خاص
خاصمدينة الكويت - رويترز

ميزانية الكويت مهددة بعجز كبير.. لكن للقصة بقية

خبراء يوضحون لـ إرم الاقتصادية الأسباب والحلول
توقعت وكالة ستاندرز آند بورز للتصنيفات الائتمانية أن يسجل اقتصاد دولة الكويت عجزاً كبيراً في الميزانية للسنة المالية 2023 - 2024، مدفوعاً بارتفاع النفقات على الرغم من ارتفاع أسعار النفط، حيث يعتبر النفط أحد أهم المقومات بالنسبة لاقتصاد دولة الكويت.

وأوضحت ستاندرز آند بورز، أن خلق وظائف جديدة في القطاع العام وعلاوات بدل الغلاء، والسماح للموظفين الحكوميين بتلقي بدلات نقدية مقابل أرصدة إجازاتهم ودفع المتأخرات المالية إلى وزارتي النفط والكهرباء جميعها ستؤدي إلى حدوث العجز.

وعلى الرغم من ذلك، نوهت الوكالة إلى أن الأوضاع المالية لدولة الكويت لا تزال قوية للغاية بسبب أصول الهيئة العامة للاستثمار، وانخفاض الديون الحكومية، والتي بلغت 5% فقط من الناتج المحلي الاجمالي في 2022.

وتوقعت الوكالة أن تقوم السلطات الكويتية على مدى العامين المقبلين بتبني إجراءات لتنويع مصادر الدخل.

أسباب توقع العجز

قال الخبير النفطي الكويتي كامل الحرمي، في تصريحات خاصة لـ "إرم الاقتصادية" إن أسباب توقع العجز تعود إلى الزيادة في النفقات والمصاريف، حيث إن الزيادة مستمرة في ميزانية تقريباً تتراوح كل عام بـمليار دينار كويتي (3 مليارات دولار).

وتابع المحلل النفطي كامل الحرمي، أن اعتماد الاقتصاد الكويتي المطلق على النفط، ولا يوجد حتى الآن أي إجراءات فعلية لتنويع مصادر الدخل، مشيراً إلى أن الاقتصاد الكويتي بحاجة إلى وصول سعر البرميل إلى 93 - 95 دولاراً لتفادي العجز، في حين أنه لا يوجد أي توقعات لحدوث طفرة في أسعار النفط، إلى جانب تراجع الإنتاج اليومي.

حلول تفادي العجز

يرى المحلل النفطي كامل الحرمي، أنه لا يرى أي آمال في تفادي العجز المتوقع من وكالة ستاندرد آند بورز والبالغ 14%، وذلك بسبب عدم اتخاذ إجراءات جدية فيما يخص الإصلاحات الاقتصادية والتنوع الاقتصادي.

وأكد أن الحكومة تقوم بالعديد من الإجراءات التي تثقل كاهل الميزانية مثل زيادة الرواتب ودعومات غلاء المعيشة، إلى جانب دعومات الوقود التي تصل إلى 2 مليار دينار سنوياً، وزيادة معاشات المتقاعدين إلى ألف دينار كويتي للفرد.

وأوضح أن أحد الحلول المطروحة هو رفع أسعار الوقود والكهرباء وتثبيت الدعومات وعدم زيادتها، إلى جانب تخصيص القطاع النفطي وتحويله إلى شركات مساهمة عامة عن طريق طرح القطاع في أسواق المال، وفرض القيمة المضافة كبقية دول مجلس التعاون الخليجي، منوهاً إلى أن المالية الكويتية قوية ليس فقط في الصندوق السيادي لكن أيضا في السيولة إذا ما دعت الحاجة مثلا خصخصة القطاع النفطي.

أحد الحلول المطروحة لتفادي العجز: "رفع أسعار الوقود والكهرباء وتثبيت الدعومات، إلى جانب تخصيص القطاع النفطي وتحويله إلى شركات مساهمة عامة.
كامل الحرمي - محلل نفطي

ومن ناحيته، أوضح المحلل الاقتصادي الكويتي محمد رمضان في تصريحات خاصة لـ إرم الاقتصادية، أن أكثر من 80% من المواطنين العاملين في القطاع الحكومي، وسط تزايد الأعداد السكانية، وبالتالي فإن الحكومة الكويتية تدفع الرواتب لـ 80% من المواطنين في سوق العمل، وبالتالي فإن هذا الإنفاق قد لا يماثل الارتفاعات في أسعار النفط أو الإيرادات النفطية مما يؤدي إلى عجز في الميزانية.

إيرادات صندوق الأجيال

وأوضح أن إيرادات صندوق الأجيال كبيرة جداً حيث يصل حجم الصندوق السيادي إلى 600 مليار دولار، فلو تم جمعها مع إيرادات النفط ستكون الفوائد كبيرة جداً، إلا أن تلك الإيرادات لا تدخل في حسبة الميزانية.

وتابع أن هناك حاجة ملحة لتنويع مصادر السيولة في الاقتصاد الكويتي، إلى جانب ضرورة إقرار قانون الدين العام.

ونوه أن الوضع المالي في الكويت قوي جداً، إلا أن الميزانية تحسب بطريقة معينة مبنية فقط على إيرادات النفط، حيث إن طريقة حساب الميزانية تجعلها دائما في عجز حتى لو تم تحقيق فوائض بعد ذلك، مشيراً إلى أن هذا العجز لا يعكس حقيقة الوضع المالي القوي للدولة.

وأوضح أنه من الضروري حصول تنمية اقتصادية لتقليل الإنفاق الحكومي، حيث إن كلمة (العجز) تؤثر بالسلب على مفهوم التنمية، مشيراً إلى أن العجز لا يحسب من جميع إيرادات ومصادر الدولة، وبالتالي فإن العجز يقلص الإنفاق الحكومي عوضا عن تحويله إلى إنفاق تنموي.

وأكد أن الإيرادات التي يضمها احتياطي أجيال تمثل إيرادات كبيرة جدا من مصادر غير نفطية، إلا أن عدم احتسابها من الميزانية يقلص الإنفاق الحكومي لتحقيق التنمية الاقتصادية.

الوضع المالي في الكويت قوي جداً إلا أن الميزانية تحسب بطريقة معينة مبنية فقط على إيرادات النفط.
محمد رمضان - خبير اقتصادي
غياب التنوع الاقتصادي

يواجه الاقتصاد الكويتي على الرغم من تعافيه السريع من آثار الجائحة، معضلة غياب التنوع الاقتصادي، والاعتماد الأساسي على النفط، وعدم وجود مصادر متنوعة للدخل، على الرغم من التحذيرات والتوصيات التي لطالما أطلقها صندوق النقد الدولي محذراً من مخاطر كبيرة تهدد الاقتصاد الكويتي لاسيما فيما يتعلق بالتأخير في تطبيق الإصلاحات.

ولعل إحدى أهم العقبات التي تعيق حدوث الإصلاحات الاقتصادية، الجمود السياسي الذي يعيق إجراء إصلاحات اقتصادية لمواكبة ومجاراة الدول المجاورة، حيث واجهت الكويت السنوات الأخيرة العديد من الخلافات بين السلطة التنفيذية والبرلمان التي نتج عنها العديد من الاستقالات المتكررة للحكومات وحل مجلس الأمة.

وفي إطار سعي الحكومة الكويتية لاستحداث خطط لتنويع مصادر الدخل، كشف مؤخراً وزير المالية الكويتي فهد الجارلله، أن الحكومة بصدد البدء في إطار تنفيذ المشاريع الواردة في برنامج عمل الحكومة، حيث تتجه لفرض رسوم جديدة مقابل الانتفاع من المرافق والخدمات العامة، مع التأكيد على الجهات الحكومية ذات الصلة في حال تسعير خدماتها وجود الأداة القانونية المناسبة لفرض الرسوم، وفقاً لما نقلته صحف كويتية.

وقدم خبراء صندوق النقد الدولي في يونيو الماضي، عددا من التوصيات للاقتصاد الكويتي، منها ضبط أوضاع المالية العامة وعلى وجه الخصوص الإنفاق العام والإيرادات غير النفطية إلى جانب الحد من الإنفاق الجاري، وترشيد وتقليص أجور القطاع العام، والتخلص التدريجي من الدعم الكبير للطاقة مع استبدالهم بدعم الدخل المستهدف للأسر محدودة الدخل.

إقرأ أيضاً: خبراء لـ "إرم": تنويع اقتصاد الكويت يواجه تحديات معقدة

كما يرى الخبراء، أن أفضل الطرق لزيادة الإيرادات غير النفطية، فرض ضريبة القيمة المضافة بنسبة 5%، وفرض الضرائب الانتقائية على التبغ والمشروبات السكرية، وتوسيع ضريبة دخل الشركات بنسبة 15% لتشمل الشركات المحلية.

وتوقع الخبراء تراجع فائض الموازنة العامة للسنة المالية 2023 - 2024، إلى نحو 6.9% من إجمالي الناتج المحلي في عام 2023، ثم يستمر الانخفاض بشكل ثابت بعد ذلك لتسجيل عجز مالي على المدى المتوسط في السنة المالية 2027 -2028.

وقال المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي، إن الناتج المحلي الإجمالي من المتوقع أن يتباطأ إلى 0.1% هذا العام، وأضاف أن حل الجمود السياسي سيدعم الإصلاحات الاقتصادية ويسرعها. 

Related Stories

No stories found.
إرم الاقتصادية
www.erembusiness.com