وتراكمت الإشارات المثيرة للقلق وازدادت المخاوف من انقلاب الأوضاع الاقتصادية. فهل أصبح قطاع التوظيف مهددا؟
على كل حال، فإن الأخبار المثيرة للقلق تتراكم على جبهة تشغيل العمالة.
وآخر خبر بهذا الخصوص نشره يوم الجمعة الماضي المعهد الوطني الفرنسي للإحصاء والدراسات الاقتصادية "إنسي"، وهو يتعلق بأرقام التوظيف في القطاع الخاص، مشيرا إلى انخفاض طفيف في الربع الثالث.
وإذا كان الانخفاض في الوظائف ضئيلا، فإن أهم ما يجب ملاحظته هو أن هذا هو الربع الثاني من شبه الاستقرار بعد عدة أرباع من الزيادة الواضحة في عامي 2021 و2022، حسبما يشير المعهد الوطني للإحصاء.
وهذا التراجع الطفيف في التوظيف يتزامن مع ارتفاع طفيف في البطالة في الربع الثالث، وهو ما لاحظته دائرة الإحصاء التابعة لوزارة العمل الأسبوع الماضي.
وبين يوليو وسبتمبر، بلغ عدد الباحثين عن عمل وبدون أي نشاط، والمسجلين لدى دائرة التوظيف في فرنسا، 17400، أي بزيادة قدرها 0.6% خلال الربع الثالث.
ويشار إلى أن هذه هي الزيادة الفصلية الأولى في هذا المؤشر منذ ثلاث سنوات، وفقا لمكتب العمل الدولي.
وفي الربع الثاني، ارتفعت البطالة بشكل طفيف للغاية بنسبة 0.1% وفقا للمعهد الوطني للإحصاء والدراسات الاقتصادية، لتبلغ 7.2%. وكانت هذه أول زيادة منذ الربع الثالث من عام 2021.
وبالنسبة للاقتصاديين، فإن هذا الجمود على جبهة تشغيل العمالة لا يشكل مفاجأة على الإطلاق.
وقال الاقتصادي برونو كوكيه، خبير سوق العمل والباحث المشارك في المرصد الفرنسي للظروف الاقتصادية: في السنوات الأخيرة كنا في وضع غير طبيعي تماما، حيث تم خلق عدد كبير من فرص العمل إثر النمو الملحوظ. وقد توقعنا العودة إلى الوضع الطبيعي.
وأضاف: لكن بسبب تباطؤ النمو الاقتصادي (+0.1%) في الربع الثالث من هذه السنة، كان من المنطقي أن تتبع مسألة تشغيل العمالة عاجلاً أم آجلاً نفس المسار. ويشير كوكيه إلى أن سوق العمل يتبع التطورات الاقتصادية بشكل كلاسيكي ولكن بعد شهرين .
وفي تقريره الاقتصادي الأخير، الذي نشر في أكتوبر الماضي، ، قال المعهد نفسه إنه يتوقع أن يتوقف خلق فرص العمل في النصف الثاني من العام، وأن معدل البطالة سيرتفع قليلاً إلى 7.3% من إجمالي عدد السكان النشطين، بعد أن كانت نسبتهم حوالي 7.1-7.2% لمدة عام تقريباً.
لكن المعهد الإحصائي يرفض استخلاص استنتاجات متسرعة. ويحذر إيف جونو، رئيس قسم تحليل سوق العمل والوضع الاقتصادي في المعهد الوطني للإحصاء والدراسات الاقتصادية، قائلاً: سيتعين علينا الانتظار بضعة أشهر قبل الحديث عن تحول محتمل، وربما يكون الارتفاع القوي في التوظيف قد انتهى، وقد يكون هناك استقرار أو انخفاض في المستقبل.
ويتخذ مراقبون آخرون مطلعين على الوضع الاقتصادي احتياطات أقل، ويراهنون على عكس الاتجاه. وهذا هو الحال، على سبيل المثال، بالنسبة لبنك فرنسا الذي يتوقع، في أحدث توقعاته حتى عام 2025، انخفاضاً معتدلاً في التوظيف.
وشدد البنك المركزي على أن معدل البطالة سيرتفع تدريجيا فوق أفق توقعاتنا ليصل إلى 7.8% في عام 2025، وهو مستوى أقل مما كان عليه قبل أزمة كوفيد.
وهناك دراسة تتوقع إلغاء 53000 وظيفة في عام 2024. ورأى المعهد الفرنسي للدراسات الاقتصادية أن النمو الضعيف في النشاط، وكذلك الانتعاش الجزئي لخسائر الإنتاجية السابقة، سيضربان ديناميكية التوظيف التي لوحظت في السنوات الأخيرة.
وعلى الرغم من هذا الإجماع القريب بين المتنبئين، لا تزال الحكومة تحافظ على توقعاتها المتفائلة نسبياً للاقتصاد الكلي، حيث ترى في أحدث الأرقام انخفاضاً مؤقتًا فقط.
وكان هذا متوقعا في سياق اتسم بالتوترات الجيوسياسية وسياسات زيادة أسعار الفائدة للحد من التضخم.