logo
اقتصاد

ضريبة الشركات تشعل صراعاً في الولايات المتحدة.. والخلاف يعادل تريليون دولار

ضريبة الشركات تشعل صراعاً في الولايات المتحدة.. والخلاف يعادل تريليون دولار
الرئيس الأميركي جو بايدن خلال إحدى محطات جولته الانتخابية في فيلادلفيا بولاية بنسلفانيا يوم 18 أبريل 2024، حيث جدد دعوته لزيادة الضرائب على الأميركيين الأثرياء والشركات الكبرى.المصدر: AFP
تاريخ النشر:17 يونيو 2024, 09:54 ص

تحول معدل ضريبة الشركات في الولايات المتحدة البالغ 21% إلى القضية المحورية في النقاش الضريبي الشامل لعام 2025، بظل تناقض وجهتي نظر الحزبين الرئيسيين في البلاد تجاهه، إذ سيرتفع المعدل إلى 28% على الأغلب إذا فاز الديمقراطيون بانتخابات نوفمبر المقبل، مع احتمال قوي بانخفاضه إلى 15% إذا نال الجمهوريون السلطة الكاملة.

ويكتسب معدل ضريبة الشركات أهمية استثنائية لآثاره الكبيرة على أرباح الشركات والإيرادات الفيدرالية، وتفوق كل نقطة مئوية في معدل الضريبة 130 مليار دولار من الإيرادات الضريبية على مدى 10 أعوام، ما يعني تبايناً يزيد على تريليون دولار بين مواقف الحزبين، وفق تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال".

وتتضمن خطة الرئيس بايدن رفع معدل الضريبة إلى 28% نمثل نصف تخفيضات معدل الضريبة التي أجراها الجمهوريون عام 2017، ما يدفع معدل ضريبة الشركات الأمريكية إلى الاقتراب من أعلى مستوياته بين الاقتصادات الكبرى. 

في المقابل، ورغم عدم استقرار الجمهوريين على خطة محددة بعد، إلا أن اتجاههم العام يشير إلى معدل 15%، ما يطابق أدنى مستوى منذ عام 1935، ويعزز الأرباح ويكافئ المساهمين. 

بدوره، أبلغ المرشح الرئاسي الجمهوري دونالد ترامب المديرين التنفيذيين للشركات الأسبوع الماضي، أنه يفضل معدل 20% لضريبة الشركات.

وتساءل الرئيس التنفيذي لشركة "بروكتر آند جامبل" لصناعة السلع الاستهلاكية جون مولر: "لماذا نريد أن نضع الشركات الأمريكية في وضع غير تنافسي؟ وإذا فعلنا ذلك، فلماذا نتوقع أننا سنجذب الاستثمارات إلى الولايات المتحدة؟". 

ويقود مولر جهود الدفاع عن السياسة الضريبية في "المائدة المستديرة للأعمال"، وهي مجموعة من المديرين التنفيذيين للشركات الكبرى، التقوا المرشح ترامب الأسبوع الماضي.

وتخطط المجموعة لحملة إنفاق مكونة من ثمانية أرقام للحفاظ على معدل 21% من ضريبة الشركات، وتوسيع نطاق تغييرات قانون الضرائب الدولي التي تنتهي بعد العام المقبل.

صراع تشريعي

يشكل الصراع حول معدل ضريبة الشركات جزءاً من مناقشات السياسة الضريبية الأوسع التي سيتناولها المشرعون العام المقبل، ومن المقرر أن تنتهي الأحكام الرئيسة لقانون الضرائب لعام 2017.

ومن القضايا الأخرى المطروحة على الطاولة: معدلات الضرائب للأفراد، وائتمان ضريبة الأطفال، وخصم الضرائب المحلية والضرائب المدفوعة للحكومات (SALT)، ومعدلات الضرائب على الشركات ذات الملكية الخاصة، وإعفاء ضريبة التركات.

وسبق للشركات الاستفادة من التخفيضات الضريبية خلال فترة ولاية ترامب الأولى، وستستفيد إذا فاز مجدداً، ففي عام 2017 طالبت العديد من الشركات بخفض معدل الضريبة على الشركات من 35% إلى 25%، مستهدفة الوصول إلى المستوى المتوسط بين الدول النظيرة.

ونجح ترامب والجمهوريون في الكونغرس في خفض المعدل إلى 21%، وعلى عكس الأجزاء الأخرى من القانون ذاته، فإن تخفيض أسعار ضريبة الشركات لا تنتهي صلاحيته. 

وحاول الجمهوريون إعطاء الشركات إشارة طويلة المدى بأنهم يستطيعون وضع الأرباح والاستثمارات في الولايات المتحدة عوضاً من بلدان أخرى والحصول على عوائد مماثلة بعد خصم الضرائب، لكن السياسة الضريبية لا تكون دائمة إلا بقدر استمرارية الأغلبية السياسية التي تبنيها. 

بدورهم، حاول الديمقراطيون رفع معدلات الضريبة على الشركات بعد توليهم السلطة، لكن الخطة فشلت وبقي المعدل عند 21%، رغم إنشائهم ضريبة الحد الأدنى المؤقتة للشركات 15% بشكل منفصل.

خيار سهل 

داخل الحزب الديمقراطي، يُعَد رفع الضريبة على الشركات من بين أسهل الخيارات السياسية، لأنه يولد مبالغ كبيرة لأولويات أخرى، فهو يتيح للديمقراطيين توجيه الاهتمام إلى الشركات التي استفادت من خفض الضرائب وبعد ذلك رفعت الأسعار.

ويعتبر الديمقراطيون أن انخفاض إيرادات الضرائب على الشركات الأميركية كنسبة من الاقتصاد بالمقارنة بالمستوى العالمي أمر مضلل، لأن الولايات المتحدة على عكس الدول الأخرى تفرض ضرائب بنسبة كبيرة من دخل الأعمال التجارية على الإقرارات الفردية للمالكين، وليس من خلال ضريبة الشركات.

ومن المتوقع أن تسهم ضريبة الشركات بنحو 8% من إجمالي إيرادات الولايات المتحدة في العقد المقبل، أي أقل بكثير من إيرادات ضرائب الدخل الفردي أو الضرائب على الرواتب والأجور، وفقا لمكتب الميزانية بـ"الكونغرس".

وتُعَد ضريبة الشركات إحدى أكثر الطرق التقدمية لجمع الإيرادات، حيث يقع الكثير من العبء على الأسر ذات الدخل الأعلى، ويتفق الاقتصاديون والهيئات الحكومية عموماً على أن المساهمين يتحملون في النهاية قسماً كبيراً من التكلفة، بينما يتحمل العمال والمستهلكون جزءاً منها أيضاً.

كما أنها إحدى الطرق القليلة التي تتيح للولايات المتحدة فرض ضرائب على المستثمرين الأجانب في الأوراق المالية الأمريكية والمنظمات غير الربحية ذات التبرعات الكبيرة المعفاة من الضرائب.

لكن قاعدة المساهمين تشمل أيضاً صناديق التقاعد، وبعض الأسر ذات الدخل المتوسط، لكن بايدن والديمقراطيين يقللون من تأثير الزيادات الضريبية على تلك الفئات، ولا يعتبرون هذه الزيادات بمثابة انتهاك لتعهد الرئيس بحماية الأسر التي يقل دخلها عن 400 ألف دولار من الزيادات الضريبية.

تأثير سلبي لرفع المعدل

يعتبر الجمهوريون والمديرون التنفيذيون أن معدل ضريبة الشركات البالغ 21% والتغييرات المصاحبة له على قواعد الضرائب الدولية ناجحة. 

ويشيرون إلى أن أي شركة أميركية لم تقم بالانعكاس الضريبي – أي اتخاذ عنوان أجنبي لتحقيق وفورات ضريبية – منذ عام 2017، ويحذرون من تأثير رفع معدل الضريبة سلباً على الاقتصاد.

 هذا التقييم يعكس تغييراً عما كان عليه الحال في السنوات القليلة الماضية، عندما قامت شركات مثل جونسون كونترولز وميدترونيك بالانعكاس الضريبي.

وقال جون مولر إن رفع معدل الضريبة الآن سيكون أكثر صعوبة مما كان عليه قبل 10 أعوام، لأن قانون عام 2017 وسّع القاعدة الضريبية وألغى الإعفاءات الضريبية مثل تلك المتعلقة بالتصنيع المحلي.

وبدأ المشرعون تواً في دراسة التناقضات داخل النظام الضريبي للشركات وقانون الضرائب بشكل عام.

اختلافات بين الديمقراطيين

لا يتفق بعض الديمقراطيين مع خطة بايدن برفع معدل الضريبة إلى 28%، فقد أعلن النائب ريتشارد نيل (ديمقراطي من ماساتشوستس) أنه لا يزال يفضل مشروع القانون الذي وافقت عليه لجنته عام 2021، والذي كان يتضمن معدلاً ضريبياً بنسبة 26.5%، إلى جانب تغييرات في الضرائب الدولية التي سعت إليها الشركات، وزيادة الحد الأدنى من الضرائب التي عارضتها. 

واعتبر أن النسبة ليست كل ما يهم الشركات، وان الخصومات والاستثناءات غالباً ما تصبح أكثر أهمية.

كما قال السيناتور مارك وارنر (ديمقراطي من فرجينيا) إنه لم يحسم موقفه بعد من مطالب بايدن بمعدل 28%، مضيفاً: "من المثير للاهتمام أن أسمع من بعض الرؤساء التنفيذيين للشركات الذين يدعون لمعدل ضريبي تنافسي، ولكنهم يشكون أيضاً من ديوننا البالغة 34 تريليون دولار“.

الجمهوريون بلا خطة ثابتة

أكد النائب جيسون سميث (جمهوري من ولاية ميسوري)، رئيس لجنة الطرق والوسائل، أن بعض الجمهوريين قد يرغبون برفع المعدل.

وقال النائب رالف نورمان (جمهوري عن ولاية كارولاينا الجنوبية): “سأذهب إلى مستوى أدنى، فالضرائب تتيح للناس إنفاق أموالهم الخاصة، وتحفز اقتصادنا."

وبقدر ما يشعر الجمهوريون بالقيود المفروضة بسبب عجز الميزانية، فقد يرغبون في تكثيف الاهتمام بالأجزاء الضريبية التي تنتهي صلاحيتها بالفعل، والتي تبلغ تكاليف تمديدها بالكامل 4 تريليونات دولار.

وقال النائب بن كلاين (جمهوري من فرجينيا): "لا أؤيد زيادة الضرائب. لست من محبي رفع معدل الضريبة. لن أدعم رفع المعدل، ولكن سيكون من السابق لأوانه أن أقول إنه ينبغي عدم إدراج معدل ضريبة الشركات وما هي عليه الآن ضمن النقاش".

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
تحميل تطبيق الهاتف
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC