموعة "أستيريس" للتوقعات الاقتصادية، إنه "من غير المتوقع أن يتحسن الاتجاه في الأرباع المقبلة".

وأضاف في تصريحات صحفية أن "سوق العمل، الذي كان ديناميكيًا للغاية بعد جائحة كوفيد 19، تدهور في الربع الثالث، وكل مؤشرات سوق العمل باللون الأحمر"، في إشارة لمؤشرات واضحة على التراجع.

ولفتت "فايننشال تايمز" إلى أن الحكومة الفرنسية تدرك تماما أن تحقيق التشغيل الكامل قد يكون صعباً، لا سيما والاقتصاد الأوروبي تباطأ في النمو، حيث أدى ارتفاع أسعار الفائدة وارتفاع التضخم وضعف التجارة العالمية إلى التأثير على إنتاج الشركات وتآكل الطلب الاستهلاكي.

كما أدى التراجع الذي شهده اقتصاد منطقة اليورو، وانكماشه بنسبة 0.1% في الربع الثالث، إلى ظهور علامات على وجود تصدعات في سوق العمل في المنطقة.

فعلى سبيل المثال، ارتفعت معدلات البطالة في ألمانيا، في أكتوبر الماضي، بأعلى مستوى منذ أكثر من عام، كما ارتفع معدل البطالة في منطقة اليورو ككل إلى 6.5% في أكتوبر، من مستوى قياسي منخفض بلغ 6.4% في سبتمبر 2023.

ليس ذلك فحسب، بل يؤثر الانكماش في سوق العمل أيضاً على مجموعات العمال التي كانت تقليدياً الأكثر تعرضاً للبطالة في فرنسا.

وتوضيحا لتلك النقطة، يشهد معدل البطالة بين العمال الفرنسيين الأصغر سنا ارتفاعا، حيث ارتفع معدل البطالة بين أولئك الذين تتراوح أعمارهم بين 15-24 عاما من 16.9% في الربع الثاني إلى 17.6% في الربع الثالث من 2023، كما ارتفع معدل البطالة بين النساء من 7.1% إلى 7.4%.

المزيد من الإصلاحات

كتب الاقتصاديون في بنك "غولدمان ساكس"، في مذكرة هذا الأسبوع، أن الوصول إلى هدف التوظيف الكامل "الطموح" الذي حددته الحكومة "من المرجح أن يتطلب المزيد من الإصلاحات".

وتوقعوا أن تدرس حكومة ماكرون تقديم حوافز لتوظيف العمال الأكبر سنا أو خفض إعانات البطالة لأصحاب الدخل الأعلى لاستعادة الزخم. لكن تمرير مزيد من الإصلاحات من خلال البرلمان الفرنسي، الذي لم يعد تحالف ماكرون الوسطي يتمتع بالأغلبية داخله، قد يكون أمرًا صعبًا.

وتمتد العقبات إلى وجود خطر "رد الفعل الشعبي العنيف"، إذ اندلعت احتجاجات الشوارع بسبب إصلاح نظام التقاعد الرئيسي الذي أقره ماكرون، والذي تم دفعه لتأجيل تنفيذه حتى الربيع الماضي.

علاوة على قائمة الأسباب السابقة، فإن هذا التغيير السياسي (إصلاح نظام التقاعد)، الذي تم التوصل إليه بشق الأنفس، تسبب أيضا في إضافة أشخاص إلى قوائم البطالة أيضا تأثرا برفع سن التقاعد تدريجيًا من 62 إلى 64 عامًا.

ووفقا لـ"فايننشال تايمز"، يقدر بعض الاقتصاديين أن التغيير الذي تسبب فيه إصلاح نظام التقاعد، يمكن أن يضيف في النهاية حوالي 0.3 نقطة مئوية سنويًا إلى البطالة، وهو انعكاس لسجل فرنسا السيئ في إبقاء كبار السن في القوى العاملة.

ولفت باتريك أرتوس، الخبير الاقتصادي في بنك ناتيكسيس، إلى أن الاقتصاد الفرنسي لا يزال يخلق فرص عمل، على الرغم من أن الإنتاجية - الإنتاج في الساعة لكل عامل - آخذة في التدهور.

وأردف في تصريحات صحفية "ليس ضعف سوق العمل هو الذي يدفع معدلات البطالة إلى الارتفاع، بل هو مزيج من إصلاح نظام التقاعد، وزيادة طفيفة في حالات إفلاس الشركات، وضعف مكاسب الإنتاجية".

واعتبر أن "هدف ماكرون لخفض البطالة إلى 5% ليس طموحا بما فيه الكفاية، وليس المقياس الصحيح الذي يهدف إلى ضمان الرخاء".

مشكلة عالمية

إلى ذلك، قال الباحث الاقتصادي الفرنسي، ثيو جيزوفر، في حديث لـ"إرم الاقتصادية، إنه "على الرغم من انخفاض معدل التضخم إلى 4% في أكتوبر، مقارنة بـ4.9% في سبتمبر، ما يعد تقدما يحسب للحكومة، إلا أن التركيز ينصب كاملا في الوقت الحالي، على الزيادة في معدل البطالة".

وأضاف: "مع ضعف الطلب العالمي من جهة والتباطؤ في الاقتصاد الأوروبي والعالمي من جهة أخرى، فإن مثل هذه الزيادة في معدل البطالة متوقعة ومنطقية"، مشيرا إلى أن صندوق النقد العالمي أوضح، مؤخرا، أن "التباطؤ أكثر وضوحاً في الاقتصادات المتقدمة".

وتابع أن "العديد من الدول تشهد موجة من ارتفاع معدل البطالة، مثل الولايات المتحدة وألمانيا. ورغم أن تزايد معدل البطالة يصيب الكثير من الدول، تتخذ الحكومة الفرنسية إجراءات إصلاحية بشأن العمالة في فرنسا".

Related Stories

No stories found.
إرم الاقتصادية
www.erembusiness.com